عبد الحليم فضل الله*
تبين المقارنة بين البرنامج الاقتصادي المقدم لمؤتمر باريس 3 وتقرير لبعثة صندوق النقد الدولي أُعدّ بتاريخ 30/11/2006 ووُزّع على نطاق محدود، تبنّي الحكومة لسيناريوهات الصندوق حول التصحيح المالي، مع إضافات مسهبة غرضها على ما يبدو التعامل مع المأخذ التقليدي على السياسات «الإصلاحية» وهو أنها لا تلامس الجوهر الاجتماعي والاقتصادي للأزمة. وفيما يكتفي البرنامج الرسمي بعرض شروحات عامة عن خطط الحكومة في ميادين تحفيز النمو وإصلاح القطاع الاجتماعي وتحسين بيئة عمل القطاعات الانتاجية، كان محدداً أكثر في التعامل مع التصحيحات الهيكلية في مجالي المالية العامة والخصخصة وخفض حجم القطاع العام، ما يدل على أن الهاجس الفعلي هو تقديم التزامات واضحة للدول الراعية على صعيد خفض عجز الخزانة وإعادة النظر في دور الدولة ونطاق عملها.
غير أن إدراج التوصيات المتعلقة بالنمو والانتاج والدعم الاجتماعي على النحو الوارد في البرنامج يتضمن خللاً منهجياً، لناحية الدمج بين مسارين للتصحيح: قصير الأمد (مالي ــ نقدي)، وطويل الأمد (اقتصادي ــ اجتماعي)، ولجهة وضع نوعين من التدابير في سياق واحد: الإجراءات المباشرة ذات النتائج شبه المؤكدة (زيادة الضرائب، خفض النفقات، بيع مرافق عامة...)، والسياسات العامة التي تشبه إعلان النيات (الاستراتيجية الاجتماعية، إصلاح نظام التقاعد، الإنماء المتوازن..) والتي لا يتوقع لها أن تفضي إلى نتيجة في ظل التوازنات القائمة ومن دون مساومات اجتماعية وسياسيّة شاقّة. بكلمة أخرى يريد البرنامج من وراء الجمع بين الأهداف المالية والاجتماعية والنقدية والاقتصادية، التلميح إلى أن الاجراءات المؤلمة التي يتضمنها ستترافق مع سياسات مساندة تساعد على تحمّل تبعاتها، لكن المفارقة هي أن نتائج الأولى فورية بينما الثانية لن تظهر نتائجها إن ظهرت، إلا على مدى بعيد.
تتيح لنا المقارنة بين البرنامج الرسمي والتقرير المرجعي الموجّه من الصندوق إلى الحكومة أيضاً، التدقيق في التقديرات الحكومية المعلنة واستكمال المعلومات عن الجوانب غير المعلنة من البرنامج، فغالباً ما تتوخى الحكومة الوضوح والدقة والتحفظ في التعامل مع المؤسسات الدولية والجهات المانحة، على خلاف تعاملها مع الرأي العام، ويظهر ذلك على نحو خاص في الأمور التالية ذات الدلالة:
ــ تضخيم خسائر عدوان تموز. يستغل البرنامج الخسائر الناتجة من العدوان، لتحميل الحرب الأخيرة مسؤولية لا يستهان بها عن تفاقم أزمة المالية الحكومية التي تعدى عمرها خمس عشرة سنة، وبالتالي عن الارتفاع القياسي للدين العام إلى الناتج المحلي GDP، وفي ذلك ما لا يخفى من التوظيف السياسي المقصود للبيانات الاقتصادية.
تقدر الحكومة في برنامجها حاجات التمويل الإضافية التراكمية خلال السنوات 2006 و2010 بما يساوي 6006 ملايين دولار أميركي، من بينها حوالى 3600 مليون د.أ نفقات جارية ورأسمالية إضافية، وينخفض هذا الرقم إلى 2800 مليون د.أ في مكان آخر من البرنامج نفسه. لكن التقديرات الرسمية التي حصل عليها صندوق النقد تظهر أنّ مجمل خسائر الحرب لا تتعدى 2 مليار دولار أميركي، من بينها 1480 مليون د.أ مترتبة على الخزانة. وهذا المبلغ يعادل تقريباً المساعدات العربية والأجنبية التي تلقاها لبنان أو تلقى وعوداً في شأنها، إن لم يقلّ عنها.
