حبيب فياض
خرج اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في لوكسمبورغ بإعلان فشل المساعي التفاوضية الرامية الى إيجاد حل سلمي للأزمة النووية الايرانية والاتفاق على البدء بمشاورات في مجلس الامن لفرض عقوبات محدودة على طهران، الامر الذي يشكل منعطفاً مهماً وخطيراً في مسار هذه الازمة قد يضعها عند مشارف النهايات المشرّعة على أكثر من اتجاه.
وعلى رغم إبقاء الاوروبيين الباب مفتوحاً امام ايران للعودة الى طاولة المفاوضات فإن الأنظار باتت مشدودة الى الخيارات الأخرى التي تراوح بين العقوبات الدولية والقوة العسكرية.
ان اعلان الاوروبيين امكانية العودة الى المفاوضات مع طهران شريطة تعليقها أنشطة تخصيب اليورانيوم انما هو عود على بدء ولا يعدو كونه محاولة غير موفقة لرمي الكرة في الملعب الايراني بعدما نجحت طهران سابقاً في نقل الكرة الى الملعب الاوروبي عبر ردها على رزمة الحوافز الغربية.
اذاً، لا معنى للحديث عن جولة جديدة من المفاوضات بين طهران والترويكا الاوروبية ما لم يكن هناك تحوّل ما في المواقف التي باتت تتحكم بالملف النووي الايراني، والمتمثلة في إصرار طهران على عدم التخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم مقابل مطالبة غربية بضرورة وقف التخصيب، او على الاقل، تعليقه شرطاً مسبقاً للدخول في مفاوضات جديدة، بحسب ما أعلن خافيير سولانا في أعقاب اجتماع لوكسمبورغ.
في ظل هذه المعادلة، يبدو ان المدخل الوحيد لاعادة احياء المفاوضات يكمن في ايجاد تسوية تقوم على قبول طهران بتعليق التخصيب لفترة زمنية محدودة (شهور قليلة) مقابل حصولها على اعتراف بحقها الدائم في التخصيب، اضافة الى حصولها على ضمانات بعدم تعرضها لأي اعتداء اميركي، اذ في هذه الحالة يحفظ الغرب ماء وجهه وتكون طهران قد قبلت بمغريات وشروط هي من حددها مقابل تعليقها التخصيب لا وقفه.
أما في حال إيصاد الابواب نهائياً امام المفاوضات، فذلك يعني انتقال الازمة مجدداً الى مجلس الامن حيث يتوقع ان تنتظر واشنطن تعقيدات تحول دون دفع الامور الى اقصى ما تريده من عقوبات في حق ايران نتيجة اعتراض بكين وموسكو على هذا الخيار، وفي حال موافقتهما على عقوبات ما فهي على الارجح عقوبات مخفّفة مقابل اثمان باهظة تدفعها لهما واشنطن سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، هذا فضلاً عن ان طهران قد اعتادت على التعامل مع مثل هذه العقوبات وبالتالي لن تدفعها الى التراجع عن حقوقها النووية.
أما الحديث عن الخيار العسكري الاميركي، فان طهران تدرجه في اطار الضغوط النفسية والتهويل على رغم اجراءاتها الاحترازية والاحتياطية الذاهبة الى امكانية حصول مواجهة عسكرية، هذا ومن المرجح ان واشنطن لن تعمد الى هذا الخيار الا اذا وصلت جهودها في مجلس الامن الى طريق مسدود حيث تحاول التغلب على طهران من طريق النقاط في ظل صعوبة تحقيق ذلك من طريق الضربة القاضية.
ومهما يكن فإن المواجهة العسكرية بين الجانبين ما زالت مستبعدة حالياً في ظل الظروف التي تحيط بكل واحد منهما، فطهران التي تريد الحفاظ على حقوقها النووية وعدم تقديم تنازلات تريد ايضاً تلافي ضربة عسكرية هي في غنى عنها. وفي المقابل فإن واشنطن التي تريد محاصرة ايران والحؤول دون طموحاتها النووية تريد كذلك ألا تتورط في عملية عسكرية غير مضمونة النتائج وفي توقيت غير مناسب تماماً. هذه المعادلة تجعل خيار اللجوء الى القوة العسكرية مستبعداً في المدى القريب، حتى لو لم يبدُ مستحيلاً.