معنى قصف «هوائيات» الجيش
قسوة وشمولية العدوان الاسرائيلي الأخير، جعلت بعض المراقبين ينظرون إليه على انه معركة محصورة «بين حزب الله» واسرائيل، بمعنى الاقتصار على قصف قواعد ومراكز ومنازل المقاومة وجمهورها، وحين قام سلاح الجو الاسرائيلي باستهداف المواقع التابعة للجيش اللبناني، اعتبر الأمر بديهياً، لقيام الجيش بالمساهمة في بعض عمليات التصدي للاعتداءات.
في خلال عدوان «عناقيد الغضب»، تعرضت مرابض المدفعية والمدافع المضادة للطائرات التابعة للجيش اللبناني للاستهداف المباشر، أما في هذه الحرب فقد ركزت الآلة العسكرية الاسرائيلية على ضرب مواقع مختلفة ومتعددة، وأهم ما استُهدف هو قصف كل المواقع البحرية المجهزة برادارات المراقبة لحماية الساحل اللبناني، بالاضافة الى ضرب هوائيات الاتصال والرادارات، اللافت كان القصف الذي طال فوج الهندسة المنتشر في منطقة الوروار والمعروف عنه أنه وحدة غير قتالية.
استهداف الجيش الاسرائيلي للرادارات بقي لغزاً محيراً، الى أن ذكرت عدة تقارير غربية واسرائيلية ان استهداف هوائيات الاتصال والرادار التابعة للجيش اللبناني كان بغرض تسهيل ايصال الأسلحة لمصلحة جهات لبنانية مناوئة لحزب الله.
إنزالات الجيش الاسرائيلي في مناطق لا يوجد فيها حزب الله، فسرت أول الامر على انها تندرج في الاعمال الحربية الاسرائيلية حصراً، لكن سرعان ما تواترت المعلومات التي تؤكد ان الجيش الاسرائيلي كان يقوم بعمليات تزويد أسلحة لبعض الميليشيات اللبنانية السابقة التي كانت على علاقة به.
المعلومات هذه تقاطعت مع تقارير اسرائيلية عن ان ضابطاً كبيراً في الموساد أمر عدداً من شبكات بالتخريب في لبنان، ولتحقيق الهدف أعطيت الأوامر بتوفير الدعم الكامل لهذه الشبكات، لتمكينها من القيام بأعمال تستهدف الاستقرار الامني عبر استهداف قياديي المقاومة وعناصرها، وهذا يدل على ان العدوان الاسرائيلي على لبنان سوف يأخذ أشكالاً مختلفة لن تكون أقل خطورة من العدوان نفسه.
عباس المعلم

قراءة أولى

قرأت كتاب «حزب الله» (المنهج.. التجربة.. المستقبل) للشيخ نعيم قاسم لهدفين اثنين، الأول للاطلاع، والثاني لكتابة هذه الكلمة.
أما الدافع لهذين الهدفين، فهو تلبية هاجس معرفي طالما راودني، للإحاطة بطبيعة هذا الحزب، والاطلالة على آليات فكره، ولأعترف ان هذا الهاجس استبد بي عقب وضع العدوان الاسرائيلي الأخير أوزاره.
كان الهاجس وما زال أنه كيف السبيل لكي «نزمط بريشنا» من هذه «الورطة» التي استحكمت بنا، والشعب «يا غافل إلك ألله».
قبيل شروعي في القراءة، كانت القناعة عندي، وما زالت حتى الآن، بأن مقاومة لبنان وفلسطين والعراق إلخ... هي في أن «نزمط بريشنا» ونبقى «أحياءً يرزقون».
أما بعد القراءة، فلقد ازدادت قناعتي بمقاومة «ازمط بريشك» السلمية، تلك المقاومة التي ربما كانت أنسب لمستقبل لبنان وشعبه، أي أن يبقى حياً، ومدنه عامرة، ونموذجاً للتعايش والحوار، بل و«نقطة وصل» ما بين الشرق والغرب.
في الكتاب ما يحض على ضرورة المشاركة في الانتخابات، وهو ربما ما حدا بالحزب إلى المشاركة في الانتخابات النيابية الأولى التي جرت عام 1992، وبرأيي فإن الانتخابات كوسيلة سياسية هي ما يناسب لبنان وفلسطين والعراق وكل الدول العربية أكثر بكثير من الحض على الجهاد، وهذا ما أثبتته حرب تموز ـ آب الأخيرة، حيث استطاعت إسرائيل وتستطيع أن تدمر أكثر بكثير مما يستطيع جهاد حزب الله فعله ضد إسرائيل وأميركا وبريطانيا وفرنسا.
ختاماً، لا بد من التنويه بما جاء في الصفحة 375: «يدعونا الإسلام الى إفساح المجال أمام حوار بنّاء، نستمع فيه الى أدلة الطرف الآخر، «قُل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» (سورة البقرة الآية 111)».
يبقى أن أشير الى أن هناك قضايا مختلفة ذُكرت في الكتاب، منها حول نشأة المقاومة (صفحة 10 و109) وظروف تراجعها، صفحة (146)، قد يكون من المفيد تناولها لاحقاً.
فيصل فرحات