ــ لم يفصح البرنامج عن الخطوات التفصيليّة التي سيقوم بها في مجال الخصخصة، مع أن تقرير الصندوق كان واضحاً في أن المقصود هو خصخصة ما يساوي 60% من الهاتف الخلوي في عام 2007 و40% من الهاتف الثابت في عام 2008، ما يعني خفضاً في إيرادات الخزانة يساوي بحسب IMF 2.3% من الناتج المحلي سنوياً، أي ما يقارب 515 مليون دولار في السنة الأولى للخصخصة، في مقابل عائدات لمرة واحدة تراوح بين 3 و4.5 مليار $.
ربما أرادت الحكومة من وراء غموضها المقصود في هذا المجال أن تتجنب مشقة الإجابة عن أسئلة صعبة عن: الجدوى المالية لهذه العملية على اعتبار أن الوفر في نفقات خدمة الدين العام فيما لو استعملت حصيلة الخصخصة في إطفاء الدين، سيكون أقل من الإيرادات التي ستفقدها الحكومة من جراء الخصخصة. مع العلم أنّ النقص في إيرادات الخزانة في هذا الصدد يفوق تقديرات الصندوق ليصل إلى أكثر من 3.1% من الناتج (ما يقارب 700 مليون $) في السنوات الأولى قبل أن يتصاعد بعد ذلك باطّراد، باعتبار أن النمو المتوقع للقطاع هو أعلى من النمو المتوقع للناتج المحلي.
ويضاف إلى ما تقدّم قلّة عائدات الخصخصة نفسها، التي تعادل على أفضل تقدير 54% فقط من العائدات المطلوبة لكي يتساوى الوفر المتأتي من البيع مع التراجع في عائدات الخزانة، فيما تتدنى عن ذلك لتصل إلى حوالى 46% من القيمة الحالية للتحويلات من القطاع للخزانة خلال الـ20 سنة المقبلة محسومة بسعر فائدة حقيقي يعادل 8%. أي إن عملية البيع بالعوائد التي يذكرها تقرير الصندوق لن تكون البتّة عادلة أو مجزية مالياً، إلاّ إذا تجاوزت الحصيلة 10 مليار $ خلال سنتين.
يتجاهل البرنامج الحكومي أيضاً، تقديم ضمانات تكفل مراعاة الشروط الإدارية والاقتصادية والاجتماعية للخصخصة وتلافي «الأخطاء» الفادحة التي ارتكبت في التسعينيات. وعلى خلاف المعروف فإنّ إدارة الدولة لعملية نقل ملكية مرفق معين، لا تقل صعوبة عن إدارة المرفق نفسه، حتى في الدول المتقدمة (مثلاً: جوزيف ستيغلز 2004). وتظهر التجارب أنّ التوافق على مبدأ البيع ليس سوى البداية، فإتمام العملية على الوجه الصحيح يتطلب سلسلة من المساومات اللاحقة تستلزم بدورها إدارة حديثة ونزيهة قادرة على الرقابة والتحكم، بدءاً من عملية البيع نفسها، مروراً بالتأكد من التزام الجهات المستثمرة بالشروط الفنية والقانونية، والمواءمة ما بين أهداف القطاع الخاص المسيّر للقطاع بعد تملّكه والأهداف الاجتماعية والاقتصادية العامة، وانتهاءً بالحيلولة دون تحويل الاحتكار العام إلى احتكار خاص. الجدير ذكره أنّ إطلاق المنافسة في قطاع الخلوي لا يكون ممكناً قبل الوصول إلى معدل اختراق في السوق يساوي 40% أي ما يقارب ضعف المعدّل المسجّل في لبنان حاليّاً.
