عصام نعمة إسماعيل *
1- قرار فرض الاستسلام، لأنه يستوحي أهم مواد اتفاقية 17 أيار عام 1983، بل أضيفت عليها شروط أكثر إيلاماً لشعب الجنوب وأهله ومقاومته. فقد تبنّى هذا القرار أكثر مما تطلب اسرائيل، ولم يعط أهل الجنوب غير المذلّة وسيف إسرائيل المسلط على رقابهم، تشحذهم به متى شاءت.
2- بدأت ديباجة هذا القرار بالإشارة إلى الطرف المسبّب لهذا النزاع الدولي، فإذا به حزب الله، مذكوراً بالإسم، أنه هو من نفّذ الهجوم المسلح على إسرائيل الذي أدى حتى الآن إلى سقوط مئات القتلى والجرحى لدى الطرفين، وسبّب أضراراً فادحة في البنى التحتية المدنية وأدى إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص في الداخل، وكل المآسي هي بنظر هذا القرار، من حزب الله.
3- لم يأخذ القرار من البنود السبعة لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة سوى فرض سيطرة الحكومة اللبنانية على أراضيها من خلال قواتها المسلحة الشرعية، ونزع كل سلاح غير سلاح الدولة اللبنانية، والاستعانة بقوة دولية مجهّزة بالعدة والعدد. أما مزارع شبعا فاكتفى القرار بأخذ العلم بها، وأما العدوان الإسرائيلي المدمّر ومجازره الوحشية فلا ذكر لهما ولا أثر.
ترتيبات أمنية
4- فرض القرار في فقرته التنفيذية الأولى على حزب الله أن يوقف أولاً هجماته، وبعد ذلك تقوم إسرائيل بوقف العمليّات العسكرية الهجومية. ثم تحدث عن ترتيبات أمنية تباشرها قوات الجيش اللبناني واليونيفيل، بحيث يتزامن مع تحقيق هذه الترتيبات انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني. وحسب الفقرة التنفيذية الثالثة، فإن هدف الترتيبات الأمنية، منع أي مجال لأسلحة أو سلطة غير سلطة الدولة اللبنانية.
اتفاقية الهدنة
5- الأغرب في هذا القرار أنه استفاق على اتفاقية الهدنة التي وقّعها عن الجانب اللبناني ضابط، لا يحمل أي تفويض دستوري لتوقيع هكذا اتفاق، لأن الاتفاقات الدولية في الدستور اللبناني كان يفترض في ذاك الوقت أن يبرمها رئيس الجمهورية ويصادق عليها مجلس النواب.
فإذا بهذا النص، الذي يتضمّن اعترافاً بالوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ويقرّ بمشروعية هذا الوجود الذي خرقته إسرائيل أكثر من مرة، يعود إلى واجهة الاتفاقات ويصبح أساساً للتعامل مع الكيان الإسرائيلي، ويا حبّذا لو نفذت إسرائيل الجزء المتعلق بإعادة الأسرى المنصوص عليه في هذا الاتفاق.
نزع السلاح
6- في الفقرة التنفيذية الثامنة ورد تفصيل للترتيبات الأمنية التي تهدف بصورة حصرية لمنع استئناف الأعمال العدائية، وقد تضمنت هذه الفقرة النقاط الخطيرة الآتية:
* إنشاء منطقة خالية من الأشخاص المسلّحين والعتاد والأسلحة في جنوب لبنان، وبالتحديد بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، من دون التطرق إلى فرضية احتمال عدوان إسرائيل على لبنان.
* نزع أسلحة كل الجماعات المسلحة في لبنان. وهذا بالتأكيد يشمل سلاح المقاومة، أما الترسانة الإسرائيلية الكبرى فلا تؤذي أحداً.
* منع تواجد أي قوات أجنبية في لبنان من دون موافقة الحكومة.
* حظر بيع أو إمدادات من السلاح والمواد المتعلقة بها إلى لبنان إلا إذا أجازت حكومته.
7- يستعيد القرار المواد التالية من اتفاقية 17 أيار:
المادة 3: رغبةً في توفير الحد الأدنى من الأمن للبنان وإسرائيل، يقيم الفريقان ويطبقان ترتيبات أمنية، وفقاً لما هو منصوص عليه في ملحق هذا الاتفاق.
المادة 4: لا تستعمل أراضي أيّ من الفريقين قاعدة لنشاط عدائي أو إرهابي ضد الفريق الآخر أو ضد شعبه
ويحول كل فريق دون وجود أو إنشاء قوات غير نظامية.
المادة 7: ... ليس هناك ما يحول دون انتشار قوات دولية على الأرض اللبنانية لمؤازرة الحكومة اللبنانية في تثبيت سلطتها...
8- تقول الفقرة التنفيذية العاشرة إن مجلس الأمن فوَّض الأمين العام أن ينسّق مع أطراف فاعلين على الصعيد الدولي، من أجل وضع آلية تتضمن معالجة عدة نقاط أولها: نزع السلاح، وتقديم تلك الاقتراحات إلى مجلس الأمن في غضون 30 يوماً؛ ولا أدري ما هي هذه الآلية، ومن سيتولّى معالجة قضية سلاح المقاومة...
القوة الدولية
9- وفي الفقرة التنفيذية 11 تعززت القوة الدولية لجهة العدد والمعدّات والصلاحيات ونطاق العمليات، بحيث أنها كلِّفت بمهمات إضافية، لعلّ أخطرها المنصوص عليها بالبند هـ المتعلق بمساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات باتجاه إقامة منطقة معزولة من الأشخاص المسلحين والأسلحة والعتاد.
وتعني هذه الصلاحية، أن بإمكان هذه القوة قتل أو اعتقال أو طرد كل شاب، يشتبه بانتمائه إلى المقاومة اللبنانية، من قريته أو مدينته. ومن المعلوم أن كل أبناء الجنوب هم من أصحاب الانتماء، وبهذا سيكون كل شبابنا وشاباتنا عرضة لنيران القوات الدولية أو عرضة للاعتقال أو الطرد إلى خارج مدنهم وقراهم...
وقد جاءت الإجازة باستخدام القوة في الفقرة التنفيذية 12 التي تنص على أنه يسمح لقوات <اليونيفيل> القيام بكل التحركات الضرورية في مناطق نشر قواتها وفي إطار قدراتها، للتأكد من أن مناطق عملياتها لا تستخدم للأعمال العدائية بأي شكل، ومقاومة المحاولات عبر وسائل القوة لمنعها من أداء مهماتها بتفويض من مجلس الأمن...
10- لم يكتف قرار الاستسلام بحصر نطاق تطبيقه في الجنوب اللبناني، بل تعدّاه إلى مناطق أخرى. فقد ورد في الفقرة التنفيذية 14 أنه من الواجب تأمين الحدود البريّة أي الحدود اللبنانية ــ السورية، بحيث تنتشر قوات اليونيفل بناءً على طلب الحكومة اللبنانية لمنع إدخال الأسلحة أو المعدات المتصلة بها إلى المقاومة اللبنانية أو غيرها من القوى المسلحة غير قواتنا النظامية؟
أما الفقرة التنفيذية 15 فهي تخاطب سوريا تحديداً، دون أن تسميها، بحيث توجب عليها اتخاذ الخطوات الضرورية لهدف واحد، هو منع وصول أسلحة للمقاومة اللبنانية.
* باحث لبناني