غسان سعود
ظن متابعو المؤسسة اللبنانية للإرسال وتلفزيون المستقبل يوم الأحد الماضي، أن الأحياء المسيحية في مختلف المناطق اللبنانية فرغت من أهلها، وأن جميع المسيحيين، تركوا منازلهم والتحقوا بساحة حريصا لـ«الاحتفال» بذكرى شهداء القوات اللبنانية، في وقت كان فيه متابعو تلفزيون الجديد والمنار والشبكة الوطنية للإعلام، يعتقدون أن ثلثي الشعب اللبناني يشاركون في مهرجان الانتصار، حيث عكس الإعلاميون المعلقون على الحدث انفعالاتهم واستثمروا الشاشة للتأثير في قناعة المشاهدين، وتشويه الحقائق بما يخدم مصالح أسيادهم السياسيين. وانعكست المواقف السياسية للقنوات الإعلامية من خلال مقدمات نشرات الأخبار، حيث بدت الشاشات ناطقات إعلامية باسم جهات سياسية مختلفة.
مساء مهرجان الانتصار، قلّص تلفزيون لبنان مقدمته وخصص الجزء الأكبر منها لرد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على السيد حسن نصر الله، فلم يتطرق التلفزيون الرسمي إلى موقف نصر الله إلا في سياق القول إنه «غمز من قناة رئيس الحكومة بحديثه عن الدموع». مساء مهرجان القوات اللبنانية، شغل تلفزيون لبنان بـ«عدم اقتصار الفرز الحاصل على الواقع السياسي الصرف، بل طاول أيضاً عملية التنظيم المذهبي للطائفة الدرزية عبر إعلان شيخ عقل ثان في خلدة خارج إطار الانتخابيات التي أجريت وفقاً للقانون الجديد».
الشبكة الوطنية للإرسال، سألت في مقدمتها ليل مهرجان النصر عما يفعله الوزير الوكيل أحمد فتفت، وقالت: «ما الذي يدفع وزيراً يحمل حقيبة الشباب والرياضة بالأصالة، إلى عدم التحلي بالروح الرياضية». وعادت لتسأل مساء مهرجان القوات «لماذا تحاول قوى الأكثرية تصعيد الموقف وتأزيم الوضع الداخلي ولمصلحة من؟ فهل أصبحت سياسة فرِّق تَسُدْ هي السياسة الفضلى والنهج الذي يسير عليه البعض؟».
أما المنار فاستهلّت نشرتها بمقدمة تألفت من مقتطفات من خطاب السيد حسن نصر الله في مهرجان الضاحية الجنوبية، وشددت على تأكيد نصر الله السعي إلى تأليف حكومة وحدة وطنية لأن الفريق السياسي الحاكم لا يستطيع أن يواصل الحكم. واختتمت المقدمة بقوله «أنا حسن نصر الله لن أسكت ولن أسمح بإهانة شعب المقاومة». ورأى تلفزيون المنار مساء 24 أيلول، أن قرى الجنوب والبقاع كانت على موعد جديد مع الشهداء الذين قضوا في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، بينما انطلقت من أمكنة أخرى سلسلة من المواقف التحريضية، لكل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي كرر وصف جمهور المقاومة بالشمولي، متناسياً أنه أتى إلى السياسة بالوراثة، ومن سمير جعجع الذي وصف نفسه وحزبه بأنه أبو المقاومة وأمّها وأولادُها وأحفادُها. وختم تلفزيون المنار بالإشارة إلى أن الأكثر مدعاة للتَّبسُّم في كلام رُكْنَي الرابع عشر من شباط هو إطلاق مواقفهما باسم أكثرية اللبنانيين، فيما تَرْتَعِدُ فرائِصُهُما من أي حديث عن انتخابات نيابية مبكرة.
تلفزيون الجديد تحدث مطولًا في مقدمته مساء 22 أيلول عن حضور السيد، ومئات الآلاف من المواطنين، وتأكيد نصر الله أن الإهانات التي وُجّهت إلى جماهير المقاومة لا يمحوها إلا الاعتذار. ولفتت الـnew tv إلى تداعيات القرار الذي أصدره وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت. فيما قال الجديد مساء «يوم الشهيد» إن الردود على خطاب الأمين العام لحزب الله جاءت من المختارة وحريصا. ورأت أن «سمير جعجع الذي لا يشعر بالانتصار، وجّه كلامه إلى الشارع المسيحي وذكّره بالأعوام الخوالي وبالمقاومة والحرب، فيما شدد جنبلاط على ضرورة تحويل العميد عدنان داود، بطل فضيحة مرجعيون، إلى المحكمة العسكرية من دون لف ودوران لعدم إعطاء ذرائع للفريق الآخر». تلفزيون المستقبل، قال بعد مهرجان الانتصار إن السيد حسن نصر الله أعاد تأطير النقاش الداخلي تحت عناوين عدة أبرزها الدعوة إلى وقف السجالات والتركيز على تأليف حكومة وحدة وطنية بحجة التحديات الخطيرة التي يواجهها لبنان، من دون أن يغفل تجديد الطمأنة إلى أن سلاح حزب الله ليس أبدياً، ومكرراً أن معالجة أسباب حمل السلاح تؤدي إلى معالجة النتائج. واكتفى بعد مهرجان القوات، بالإشارة إلى تناقض الخطابين بين نصر الله وجعجع، والتنويه بأن الرد على الأمين العام لحزب الله لم يأتِ من حريصا فقط، بل وبالدرجة ذاتها من السقف العالي، من المختارة. المؤسسة اللبنانية للإرسال، أطلقت على خطاب السيد نصر الله تسمية «خطاب التحدي»، مشيرة إلى أنه تحدّى الحكومة بإعلانه أنها ليست قادرة على الحماية والإعمار والتوحيد، وتحدى لقاء البريستول واصفاً بيانه الأخير بأنه معيب، إضافة إلى أنه خص النائب وليد جنبلاط بتحدّ خاص قائلاً إن عليه أن يعتذر على وصف مهين أعطاه لشعب المقاومة. وقالت الـ LBC: إن خطاب السيد نصر الله الذي دعا إلى وقف السجال، فتح سجالاً حادّاً ستظهر ملامحه قريباً جدّاً.
وبعد مهرجان القوات، أصرت المؤسسة اللبنانية للإرسال على المقارنة بين مهرجان الانتصار وقداس حريصا. وعدّت ساحة الضاحية «8 آذار ثانية» وساحة حريصا «14 آذار ثانية». وسألت الـ أل بي سي: بعد ساحة الضاحية وساحتي حريصا والمختارة، كيف ستتطوَّر الامور؟ وهل من خريطة طريق سياسية جديدة إلى طاولة حوارية ما؟
ونوَّهت الـ أل بي سي بحضور ممثل عن الرئيس بري مهرجان حريصا، مثلما حضر ممثل عنه مهرجان الضاحية الجنوبية. فيما غضّت الطرف عن الحضور العوني في المهرجانين. هذه جميعها، والقانون يحظر استغلال الإعلام والقنوات التلفزيونية لغايات سياسية.