وليد الزبيدي*
لا يأتي الأميركيون بجديد، عندما يعلنون ان أحد أهداف احتلال العراق، هو حماية اسرائيل، وليس هناك أي جديد عندما يؤكدون أهمية النفط في الحرب على العراق واحتلاله، لكن أهمية ذلك تتأتّى من ورودها على لسان الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش نفسه، الذي أعلن ذلك في خضم الفوضى السياسية والارتباك الجلي، الذي انعكس على الخطاب الاميركي، بسبب وضع قواتهم المتردّي في العراق وفشلهم هناك.
إن هذا الكلام، لا يمثل الحقيقة كاملة، لأن أهداف احتلال العراق لا تقتصر على ذلك، وإن دخلت هاتان المسألتان في الموضوع، ولكن ثمة ما هو متقدم من الأهداف، ولا بد من الإشارة إلى ذلك، لأن الادارة الاميركية وأخطبوطها الاعلامي، تحاول جرجرة الرأي العام الى الضفاف البعيدة، من دون الإبقاء على الأضواء مسلطة على الجوهر الذي أسس لمشروع الاحتلال وانطلق منه.
فالحرب على الإسلام والعروبة، هما الأساس في الغزو الكوني الواسع والمتشعب. وأعلن الأميركيون على لسان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني، ان الحرب ستشمل بعد العراق الكثير من الدول العربية والاسلامية، التي يصل عددها ما بين أربعين الى خمسين دولة، وهذا الأمر يفسر حقيقة أهداف الحرب وأبعادها. وبتحليل علمي يجد المرء انه لا يختلف كثيراً مع أهداف حرب احتلال العراق، التي يتحدث بها الرئيس جورج بوش، لكن القفز على الأسس والحقائق، قد يفضي الى غموض يطال مسألة في غاية الحساسية والأهمية، هي حرب احتلال العراق.
إن الكثير من المفكرين والمنظّرين حاولوا إيجاد قاعدة للتحليل السياسي الدقيق لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، هذه المرحلة التي بدأت في صورة فعلية مع بداية تسعــــــينيات الــــــــقــــــرن الماضي، عندما انهار الاتحاد السوفيتي القطب الثاني في المعادلة الدولية، التي برزت بعد انتهاء الحرب العالمية الثـــــــانية، واتفـــــــق الكثير من الدارسين على ان الولايات المتحدة، لا بد مــــــــن ان تضع أمامها عدواً جديداً، لتشن الحرب عليه، فاعتقد الــــــبعض ان أميركا ستختار عـــــــدواً اقتصـــــــاديا مثل اليابان أو المجموعة الأوروبية، لتحاول هزيــــــــــمتها في الميدان الاقــــــــــتصادي، وعـــــــندها تسيطر الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، بعدما تفرّدت في القرار السياسي الدولي إثر هزيمة الاتحاد السوفيتي وتفــــــكـــــــّكه، ورأى البعض الآخر، ان التوجّه سيأخذ طريق التصادم بين الحضارات، وخلاصة الآراء تمـــــثّلت بـما ذهب إليه فوكوياما الذي أعلن بداية تاريخ أميركي جديد، يمــــــثــّل الانطـــــــلاقة الأهم في تاريخ البشرية، حسب وجهة نظره، ولكـــــــن اتضح في ما بعد ان الولايات المتحدة وضعت أمامها عدوها الأهم وهو الاسلام والعروبة، وبدأ التخطيط لشن الحروب التي تستهدف ذلك وفق مخطط مدروس، وجاءت الخطوة الأولى في أفغانستان والأهم في احتلال العراق، لتتحقق الأهداف الأخرى، التي تبدأ بتأمين الحماية التامة لاسرائيل، بعد فرض السيطرة المطلقة على الدول العربية والاسلامية، وتتحقق لها السيطرة على النفط في هذه المناطق، وتبدأ عملية صياغة الحياة اليومية لهذه الدول والشعوب، وفق النظم الحياتية والسياسية والاقتصادية الاميركية، وبما يكفل تحطيم المرتكزات الأساسية، من قيم ومبادئ في هذه المجتمعات.
لهذا، ما قاله بوش هو اعتراف بالنصف الثاني من الحقيقة، لكن الأهم والأخطر هو النصف الأول.
*كاتب عراقي