الحل بتجاوز الطبقة السياسية القائمةبسام نوفل ضو
كاتب وباحث سياسي


إنّ من يُراقب الأوضاع السياسية في لبنان، يستخلص أنّ لبنان مُنقسم إلى عدّة مجموعات سياسيّة مُتناحرة مُتباعدة، مُتفقة على خراب الوطن، ونكب بنيه. جميع وسائل الإعلام تتناقل أخبار المهرجانات المُتنقّلة التي يدعو إليها أُمراء الطوائف، وكُلها أفرزت واقعاً تقسيمياً يُهدّد مصير هذه الأمّة العظيمة، وفرزت هذا الشعب المسكين بين موال ومُعترض، مُتناسية حاجاته ومطالبه المُحقّة، وكأنه أضحى سلعة تُقاس بالوزن والكم... نسمعهم يُطالبون بالوحدة الوطنّية وبعيش كريم بين جميع أبناء الوطن، ونتساءل من هي الجهة التي تمنع توافقاً وطنياً، وبالتالي حكومة وحدة وطنيّة، وما هو الحاجز الذي يقف بين مضمون خطبهم وأفعالهم؟ فضلاً عن دعوات حوار تُطلق من هنا وهناك، أضف إلى ذلك استقالات بالجملة، وتهديدات بالاحتكام إلى الشارع والشارع المُعاكس... من دون أن ننسى نغمة اللجوء إلى الاحتكام للدستور وأحكامه. وهنا يتزامن مع هذا اللجوء قراءات مُتنوّعة، فلكل طرف قراءته وتفسيراته...
منذ حرب تموز والأمور تسوء، حرب قيل عنها وفيها الكثير، مــــــــــنهم من صنّفها في خانة التحالف السوري ــ الإيراني، ومنهم من قال إنها كانت أشرس مواجهة في عصرنا مع دولة إسرائيل. وعلى ما يبدو، فإنّ لبنان بات ساحة صـــــــــراع لحرب الآخرين على أرضه، وبالتالي أضحى جميع أسياد السياسة أدوات في أيدي أنظمة تتصارع على أرضنا ويؤدون أدوارهم بامتياز قلّ نظيره. كلهم تآمروا على لبنان: حكّامه، سوريا وإيران وإســــــــــرائيل، والوقائع أثبتت ذلك، في مقابل وطن وشــــــــــــعب دفع ثمناً لتجاذبات لا دخل له فيها... لذا على الشعب اللبناني العظيم تخطّي التعاطي السطحي مع حكّامه ومُحاسبتهم...
ليعلم رجال السياسة في لبنان، أنّ الوطن والمؤسسات هي أكبر من تجمعاتهم، أكبر من 8 و 14 آذار، لبنان أكبر مــــــــــــنهم وأعظم منهم، لبنان لن يكون مُفتتاً بسبــــــــــب ممارساتهم الطائفية والمذهبية، وردود فـــــــــعلهم، التي لا تُبنى إلا على الباطل... إنّ أفعال رجال السياسة تُجمّد الدولة وتُعـــــــــــطّل مصالح الناس بسبب خلافاتهم ومصالحهم الـــــــــشخصية. فــــــــــــمن غير المقبول أن نـــــــبقى مواطنين نعيش هواجس حروبهم ومصالحهم الآنية والشـــــــــخصية، يكفينا ما أصابنا من ويلات وضياع فرص بسبب ممارساتهم والحق يُقال علينا العـــــــــــودة إلى مقدمة الدستــــــــــــــور الفقرة ــ ط ــ والتي تنُص صراحة على: «أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق فـــــــــــي الإقامة على أي جزء منها والتمتّع به في ظل ســــــــــيادة القانون، فـــــــــــلا فرز للشعب على أساس أي انتـــــــــــــــــــماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين». كما تنّص الفقرة (ي) على «لا شرعية لأي سلطة تُناقض ميثاق العيش المشترك».
قبل الغد الميؤوس، والموت المُحكم من جرّاء هذه الممارسات الشاذة المُلوّثة بالعهر والسرقة والفساد، فلتتوافر الإرادة والنيّة الحسنة لإنتاج طبقة سياسيّة عملاقة تُنتج توافقاً داخلياً على القضايا الجوهرية، وأولى هذه الخطوة تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية، يقف وراءها كل لبنان لاستــــــعادة ما أفسده بعض رجال السياسة.