دولة الهزيمة وشعب الانتصار
كم هو غريب هذا الوطن وفريد في تفسير الأحداث التي تقع على أراضيه، فالأنظمة العربية اعتادت على ادعاء هزيمة العدو وتحطيمه في ساحة الوغى وتحقيق النصر بينما الشعوب تعلم بما لا يقبل الشك أن جيشها قد هزم في المعركة وأن الحرب انتهت لغير مصلحتها.
أما في لبنان، وطن العجائب، حيث الأمور تجري وفق أسلوب لا يخالف المنطق فحسب بل يعاكسه أحياناً كثيرة، فأعلن الشعب اللبناني الانتصار على الكيان الصهيوني وهو يعيش هذا الانتصار ويشعر به في كل لحظة تمر بشكل صادق وجلي، لكن في الجهة المــــقابلة تقوم الدولة اللبنانية بالبكاء على الأطـــــلال وتجر خلفها ذيول الخيبة وترثي حالها للهزيمة التي تقول إنها حلت بلبنان، مع العلم أن هؤلاء الذين يحكمـــون لم تــــدمر قصورهم التي يقبعون فيها من جراء القــــــــصف، ولم تتعطل أعمالهم ومصالحهم بحيث سنراهم يواجهون أزمة مادية تــــــهددهم بالفقر والـــــجوع، بل على العكس ما زالوا يجلسون في مكاتـــبهم الــــفخمة ويطلون عـــــلى شاشات التلــــــــفزة ليــــنــــــظّروا على الناس وليــــعطوا الدروس في الوطنية والصمود للذين تدمرت منازلهم المتواضعة. لقد انـــــــــقلبت الأدوار، فالدولة أعلنت الــــــــهزيمة لأن الذين يديرون شؤونها لم يعهدوا من قبل الشعور بالكرامة والعزة، بل ما زالوا معتادين على الهزيمة والخنوع، أما الشعب الذي قاسى الأمرين خلال هذا الشهر المنصرم فقد انتصر لأنه يعي معنى التضحيات، ويعلم أن المجد تصنعه إرادة الشعوب وليس حفنة من الحكام الذين يتربّعون على عروش السلطة والفساد.
وسام اللحام

مفارقات

المفارقة أنه يحق لأصدقاء أميركا فقط امتلاك السلاح النووي!!!
المفارقة أن يُبرّر قتل الأبرياء والأطفال من أصدقاء أميركا.
المفارقة أن توصف المقاومة التي تدافع عن الحقوق المسلوبة والمداسة
بالإرهاب.
المفارقة أن نظل نراهن على الأمم المتحدة المعطلة والمسلوبة الارادة.
المفارقة أن ينصّب جورج بوش من نفسه حارساً للسلام العالمي.
المفارقة أن نظل نحن الذين نسكن الأرض فاقدين حواس السمع والنظر والرؤية.
أما أمّ المفارقات ففي قبول بعضنا دور الضحية الممنوعة من الشكوى، أو المقاومة.
آن م. ندّور

الحوار الصامت

بعد منتصف ليل أخرس، تأرقُ الكلمات ولا يغُطّ النوم على جفونها. يصمت البوم في نعيقه الغارق في بحيرات الدم القاني المهدور.
يتوقف هدر الثواني، ليوقف دقائق اليأس العابر، وتخـــــتفي الساعات وراء الزمن العربي الرديء، فيضيع الأسبوع في الشهر والعام في الدهر، ويفنى الوجود، ويـــــبقى الأمل في عودة إيجاده. تهتز الجبال وترتعد الوهاد وتغور مـــــــياه الأنهار الـــــدافــــقـــــة في آبار الـــــــــــنفــــط الـــــسوداء، فـــــــــتنــــــتفض رمال الصحاري وتــــــنفــــــض عن جلدها قطرات الخنوع والخضوع والخجل والوجل.
سكب الليل في وعاء الظلام نوره، وتحطم الوعاء مع إطلالة الفجر البهية، فأشرق الصبح واندثر الغدر وانقرض الحقد. نفسي مسكونة بالخشوع في رهبة أجساد الشهداء. تسكنني في اليقظة عيون الأطفال الأبرياء الشهداء، فأغمض عينيّ لأسمع أنين الأمهات الحاضنات أطفالهن تحت الركام والدمار، أسمع بعد المغيب، وراء الأفق البعيد صهيل الخيول وألمح بريق سيوف الفرسان، فأركع لإطلالة الأولياء، قادمين بخفر ورهبة وخشوع لتطهير تراب الجنوب من دنس الصهاينة.
سعد نسيب عطالله