إلى وزير العدل
  • غادة عيد ــ معدّة برنامج الفساد ومقدّمته


    بعدما أوضح وزير الإعلام غازي العريضي أنه غير معنيّ بما نسب إليه من حديث داخل جلسة مجلس الوزراء وما نشرته جريدة الأخبار الغراء بخصوص ضبط الحريات والقيود الإعلامية والكفاية المطلوبة للذين يظهرون على المنابر، فإن الرد يوجّه الى وزير العدل شارل رزق الذي لم ينف ما ورد عنه بخصوص تقويمه أهداف برنامج الفساد وهي حسب قوله شنّ حملة على القضاء وتعليقه على موضوع الصحافيين غير المسجّلين في جدول نقابة المحررين.
    فيا معالي وزير العدل، ليتك تنبّهت الى برنامج الفساد الذي يستضيف خيرة رجال القانون والسياسة والإعلام والإصلاح في لبنان، فطلبت من النيابة العامة وبخاصة النيابة العامة التمييزية التحقيق في شأن ما ورد في مضمون البرنامج عن ارتكابات مالية خطيرة، كان آخرها تصديق رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي تواليه اليوم على حساب أمانتك للجهة السياسية التي أوصلتك الى الحكم، تصديقه على عقد أشغال غير قانوني صادر عن الهيئة العليا للإغاثة، وهو ليس العقد الأول ولا الأخير على هذه «الشاكلة» التي تنتهك أصول التلزيم وصرف المال العام.
    وفي صدد تعداد المخالفات والتجاوزات المالية الخطيرة التي أشار إليها برنامج الفساد، التي كان الأولى بك وزيراً للعدل أن تطلب التدقيق فيها، أو محاكمة معدّة البرنامج ومقدّمته لاقترافها ذنب القدح والذم والتشهير بمسؤولين وشخصيات رفيعة المستوى في حال ثبوت أن ما تضمنه البرنامج منافٍ للحقائق الكاملة. وإذا كان التزامك السياسي الذي كشفت القناع عنه أخيراً، يا معالي الوزير، يجعلك غير قابل لمتابعة ملفات الفساد والمطالبة بملاحقتها وفقاً لما تقتضيه مسؤولياتك السياسية والمعنوية تجاه النيابة العامة لكونك وزيراً للعدل، فلن نطلب منك أن تكون محرجاً تجاه أوليائك الجدد في السياسة، لكن أقله لا ننتظر منك الهجوم على برنامج أهدافه وطنية بامتياز بشهادة جمهوره وحماسة الذين يشاركون فيه، وهم مواطنون وحقوقيون وسياسيون وإداريون وإعلاميون لهم ما لهم من رصيد الصدقية والوطنية والتزام قضايا مجتمعهم، وذلك بدلاً من أن تعتبر أن ما ورد في البرنامج هو حملة على القضاء وذلك في سياق متابعة استثنائية لقضية زملائنا الموقوفين: فراس حاطوم، عبد خياط ومحمد بربر، ونحن نتوخّى انتصار القضاء وغلبة العدالة. فيا للغرابة أن يطلب منا الصمت، وكأننا لم نتحرر بعد من قيود الوصاية الأمنية السورية التي نزل فريقك السياسي الذي انتميت إليه حديثاً الى الشارع من أجل التحرر منها بعدما كان هو المساهم الأول في فرضها على اللبنانيين، والمقصود طبعاً قيادة هذا الفريق أي رئاسة «الأكثرية النيابية».
    فهل أنت يا معالي الوزير تعطي إشارة الى القضاء كي يتحرك في خصوص برنامج الفساد عندما تقول «بأن ما يدور فيه يقع في مضمونه تحت طائلة القانون». اذا كان هذا هو المقصود، فاعلم يا معالي الوزير أن هذا البرنامج بما يتضمنه من تعبير عن بعض الناس هو أكبر من أي محاولة قمع لأنه لكل الناس الى أي فريق سياسي انتموا، وليس لأنه فوق القانون.
    ... وبعد، يا معالي الوزير
    هل تستذكر شبابك وصلة لك بالإعلام، حيث تشهد جداول رواتبك في الوكالة الوطنية للإعلام، قبل أن تصبح مديراً عاماً للوزارة، ومن بعدها لمحطة تلفزيون لبنان الرسمية، إنها محطة مضى عليها زمن طويل، وها أنت اليوم في موقع رفيع المستوى بعد طول نضال سياسي شهابي النشأة، فرنسيّ الالتفاتة والهوى، لكنك مدين بهذا الموقع الذي أنت فيه اليوم لرئيس جمهورية تراه نادماً على اختياره لك، كما أنك مدين أيضاً لتوافق تم أثناء تأليف الحكومة ساهمت أنت في انهياره لاحقاً بفعل انقلابك الموقعي. والمستغرب، يا معالي الوزير، انك لا تدرك أن الآلاف من الذين دأبوا على دراسة الإعلام في الجامعات، لأنهم لا يريدون أن يكونوا دخلاء على المهنة، لا ينتسبون الى النقابة، لكن، في كل الأحوال، تبدو كأنك غير مدرك للواقع القانوني الذي لا يلزم الصحافي بالانتماء الى نقابة. فالقانون يدافع عن الأشخاص كأفراد متساوين في الحقوق والواجبات، ولا يميّز بين مواطن منتسب الى نقابة وآخر غير منتسب.
    ويكفي الإعلاميين أن بعضهم لم يزر عنجر ويسمع أوامر غازي كنعان ورستم غزالي من بعده، بل ناضل من أجل انسحاب الجيش السوري من لبنان بالإمكانات المتوافرة لديه.
    ويكفينا في برنامج الفساد فخراً أننا نطل على جمهورنا في لبنان والعالم العربي من محطة لا تخذلنا مع الناس. ونحن أحرار في إيصال صوتهم من دون «مونتاج» ومهما كان الثمن. ويكفينا عزاءً أن في لبنان إعلاماً كمحطة «new tv» يلفّه الرداء الوطني، أي العلم اللبناني بامتياز. وهذا ما سيحبط كل محاولات القمع التي بدأت يا معالي الوزير أنت وبعض الوزراء ومعلمك الجديد الرئيس السنيورة تلوّحون بها.