ــ يتعمد البرنامج الرسمي عدم ذكر الحصيلة المتوقعة للضرائب الجديدة المقترحة، للتقليل ربما من وقعها على الفئات الشعبيّة، بينما ترد هذه التقديرات مفصلة في ورقة الـIMF التي تكشف عن أن:
¶* عائدات رفع الضريبة على القيمة المضافة بمقدار 2% خلال الفترة 2008-2009 و5% في السنوات التالية، ستكون بمعدل 2.8% من GDP كمعدل سنوي للفترة 2007-2011 ، أي إنّ كل زيادة مقدارها نقطة واحدة في هذه الضريبة يقابلها اقتطاع 1.15 نقطة من الناتج. وهذا يدل على أن الأثر التوزيعي التنازلي للضريبة كبير جداً على الرغم من استثناء بعض السلع الضرورية، وهناك ثلاثة أسباب تقلّل من فعالية تلك الإعفاءات: الأول: الخلل في تحديد سلة السلع الأساسيّة ووجود خلط بين السلع الضرورية والسلع الأساسيّة، مع اعتماد تقديرات غير واقعية لوزن بنود الإنفاق في سلّة الاستهلاك المعتمدة. الثاني: المواد المستثناة نفسها لن تكون بمنأى عن أثر الضريبة لكون مُدخلات إنتاجها غير معفاة من الضريبة (مثلاً المحروقات بالنسبة إلى صناعة الرغيف)، فينحصر بالتالي أثر الإعفاء في المرحلة الأخيرة من الإنتاج فقط. الثالث: حجم الاستهلاك خصوصاً للفئات الشعبية، هو أعلى من الدخل، ويؤدي الادخار السالب كما هو معروف إلى مضاعفة عبء ضرائب الاستهلاك.
¶ * حصيلة استرجاع الدولة للرسم الداخلي على المحروقات تدريجاً، ستكون في المتوسط 1.3% من GDP، وهذا يعني أنّ سعر صفيحة البنزين سيزيد عشرة آلاف ليرة لبنانية على الأقل فيما لو بقيت أسعار النفط على حالها، وترتفع هذه الزيادة إلى حوالى 14 ألفاً إذا لحظنا الارتفاع المرجّح في أسعار النفط العالميّة في السنوات الخمس المقبلة.
وإذا أضفنا إلى ذلك النتائج المترتبة على رفع الضريبة على فوائد الودائع وخفض فاتورة الأجور في القطاع العام وتحويل ما يقارب 3% من الناتج المحلي من الحكومة إلى المالكين الاحتكاريين للأجزاء المخصخصة من قطاع الاتصالات، فإنّ النتائج المالية لتطبيق البرنامج الاقتصادي المقترح ستكون:
1 ــ اقتطاع إضافي من الناتج مقداره 6% من GDP في بداية الفترة، ويرتفع إلى 7% في آخرها. الجزء الأكبر من هذا الاقتطاع هو ضرائب غير مباشرة تطال الاستهلاك بما فيه الاستهلاك غير المرتبط بالدخل والممول غالباً بالتحويلات من الخارج أو بالديون بالنسبة إلى الفئات الاجتماعيّة الأدنى دخلاً.
2 ــ تقلص التحويلات إلى ذوي الدخل المحدود بحوالى 2.5%.
3 ــ زيادة التحويلات إلى الأعلى دخلاً بحوالى 3%.
والمحصلة هي توسيع هامش التوزيع غير العادل بما يقارب 12.5% من الناتج. وفي الوقت نفسه خفض الدخل المتاح بحوالى 10%، ما يؤثر سلباً في عدالة توزيع المداخيل، مع العلم أنّ معامل GINI الذي يقيس مستوى عدم عدالة توزيع المداخيل، هو الأسوأ في لبنان بالمقارنة مع الدول العربية ومنطقة MENA.
