أزمة كبيرةبسام نوفل ضو

من الواضح أنّ لبنان يمُر بأزمة كبيرة، والكل يُجمع على حراجة الوضع وخطورته. أزمة توحي بانقسام كبير وتقاذف للاتهامات بين معارضة وموالاة قسّمت الشارع والناس ونكاد ندخل المجهول. هل نحن اليوم في وطن أم في إمارة يُسيطر عليها بغفلة من الزمن أثرياء وإقطاعيون؟ كلهم ساهموا في تصرفات أهل النظام ودعموهم، وكلهم استأثروا بمقدرات الوطن، من السلطة التشريعية إلى التنفيذية إلى الإجرائية، خروق دستورية لا تُحصى تتواصل وتستخفّ بعقول اللبنانيين.
أمّا قوى المعارضة فنذكرها اليوم وهي تقدّم مفتاح وبندقية مدينة بيروت لحاكم لبنان المغفور له اللواء غازي كنعان عربون وفاء لتضحياته في لبنان... وإذا نظرنا إلى تركيبة هذه المعارضة نراها مزيجاً من شخصيات مُتناحرة مُختلفة الطباع والتوجهات هادنت سوريا طوال فترة الوصاية، على حساب الوطن والمؤسسات، وتُحاضر اليوم بالعفة والأخلاق وتُعطينا دروساً في الوطنيّة والأصول في ممارسة الدستور... لا حاجة لأيّ مواطن إلى اتهام الدول الغربية بتدخلها في الشؤون اللبنانية، إذ إنّ أصحاب المعالي والنواب ورؤساء الكتل يزورون السفارت أكثر مما يزورون منازلهم وهذه هي حالهم منذ زمن الوصاية السورية، إنهم أُناس تعودوا الذّل والارتهان ويطلبون منّا أن نُصدقهم أنهم معارضة في سبيل غد أفضل...
جماعة السلطة يُمارسونها بدرجات من الفساد الوقح وغير القانوني. فعلى سبيل المثال، بعض الوزراء في الحكومة الحالية يُلزّم أعمالا تتعلّق بوزارته إلى شركات يملكها، ناهيك عن وزراء يتسلمون مُساعدات حكومية خارجية ليتصرفوا بها على أساس مُساعدات باسم الكتلة التي ينتمون إليها، فيما دول تتريث في إرسال مُساعدات مالية في انتظار عملية الإصلاح المالي خوفاً من الاختلاسات، هل أجابت الحكومة اللبنانية الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى إعلامه عن المشاريع التي يُمكنه المُساهمة بتنفيذها بنفسه؟ كلها أمور تُقلق بال اللبنانيين وتزيد من حالات اليأس والقنوط...
لن يكون هُناك بعد اليوم هيمنة من أكثرية وهمية دخلت المُعترك السياسي في لحظات غدر، ولن يكون هُناك بعد اليوم مُعارضة مُفلسة مُتقاعسة، بل ستكون أمّة عظيمة تولد من رحم الأحزان لتعيد الحق إلى أصحابه.


تحية من فنزويلا إلى مقاومة لبنان
عيسى كمال - فنزويللا


منذ نشأة الرأسمالية وهي تشهد صراعاً محتدماً بين السياسة الامبريالية التوسعية من جهة وبين السياسة الرافضة لهذه الهيمنة. ويعتقد كارل ماركس استناداً الى الفكرة الهيغلية، أن هذا التناقض بين هاتين الفكرتين هو الذي سيوّلد المجتمع الشيوعي على عدة مراحل، بعد اندثار النظام الرأسمالي. لذلك من الطبيعي أن تكون الدول اليسارية الاشتراكية ومعها الشيوعية هي رأس الحربة في رفض الهيمنة الامبريالية التي تمثلها الولايات المتحدة نظراً للإمكانات الاقتصادية الضخمة التي مكّنتها من ان تكون القطب الوحيد المسيطر في العالم ولا سيما في نظام العولمة.
اما اليوم فإن العالم يشهد تراجعاً ملحوظاً للولايات المتحدة الاميركية امام المحور المناهض للامبريالية. فمن اميركا الجنوبية جاء الفوز الساحق لهوغو تشافيز في فنزويلا على روساليس كدعامة للثورة البوليفارية اليسارية، مكملة بذلك نهج فيدل كاسترو في كوبا، وايفو موراليس في بوليفيا، وميشيل باتشليت في تشيلي، ويعدّ فوز لويس انياسيو لولا داسيلفا في البرازيل من الاحداث المهمة في تلك القارة التي تتحول الى اليسار وهي جارة المارد الامبريالي.
اما في الشرق الاوسط فإن المستنقع العراقي يؤكد تراجع السياسة الامبريالية وخاصة بعد اعتراف اميركا بالفشل، واستقالة وزير خارجيتها، ونتائج لجنة بيكر الداعية إلى التشاور مع سوريا وإيران، وخاصة بعد اشتعال المقاومة الشيعية المدعومة من سوريا وايران. وفي فلسطين فإن حماس ما زالت صامدة امام الضغط الداخلي والعربي والدولي وصولاً الى لبنان، حيث حرب تموز التي عُدت محوراً اساسياً في تغيير الخريطة الاوسطية الاميركية امام الصمود الاعجوبة للمقاومة اللبنانية الشيعية. وها هي الانتفاضة الشعبية التي اطلقتها قوى المعارضة اللبنانية لإسقاط حكومة الفريق الحاكم المحسوب على اميركا تلغي على الاقل ما حققته الولايات المتحدة من ثورة الارز السابقة، لتعيد خلط الامور على ارض الساحة اللبنانية مع انطلاق ثورة الليمون التي تعدّ ثورة من نوع آخر مناهضة للامبريالية ببعدها الدولي ورافضة للتدخل الخارجي ببعدها الداخلي.