سقوط الطائفوسام اللحام

سقط الطائف، وكان السقوط مدوّياً، لا بل مرعباً لدرجة أن الإعلان الرسمي لوفاة هذا الاتفاق لم يفاجئ أحداً. فأهل الفقيد، الذين شاركوا في صياغة ما يعرف بميثاق الوفاق الوطني، لم يتداعوا لعقد مجالس العزاء، ولم يدعوا الشعراء لنظم قصائد الرثاء، وذكر مآثر المرحوم الذي صرعته شهوة الأكثرية «المزعومة» للهيمنة على السلطة والتفرد في اتخاذ القرار.
كم هي الفاجعة كبيرة، فالفقيد قتل على يد أولئك الذين يدّعون أبوّته والحرص عليه.
يا لهذه النهاية البائسة الحزينة التي مُني بها اتفاقٌ لم يحقق خلال هذه السنين المنصرمة ســــــوى خــــــــــيبــــــــــة الأمل، ولم يجلب الى اللبنانيين إلا اليأس.
قد تقولون لي: «أذكروا محاسن أمواتكم»، ولكن هذا الفقيد الغالي (غالي لأنه كلّفنا آلاف الشهداء) لم يترك في سجله الحافل بالمآسي أية حسنة نستطيع أن نعوّل عليها لكي نترحم عليه.
إن اتفاق الطائف فشل فشلاً ذريعاً لأنه عجز عن تحقيق الهدف الذي وُضِع أصلاً من أجله، ألا وهو منع هيمنة فئة من اللبنانيين على بقية الفرقاء وذلك من خلال إناطة السلطة التنفيذية بمجلس الوزراء وتمثيل الجميع داخل هذه المؤسسة.
لكن الواقع المرير كان غير ذلك، فالمشاركة كانت في الشكل والنصوص فقط، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد فقط، إذ صودر ما تبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية وذلك كله باسم اتفاق الطائف. سقط الطائف، وبات علينا البحث عن ميثاق جديد يهدف الى تحقيق العدالة الفعلية وتوفير الشراكة المتوازنة في الحكم.


أيها الجنوبي
المحامي حسين محيدلي

أيها الجنوبي كم أنت منسي، بالأمس هُجّرت وقُتلت ودُمّرت مساكنك وممتلكاتك، وكنت لتبقى أسير العراء، لو لم تبادر المقاومة الى تحمل مسؤوليات الآخرين، إلا ان المفارقة التي يجب التوقف عندها والتي ربما مرت سهواً، أنه في خطب الاستقلال وما حملته من معان وبعد أقل من ثلاثة أشهر على انتهاء الحرب المدمرة التي استهدفت البلد لم نسمع أي كلمة ولو عابرة تستذكر ما حلّ باللبنانيين وخصوصاً الجنوبيين منهم. لم نسمع كلمة تعزّي أماً ثكلى أو زوجة شهيد وأطفاله. لقد كان من واجب هؤلاء ان يتذكروا مصابك وان ينقلوه الى مختلف أرجاء العالم، هذا حقك عليهم. وهذا أمر لا علاقة له باختلافات السياسة، ويحتاج الى رجال دولة حقيقيين، لا الى زعماء الزواريب.



ماذا تنتظرون؟
حافظ الضيقة

الى متى سنبقى مكتوفي الأيدي أمام مسلسل الإجرام المفتوح، بدءاً باغتيال الرئيس رفيق الحريري، ووصولاً الى الوزير بيار أمين الجميل، الى متى سيبقى المجرم مجهولاً.
السؤال يطرح نفسه، وخصوصاً ان أولي الأمر مشغولون عن واجب تحصين الساحة السياسية بما يضــــــــــبـط الأمور ويمنع انزلاقها الى الأخطر.
أمام هـــــــــــول الجريمة علينا ان نعيد حسابــــــــــــاتنا، والــــــــــــبداية تكون في إعادة هــــــــــــــيكلة الخطــــاب السياسي وتقديم المصـــــــــــــلحة الوطنية وإعادة الاعتبار الى منطق الحوار، لأنه السبــــــــــــــيل الوحيد الذي يتيح الخروج من هذه الأزمة، واتقاء الله في عملنا ووعي خطورة المرحلة ودقة الأوضاع، بما يرد عن البلد المخاطر المحدقة، ويجعل المجرم الحقيقي ينال العقاب الذي يستحق.