ثم إنّ تمويل البنوك لعملية الخصخصة كما يقترح تقرير IMF يشكل محاولة لتعويض المصارف عن أرباحها الفائتة جراء تسديد جزء من الدين العام، لكن الأكثر ترجيحاً هو دخول مستثمرين من الخارج إلى القطاع، ما يضع الجهاز المصرفي أمام مشكلة سيولة زائدة، ويتوقع أن يعمد إلى توظيفها إمّا في مجالات ريعية وإنتاج خدمات غير قابلة للتصدير، فتزيد من تشويه بنية الأسعار وترفع مرة أخرى سعر الصرف الحقيقي، وإما أن توظف في الخارج ما يحرم القطاعات المنتجة من تمويل داخلي مجز، ويؤثر سلباً في ميزان المدفوعات.وتؤكد المقارنة ما بين البرنامج الرسمي وتقرير IMF، الأساس التقني المالي ــ النقدي للبرنامج، وتمسكه برؤية محاسبيّة لم تؤدّ في السابق إلاّ إلى مزيد من التدهور، فيما اقتصر الأمر بالنسبة إلى هدفي تحفيز النمو ودعم القطاعات الاجتماعيّة على إعلان نيات تكررت في أدبيات الإصلاح، مع ملاحظة التالي:
¶* معظم الأهداف الفرعية في مجال النمو اقتصرت على إزالة العقبات الإدارية التي يضعها القطاع العام أمام القطاع الخاص والقطاعات المنتجة، من دون وجود مبادرات أكثر تأثيراً. أي إن الورقة تعتمد التدخل السلبي لا التدخل الايجابي في إطلاق النمو.
¶ * على الصعيد الاجتماعي هناك محاولة عامة لرفع سقف التوقعات، لكن السياسات المحددة بوضوح لا ترتبط بتحقيق الهدف الرئيسي وهو تحسين المؤشرات الاجتماعيّة، ومن بينها: دمج الصناديق، وهو على أهميته تدبير مالي، والاكتفاء بوضع مبادئ لتطوير الضمان الاجتماعي. وهنا نتلمس ملامح تراجع عن التقدم الذي أحرز في مشروع الحماية الاجتماعية والتقاعد المحال على مجلس النواب، وهو ما يكشف عن وجود نية تغليب الطابع الترسملي في الضمان الاجتماعي على إعادة التوزيع، وصولاً ربما إلى الخصخصة، وقد دفع هذا الأمر بعض ممثلي البنك الدولي نفسه إلى التحذير من مغبة تدمير ما يسميها شبكات الأمان بدلاً من إصلاحها وتوسيعها.
لا يتطلب الأمر بالنتيجة الاطلاع على ورقة الـIMF حتى نكتشف أن جوهر البرنامج هو تمرير سلسلة من التدابير الماليّة خارج خطة جديّة للإصلاح، وإعادة النظر جذرياً في دور الدولة على أكثر من صعيد:
ــ اجتماعياً، بتصعيد عمليات إعادة التوزيع المعاكس لتستعيد زخم التسعينيات بعد التحسن الطفيف الذي حدث في السنوات الأخيرة.
ــ اقتصادياً، عبر إعادة النظر في وظيفة الدولة على صعيد التوزيع من خلال تجميد الأجور، وتقليص حجم القطاع العام بما مقداره حوالى 20% (مع العلم أن شواغر الإدارة تبلغ حوالى 45%)، هذا من دون مراجعة دورها على صعيد الانتاج، والمفترض أن يتمثل في توجيه جزء من التدفقات المالية الموعودة لإحداث صدمة نمو تساعد على استيعاب أعباء الدين.
ــ إنمائياً عبر إغلاق الصناديق وتقليص التوزيع التعويضي وتجميد النفقات الاستثمارية عند سقف يكاد لا يغطي تكاليف الصيانة السنوية للبنية التحتيّة. وإذا كان بعض هذه التدابير مطلوباً فإنّ البرنامج لا يفصح عن الآلية المؤسسيّة التي سيتم من خلالها تحقيق هدف الإنماء المتوازن الذي تعيد الورقة التذكير به، والذي يتطلب ربما إعادة نظر جذرية في وظائف مجلس الإنماء والإعمار ليركز أكثر على التخطيط للتنمية والتقدم في اتجاه إقرار اللامركزية الإدارية بطرق تكفل توزيعاً عادلاً أكثر للموارد.
