كيف يتحقق الربيع العربي الحقيقي؟
بقيت مقولة الشعوب العربية في واد وقسم هام من الأنظمة العربية في واد آخر، حبراً مدوناً على أسطر صفحات كتب وقواميس المنظرين بها، لأن الشعوب العربية لم تعمد إلى خلع العروش المتحالفة مع الامبريالية ومشاريعها.

أما الحركات التكفيرية التواقة إلى إسقاط النظام في دمشق، عاصمة المقاومة العربية والعلمانية العربية، فقد ولدت من رحم الحركة الوهابية، ثم دعمتها أميركا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا، بهدف تقسيم دول الأمة العربية إلى 52 دويلة مذهبية متناحرة وفق مشروع برنارد لويس. وظنّت تلك الحركات أنها قادرة على اسقاط النظام المقاوم في سورية، ومن ثمّ الانقلاب على داعميها والانتصار عليهم وإقامة دولة التكفير الإسلامية التي لا تمت بصلة إلى الإسلام الحقيقي وضميره الحي. وتكفي الاشارة الى أن الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي ادوارد سنودن، قال في وثائق ويكيليكلس، أن الوكالة وبالتعاون مع نظيرتها البريطانية، والموساد الصهيوني، هي من مهد لولادة تنظيم داعش بهدف حماية إسرائيل. وذكر سنودن أن أبا بكر البغدادي ارتبط بالموساد الذي اخضعه لدورات تدريبية استمرت لمدة عام كامل، وان اسمه الحقيقي يدعى أليوت شيمون، وهو مولود من أبوين يهوديين. من هنا فإن علاج اصابات ارهابيي «داعش» و»النصرة» في المستشفيات الصهيونية، خير دليل على صحة كلام سنودن. أما هيلاري كلينتون، فقد ذكرت في كتابها «خيارات صعبة» أن أميركا وافقت على مشروع قيام الدولة الإسلامية في سورية والعراق لأن ذلك يؤدي إلى تقسيم المنطقة وتأمين الراحة لأميركا وإسرائيل. ومنذ أيام قليلة ذكرت معظم وسائل الإعلام المحلية والإقليمية، أن السعودية وتركيا اتفقنا على تدريب المعارضة السورية «المعتدلة» المسماة «جيش الإسلام» السلفي بقيادية زهران علوش.وهذا الجيش ليس سوى التوأم الجسدي والروحي لداعش ـــ النصرة. إن الربيع العربي الحقيقي لن يتحقق الا بثورة الشعوب العربية على الأنظمة المتحالفة مع الامبريالية وأن عواصف الحزم تحقق أهدافها القومية الشريفة عندما يطيح رجالها بكل عروش البترو دولار العربية. أمّا محور الممانعة العالمي فسيستمر في مقاومة المؤامرة الامبريالية وسيفشل مخططاتها الهادفة إلى استكمال أعمال القضم والنهب والضمّ والفرز الوحشية، وبيع نضالات المقاومين في أسواق النخاسة، وتحنيط انتصاراتنا المجيدة، وعرضها في مناطق الهزيمة والمجد المفقود، والبكاء على الاطلال والجدل البيزنطي العقيم والدوران في الحلقات المفرغة، لتكون المحصلة النهائية غرقنا في رمالها المتحركة.
ريمون ميشال هنود