وليد الزبيدي *
الذي يقول انه يخشى على صدقية الولايات المتحدة، هو الذي حمل معوله وحطم الأقنعة الكاذبة التي تستتر خلفها حقيقة الولايات المتحدة، وتُحرّك الرئيس جورج دبليو بوش وفريقه على ثلاثة محاور في تنفيذ هذه المهمة التي اكتشفوا في وقت متأخر انها كانت تسير صوب تعرية الادارة الاميركية، وتكشف الحقائق الدفينة أمام الرأي العام الدولي. وتتمثل هذه المحاور بالآتي:
المحور الأول: الإيغال كثيراً في دعم اسرائيل، والإعلان صراحة عن توظيف جميع إمكانات الولايات المتحدة في سبيل توفير الحماية لها، ومساندتها في اعتداءاتها المتواصلة على الفلسطينيين، ومواصلة تقديم الدعم المادي والسياسي والاعلامي، من دون وضع أي اعتبار لحقوق الانسان، وحق الشعب الفلسطيني في أرضه، وإن الادارة الاميركية، لم تتردد في الاعلان عن استعدادها لشن الحروب في المنطقة واحتلال الدول، وممارسة أبشع الممارسات ضد الشعوب، في سبيل توفير الحماية لاسرائيل، ويتضح هذا الخطاب الاميركي الصريح، في احتلال العراق، وفي دعم واسناد اسرائيل في حربها العدوانية على الشعب اللبناني، وهذا الموقف يدفع في اتجاه فضح حقيقة الولايات المتحدة وكشفها، ولأنها تصرّ على الوقوف مع الباطل، فلا شك في ان صدقيتها لن تقف إلا على رمال هشة متحركة.
المحور الثاني: تبنّي الادارة الاميركية سياسة العداء الواضح والصريح للإسلام، من خلال استهداف الدول الاسلامية ووضعها ضمن قائمة الدول المرشحة للاحتلال بعد أفغانستان والعراق، وعدم التردد في اتهام المسلمين بالارهاب، والعمل الجاد والواسع على الترويج لمثل هذه المفاهيم التي تحاول إظهار أميركا والغرب على شكل ملائكة أبرياء، وفي الوقت عينه تعمل على تكريس صورة تزخر بالكثير من الاتهامات وتلصقها بالعرب والمسلمين، ولأن الحقائق على أرض الواقع تتحدث عما هو مخالف لذلك تماماً، فإن جمهرة من المفكرين والعلماء وحتى الناس البسطاء، أخذوا بمقارنة سلوكيات الادارة الاميركية مع طروحاتها وشعاراتها، فاكتشف العالم ان الاميركيين يمارسون الاجرام على نطاق واسع، وخير الأمثلة على ذلك دعمهم المتواصل لممارسات اسرائيل وجيشها ولجرائم الجيش الأميركي البشعة التي يرتكبها يومياً بحق العراقيين، وفضيحة أبو غريب واحدة من آلاف الفضائح والفظائع.
المحور الثالث: مسألة الفشل تؤثر في صلب الصورة الاميركية الراسخة في أذهان الناس وجوهرها، وتجربة احتلال العراق أثبتت ان اميركا لم تفشل فقط في احتلاله، وانما انهزمت على أكثر من صعيد، وأولها كان الادعاءات الكاذبة بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، وتبين انها كذبة العصر التي استخدمتها الادارة الاميركية لاحتلال بلد مستقل، ثم تجربة بناء الديموقراطية في العراق التي جاءت بكل أنواع القتل والدمار والخراب لهذا البلد وناسه، وفشل قوات الدولة الاولى في العالم في المحافظة على أمن العراق، بل إنها لم تتمكن من المحافظة على أرواح جنودها. ومجموع ذلك يشكل صورة ضخمة للفشل الاميركي في تكريس الصورة الاخرى للولايات المتحدة.
لــهذا فإن اجتماع هذه المحاور الثلاثة يطيح بقوة بصدقية الولايات المتحدة، ويمكن القول ان من يقفون خلف هذه المـــــحاور هم بوش وفريقه الــــذين حملوا معاولهم وأخذوا يهدمون صورة أميركا الأخرى التي عرفها العالم إبان الحرب الباردة وبعدها، حتى ظهرت أخيراً على حقيقتها.
* كاتب عراقي