وليد الزبيدي *
اذا كان اختطاف شخص واحد في طريق خارجي، يثير الف تساؤل وتساؤل عن مسؤولية الدولة وأجهزتها الامنية في حماية الانسان، وإذا حصل اختطاف شخص واحد داخل المدينة، فإن الاسئلة تزداد حدة، وتبحث عن اجوبة دقيقة، لما تتوفر عليه المدن من وجود لاجهزة الشرطة والجيش وقوات الامن، لأن مسؤولية هذه الاجهزة هي حفظ الامن، وتأمين حرية الحركة لجميع الناس، وفي اي مكان وفي مختلف الاوقات. هكذا هو الامر، وهذه الاسئلة تتشعب وتزداد، اذا حصل اختطاف شخص واحد في طريق خارجي، وتزداد حساسية اذا حصل الاختطاف وسط المدينة، فكيف هو الامر، اذا جرت عملية اختطاف جماعي في اكثر المناطق ازدحاماً وفي قلب العاصمة؟ وهنا أتحدث عن العملية الفاجعة، التي استهدفت الاساتذة والعلماء وطلبة العلم والموظفين، الذين اختطفوا في وضح النهار من بناية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في قلب العاصمة العراقية.
لمجرد ان يكون الاختطاف جماعياً فالأمر خطير جداً، ولأنه يحصل وسط العاصمة فالمسألة مخيفة، ولأن المنطقة محاطة بالأجهزة الامنية، فالقضية تحتاج الى اكثر من وقفة، ولأن المستهدفين من العلماء وأساتذة الجامعة والطلبة، فلا بد من مراجعة حقيقية لما جرى، ولأن الحكومة لم تفعل شيئاً حقيقياً، فلا بد من توجيه الاتهام للجهة التي فعلت ذلك، واذا لم يتوصل احد الى تحديدها، فإما ان تكشف الحكومة عن الذين يقفون وراء هذه الجريمة الخطيرة، او نصبح امام خيارين، إما ان الحكومة تعرف هؤلاء وتتستر عليهم، وهنا تتحمل المسؤولية كاملة عن ذلك، وتعلن عجزها عن توفير الامن للاساتذة والعلماء وطلبة العلم، وتتنحى عن كراسيها بعدما ثبت عجزها، أو يتأكد تواطؤها مع هذه العصابات التي تعمل على تدمير العراق.
ان هذه العملية، التي اختطف فيها اكثر من مئة وخمسين عراقياً، ليست الاولى، ليقول البعض، إن العصابة التي نفذت الاختطاف فاجأت الاجهزة الامنية، فقد سبقتها عشرات عمليات الخطف الجماعي وآلاف الحالات من الاختطاف الفردي، إذ تشهد شوارع بغداد يومياً عمليات اختطاف لعشرات العراقيين، اما اشهر عمليات الخطف الجماعي، فتلك التي حصلت وسط منطقة الصالحية، عندما اختطف خمسون شخصاً في وضح النهار، واختطاف العاملين في غرفة التجارة في وسط بغداد ايضاً، واختطاف العشرات من شركات الاتصالات والتجارة، ومن العاملين في دوائر الدولة، ورئيس اللجنة الاولمبية ومعه العشرات، ووكيل وزير الصحة من داخل بناية الوزارة. هذه القصص جميعها مؤلمة وخطيرة، وحصلت خلال الاشهر الماضية، وهو ما يعني ان الاجهزة الأمنية لا بد من أن تكون قد تدارست الامر، وعينت الثغر في الجدار الأمني، التي تفضي الى اختطاف المئات والعشرات والافراد يومياً، ويفترض انها وضعت المعالجات السليمة، لتحاشي وقوع مثل هذه الكوارث.
لكن عندما تجري كل هذه العمليات، وبعد ذلك تتوج الحكومة ما حصل بعملية اختطاف جماعي، مثل تلك التي حصلت في وزارة التعليم العالي، فلا بد من الوقوف عند هذه الظاهرة الخطيرة، وأن تتحمل الحكومة المسؤولية، وتعلن امام العراقيين، أنها غير قادرة على تأمين الحماية، لا للمواطن ولا للعلماء والاساتذة والموظفين، وتتنحى عن السلطة، وتقرّ بأن العملية السياسية، التي جاءت بهذه الحكومة وسابقاتها، على الاسس العرقية والطائفية، هي اساس البلاء ومصنع انتاج الاخطار للعراق، وهو ما يستدعي التخلص منها بجميع اسسها وتفرعاتها.
ومن يدقق بالظاهرة والاحداث فسيصاب بالصدمة الحقيقية، ويكتشف الذي يقف وراء ما يحصل بسرعة.
* كاتب عراقي