البعث
تكمن أهمية الخطاب الأخير الذي أطلقه الرئيس السوري بشار الأسد في أنه فتح الأعين من جديد على الطبيعة الانتهازية، أو غير السوية لهذا النظام.
فهذا النظام الراسخ في «القول الثوري»، لا يقول شيئاً، غير التكرار السمج لكلمات مهترئة، بدليل الممارسة التي تتركز على اعتقال كل من لا يرى الرأي البعثي وإرهابه.
السجون السورية المكتظة بأصحاب الرأي وصمة لن تمحوها العبارات الرنّانة والطنّانة، التي تشكل عماد الخطاب المكرور والمكرور الى ما لا نهاية. الأساس الشرعي الذي يمنح الصدقية لأي خطاب مناهض لاسرائيل وأميركا يجب أن ينطلق من ضرورة إقفال السجون التي تعج بنخبة الشعب السوري، من أمثال المثقف ميشال كيلو، وعارف دليلة، وعلي العبدالله، وغيرهم ممن يعيشون أوضاعاً صعبة، سببها الوحيد أنهم امتلكوا شجاعة القول والفعل.
أخيراً لا يحق لمن يعتقل الناس الأحرار أن يتحدث عن المقاومة التي يمثّلها حزب الله، كذلك لا يحق له مهاجمة رموز حركة 14 آذار وتخوينهم.
سعاد الأشقر

الإمام المغيّب

ارتبط الإمام موسى الصدر، القادم من «قم»، في مطلع الستينيات، بواقع الحرمان المبرمج، اللاحق بالشيعة اللبنانيين وبقية المحرومين، وفهم التحديات المفروضة على الجنوب، لكونه محاذياً لفلسطين المحتلة. ومن خلال تفسير وفهم جديدين للإسلام ودوره في الحياة، إذ لم يكن للإسلام التقليدي وقتها أي إطار ثقافي أو سياسي قادر على جذب العامة والمثقفين إليه، وفي ذروة المد القومي واليساري في لبنان والعالم العربي.
تعامل ابن قرية شحور الجنوبية مع الواقع بإسلام حركي، يتحدى الحياة بالخروج من المعابد. من رحم هذه التحديات خرج مشروع الصدر الهادف الى إعادة الروح لوظيفة الإسلام دعوةً ومؤسسةً، وتوعية البنية الاجتماعية الشيعية الفقيرة الرازحة تحت الاستغلال والتهميش المنظمين، بفعل إحكام قبضة الإقطاع السياسي والاجتماعي التي كافأها على صنيعها الانتداب الفرنسي قبل الاستقلال اللبناني وبعده.
لم يكن الصدر من مشجّعي المظاهر المسلحة إلا أن الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة وسقوط الكثير من الأبرياء في مجازر الحرب الأهلية اللبنانية دفعاه الى إعلان أفواج المقاومة اللبنانية لرد الاعتداءات الاسرائيلية المتمادية على لبنان وجنوبه. كان الامام المغيب من أشد الداعين الى نبذ الطائفية، وكانت له مواقف من جرح الحرب الأهلية وتركّزت على الدعوة الى تعزيز التعايش الاسلامي المسيحي.
غاب الامام الصدر عن أحبائه، عن الأرض التي حملته في عيونها حينما حضن أبناءها تحت عباءته السوداء. سنةً أخرى سيبكيك الجنوب يا مظلوم العصر.
د. محمد مهدي ناصر الدين

يا مجاهد

يا مجاهد، أنت اليوم على الثغور، مقاتلاً في حزب الله، ويدك على الزناد. يا مجاهد، يا من لا تغمض لك عين ولا يرفّ لك جفن.
ليس لك أن تتابع شاشات التلفزة، وكأس من الكحول الى جانبك. ليس لك أن تحتسي قهوة الصباح على أغاني فيروز وأم كلثوم وعبد الوهاب.
ليس لك أن ترجو ممراً آمناً، للخروج من منزلك المترف نحو بواخر الهجرة.
لك الإرادة المطلقة والعزيمة المطلقة. فأنت روح الله التي لا تحقــد ولا تغضب، بل تدافع عن الحق المطلق.
يا مجاهد، نوّر الله دربك وقوّى الله عزمك وعزيمتك. نحن اللاهثون وراء فتات هذه الدنيا. نغضب عندما نجوع ونعضّ القمر الذي يضيء درب المناضلين. نصمت عندما ترفع في وجوهنا عصيّ الأنظمة المفككة، نخاف الموت. نخاف ظلمة الليل إذا انقطع التيار الكهربائي. أما أنت فتصحو في وجه الغدر عندما تجوع، وتصب جام عزيمتك على الغاصب الجبان عندما تلفّك حلكة الليل. نحن جبناء وأنت «رجل الله» فهل نستحق الدعاء الى الله.
أنت غير نحن. أنت من طينة الخلود ونحن من غبار الطلول. نصرك الله يا رجل الله. يا مجاهداً في حزب الله. هل يحق لنا النظر الى وجهك عندما يتم النصر! سنخجل من النظر إليك، ومَن لن يخجل فسيلعنه الله.
سعد نسيب عطالله