امرؤ القيس وأبو نوّاسسامر سويد ـ دكتور في القانون

لم أكن أدري أنه سيأتي يوم أقع فيه في حب أبي نواس... فامرؤ القيس كان مثالاً عندي للنبوغ الشعري، وللفخر العربي. فبعد أن قتل بنو أسد والده، لبى الأمر وتوقف عن شرب الخمر وصار يجول في العالم القديم حتى توجّه إلى بلاد الروم. ويقال إنه مات في الطريق إليها.
بدأت أتساءل: هل كان امرؤ القيس محقّاً في اللجوء الى القبائل والشعوب، طالباً النجدة، أم كان عليه أن يسلّم بأمر الرب؟ (إذ يقال إن شاعرنا كان مسيحياً)؟ وربما كان عذر امرؤ القيس أنه كان يعلم علم اليقين من قتل والده وإلا لبقي يشرب الخمر طوال عمره، متمتعاً بما ورث. المهم أنني صرت، بعد انتصار تموز 2006، أمقت البكّائين، وهكذا وقعت في حب أبي نواس الذي عاب على الشاعر العربي بكاءه على الأطلال واقفاً «فما ضرّ لو كـــــــــــان جلس»؟
وتذكرت أن العرب بكوا ولا يزالون يبكون ضياع فلسطين (وقبلها الأندلس أيضاً) وتذكرت أنهم بكوا عند نكسة 1967، وها هم يبكون عند كل مجزرة تقترفها إسرائيل بحق الفلسطينيين واللبنانيين، يبكون واقفين، يتفرجون ثم ينشدون الشعر والأناشيد ويلقون الخطب... فيا أخا العرب: ما ضرّ لو جلست مع إخوانك وعقدتم مؤتمراً واحداً جدياً لتواجهوا فيه خطر إسرائيل؟ بلاد فارس قررت أن تجلس لتخطط كيف تردع العدوان فبنت المصانع والمفاعلات، وأحمدي نجاد يجلس في مكتبه يتحدى في عرينه الوحوش الكاسرة.
ونحن هنا في لبنان، جلس السيد بصفاء ذهني وأعصاب حديدية يفكر كيف يدير المعركة. وفي الخنادق المحفورة بعرق الجبين وبالكرامة والعزة، كان رجال الله يقاتلون واقفين، فالوقوف للقتال شجاعة وإقــــــدام، أما الـوقــــوف للبكاء فجــــــــبن وانكسار. ملاحظة: لهم عروبة الجــــــــــاهلية، ولـــــــنا عروبة التقدم.




ذكريات الملل
عبير هشام خليفة


صدقتكِ رغمَ فقدانيَ الأمل.
قدّرتُ ضياعَك،
انشغالك بأزمة الوطن
تفضيلك التظاهرَ على احتضان عاشقٍ
... شوقهُ احترق.
اختلسي لي مساحةً من بين معاركِ هذا البلد،
أراكِ خلالها في ساحةٍ لم يتظاهر فيها أحد!
أعدكِ بعدم حضور القبل،
فتكفيني رؤية شفاهك ملتزمة في ثورة مع لا أحد.
سأحضرُ معي قليلاً من ذكرياتِ الملل
أفرّغها أمامكِ . . أهديكِ علم
فلا تشكّي...
واهربي برفقتي نحو انقلابٍ أنتِ رايته،
وأنا مناصرٌ لأنوثتك...
هائمٌ في سياستكِ
حالمٌ بأغنيةٍ تجمعني بصدركِ
فأسكنُ عيناكِ
وأقرأ من بريقها مستقبلاً يفتقرُ لأزرقِ الأرضِ.
لا تستغربي...
فأنا أطمح بنظرة شغفٍ عربيّة،
وكلمة حبّ لا آبهُ إن كانت فرنسيّة
أو حتى أميركيّة!
سنتظاهرُ قريباً...
وألقاكِ كما دائماً تجادلينَ في الإيديولوجيات...
فأتمنى بعضَ الهدوء السّياسيّ لهدوءٍ نسبيٍّ بلا تعقيدات،
فنمشي بلا شعارات،
نتكلم في ثورةٍ أخرى...
فأمسكُ يدكِ وأعترفُ هناك
حيثُ سنسقِطُ حكومةً تكرهنا،
انني أحبكِ بقدر ما أحتقرُ بعضَ السياسيين.
فستضحكين وتصدّقين سريعاً
أنني كثيراً ما أحبّك...
وأنني لا أبالغ بل أستخدمُ الأسلوبَ الذي يُناسبُ اهتماماتك!
نعم، أحبّكَ...
وأرفضهم،
وبعيداً عن جوقةِ الأخبار
سأهديكَ وقتاً مستقطعاً بينَ التظاهرات!