قانا
بعـــــد عــــــشر ســـــنوات ومــــــئــــــة يوم ويومين على المذبحة الأولـــى ( 18 نيسان 1996) ، الـــتي ذهب ضحــــــيتها 105 مــــــن الأبـــــرياء الذيــــــن احـــــتموا بـــــعلم الأمم المتحدة في قـــانا، جاء مـــــوعد قــــانا مع المجـــزرة الثانية بتاريخ 30/07/2006. فتحوّلت قانا من العرس الى المأتم.
لنتذكر ما حدث منذ ألفي سنة في هذه البلدة الآمنة. لقد ذكر إنجيل يوحنا في الفصل الثاني إِنَّهُ "فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ هُنَاكَ أُمُّ يَسُوعَ. وَدُعِيَ إِلَى الْعُرْسِ أَيْضاً يَسُوعُ وَتَلامِيذه". فحضر يسوع ليلتقي بِأُمِّهِ السيدة العذراء. ولأن المسيح جاء إلى هذا العالم ليمسح الحزن عن وجوه المحزونين، فقد نزل عند رغبة أمّه وقدم ساعة دعوته وحوّل الماء إلى خمر فأفرح قلوب الناس. إن سر العجيبة التي حصلت لا يكمن في تحويل الماء إلى الخمر فقط، بل في فعل الخمر بذاته. فبدلاً من أن يكون عامل شل للعقل وتخدير للإحساس، كان عامل وعي وإدراك وإيقاظ الإحساس عند الشاربين وردّهم إلى حالتهم الأولى. وهذا ما عبّر عنه رئيس الحفل حين قال للعريس «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!».
لو أَسْقَطْنَا هذا الفعل على ما حصل في قانا عامي 1996 و2000، لقلنا: إن عجيبة الخمر في قانا أيقظت حاسة الذوق وأيقظت الوعي عند سكارى العرس، أما عجيبة تحويل الدم الى ماء، فقد أيقظت أيضاً بعض الوجدان والوعي الوطني، وصحا الضمير الإنساني في قلوب الذين سكروا على موائد أسيادهم من رؤية دم الأبرياء والأطفال والشيوخ الذين سقطوا خلال الأيام السابقة. يبدو أن زمن العجائب قد ولّى، أو قل إن مفعول العجائب قد تقلص. فما إن سمعنا تصاريح تستنكر هذا العدوان، حتى عاد السكر مجدداً يستحوذ على العقول بفعل الجرائم المتكررة التي تحصل من جراء تهديم المنازل على من فيها.
هذه المعركة هي معركة المصير، فإمّا أن ينتصر العرب الآن أو أنهم سيعيشون ألف سنة تحت الحكم الألفيّ السابع.
أديب راشد - عميد متقاعد

سؤال يساوي جواباً

هل حجم الدمار والتهجير والضعف الاقتصادي الذي بلغ أوجه عند نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، أكبر من حجم الدمار الحاصل اليوم مع نهاية الحرب الإسرائيلية الهمجية على لبنان؟
هل تعلّمنا من تجربة إعادة الإعمار الأولى، أم أننا مجـــــــبرون اليوم على تكرار الأخطاء نفسها، التي أوقعت البلد بالمديونية الهائلة.
هل كانت الدولة اللبنانية العليّة لتتحمل واجب التعويض عن الأضرار التي لحقت بمواطنيها لو لم تبادر قيادة حزب الله الى ذلك؟
إن المحنة الكبرى التي نعيشها اليوم تشكّل فرصتنا الأخيرة للمسارعة الى وضع الأسس التي تكفل بناء «دولة المؤسسات».
إلى متى سنبقى نحلم بهوية حقيقية جامعة، ودولة لا تميز بين مواطنيها؟
متى نعي أن حبـــــل الكذب قــــصير، وأن الــــــتـــــــذاكي والــــتكاذب لا يبنيان وطناً ولا يجمعان شملاً.
كلمة أخيرة، أعطونا دولة قادرة وعادلة وخذوا عندها سلاح حزب الله، مع احترام وتقدير كل عباد الله.
فايز وديع فارس

عماد لبنان

يصعب الكلام على المحنة التي ضربت لبنان، دون الوقوف عند الدور الرائد الذي أدّاه العماد ميشال عون، في توفير سبل الوحدة الوطنية، والوقوف على احتياجات النازحين الذين فرّوا من البربرية الإسرائيلية. لقد أثبت العماد عون أنه رجل دولة من الطراز الأول، بدليل العمل الذي قام به التيار الوطني الحر دونما اعتبار للمصالح السياسية الضيقة.
يستحق العماد عون التقدير والاحترام، لأنه من القلائل الذين ارتقوا في خطابهم السياسي، مشدداً على وحدة الوطن، غير آبه بالمخاطر لإيمانه العميق بالقضية. أنا كمسيحي بتّ أمشي مرفوع الرأس لأن العماد عون، ودون أن يتبجح بمسيحيته على غرار الآخرين، أظهر لنا كيف يكون المسيحي الحقيقي، فتجلّت بأفعاله كلمات السيد المسيح عندما قال: "... وكنت غريباً فآويتموني" (متى 35:25).
نعم هذا هو العماد عون، رمز الاعتدال والتسامح الذي يفعل فقط ما يمليه عليه ضميره، إنه حقاً عماد لبنان، كل لبنان.
وسام اللحام