ولو أعدنا تركيب الصورة الأصلية للورقة عبر الربط بين إجراءاتها القابلة للتنفيذ وشروحاتها الممهّدة لتوصياتها العمليّة، لوجدنا أنها:
ــ تقدم تفسيراً منقوصاً ومستهجناً لأسباب الأزمة المزمنة، فتضخّم من نتائج الحرب كما سبقت الإشارة وتغفل أسباباً جوهرية من بينها: سياسة فوائد غير منضبطة أدت في التسعينيات إلى مضاعفة الدين العام مرة واحدة على الأقل حسب تقديرات البنك الدولي، الإنفاق خارج الموازنة من دون مبرر، سياسات ضريبيّة خاطئة، والهدر الاستثماري وخصوصاً في قطاعي الكهرباء والطرق، وقد أظهرت عمليات إعادة بناء بعض الجسور التي دمرها العدوان أن كلفة تشييدها في التسعينيات تساوي 4 إلى 5 أضعاف الكلفة الفعليّة، ويمكن التحقق من ذلك بالمقارنة بين تقديرات الحكومة لكلفة إعادة إعمار البنى التحتيّة من جهة، وتقديرات الجهات الدولية أو قيمة العقود المبرمة أخيراً من جهة أخرى.
إن صرف الانتباه عن الأسباب الحقيقيّة للأزمة يرمي إلى أمرين: الأول: الإيحاء بوجود تضارب بين خيار المقاومة والدفاع عن الاستقلال، وخيار الإعمار والنمو والتنمية، على خلاف المعادلة التي نجحت الحكومة والمقاومة في إرسائها طوال التسعينيات. والثاني: تكريس التوزيع غير المتوازن لأثمان الخروج من الأزمة بحيث تستمر الفئات الأضعف في تحمّل اقتطاعات تفوق قدرتها على التحمّل، وبالتالي تبرير تنصّل الدولة المستمر من التأسيس لعقد اجتماعي جديد يكفل الخروج من الأزمة بأقل قدر من الآلام والتعسف.
ــ التمهيد للانتقال من اقتصاد يعتمد على التدفقات من الخارج لعوامل متعددة (استثمارات عقارية، قروض من الأسواق المالية الدوليّة، فروقات فوائد)، إلى اقتصاد يعتمد على الإعانات والمساعدات المستمرة، ولا يتوقع لهذا الأمر أن يستمر فترة طويلة، فلبنان ينضم شيئاً فشيئاً إلى نادي «الدول المتعثّرة» التي لا يمكن الدول الكبرى نفسها تحمّل تبعة إخراجها من الأزمة.
ــ الإصرار على المقاربة المالية ــ النقدية التي أثبتت فشلها وعقمها في التعامل مع الأزمة، بدلاً من المقاربة الاقتصادية ــ المالية التي تقوم على تراتبية جديدة للأهداف. مع العلم أنّ تنفيذ كل بنود البرنامج المطروح لن يؤدي إلى قلب اتجاه ديناميكيّة الدين ما لم يتم تكبير حجم الاقتصاد بمعدلات نمو مرتفعة، وهو ما يستلزم تدخلاً حكومياً فورياً في معالجة أوضاع القطاعات المأزومة وتنظيم الانتاج وخفض التكاليف وزيادة الطاقة التصديريّة للاقتصاد.
على أن أكثر ما يثير الانتباه، محاولة البرنامج استثمار التحولات السياسية المستجدة منذ سنتين، لنقض التسوية الضمنية التي سادت بعد الطائف وقامت في حينه على أساس أن الإبقاء على النموذج الاقتصادي اللبناني المبني على المزاوجة بين الليبرالية المفرطة والاحتكار وتحقيق مصالح أقلية معروفة، يتطلب مقايضة مع الفئات الجديدة الصاعدة والمنتقلة بقوة من هامش الحياة السياسيّة إلى مركزها.
* نائب رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق