«اللي استحوا ماتوا»
أما وقد وقعت مفاجأة «أبي جمال»، المؤتمن على مستقبل جمال، وقوع الصاعقة، ما أربك حساباتنا وغيّر من رهاناتنا. فقد صرنا أمام تحوّل لم يكن ليـــــخطر في بـــال ولا ليـــتــــنبّأ بــــه أنــــبــــه المحـــلــــليــــن.
لم يحدث ما اعتبرنا حدوثه بديهياً، أو منسجماً مع تاريخ «أبي جمال» الأبيّ المعاند، الرافض، الحازم، الحاسم من غير مهادنة.
أمة العرب. العرب العاربة، والعرب المستعربة، لا تُصدموا أو تُصعقوا، لا تُذهلوا، «أبو جمال» لن يرسل الجيش المصري ليدافع عن لبنان.
أعلم بأنكم لم تتجاوزوا المفاجأة بعد، وما زالت حواجبكم تتراقص من شدة الدهشة، وأشداقكم فاغرة حتى تكاد أن تبين إمعاؤكم. لكن لا بأس، عليكم بالهدوء، تجرّعوا ماءً أو عصيراً حامضاً واستلقوا، وارفعوا أرجلكم في الهواء، لترفعوا ضغط دمكم الهابط، فمتى عُرف السبب بطل العجب،
«أبو جمال يريد أن يُطعم شعبه»، ولولا الخبز لما صمنا ولا صلّينا.
ما بالكم تلومون الرجل وتحمّلونه فوق ما يحتمل، أنسيتم مسؤولياته الجسيمة، يغيب عنكم في ما تطلبون انشغال الرجل بالقضايا الكبرى، أي ظلم هذا وأي إجحاف تريدون إلحاقه بالرجل الذي طرد النوم منذ أن تربّع على كرسي المسؤولية الصعبة، أتنسون أنه الحافظ الوحيد لوحدة العرب ولحمتهم، ومعزّ شكيمتهم ورافع لواءهم، هو الوحيد الذي امتلك جرأة القول إن «شيعة العرب ولاؤهم لإيران»!!
هي الشجاعة التي تتواضع لها شجاعة عنترة بن شداد، وهي الحكمة التي أخجلت أبلغ الفلاسفة. إنها العبارة التي تكفّلت بوضع النقاط على الحروف وسمّت الأشياء بمسمّياتها الفعلية. هكذا تُصان الأمم وتُحفظ الأوطان.
«أبو جمال» لن يقاطع اسرائيل وأميركا اقتصادياً ولا سياسياً ولا دبلوماسياً، فالمقاطعة من أعمال الصغار المتهوّرين.
لا توصوا أبا جمال، فهو حريص على التاريخ العربي الحافل بالكرم والعطاء، ولا يليق بنا أن نردّ على عدوانية أعدائنا، لسنا نحن من يُجوّع أعداءنا، وكفى بالحسام حكماً وسلاحاً.
الرحمة، إرحمنا أبا جمال... فإن كان الكلام من زفت فالسكوت من ذهب، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
علي طي



الكيل بمكيالين

لم تعبأ اسرائيل بوجود وفد رفيع المستوى للأمم المتحدة يزور لبنان فقامت بانتهاك القرار الدولي الأخير 1701 الذي لم يجفّ حبره بعد، عبر اختراق الأجواء اللبنانية، وتنفيذ عملية إنزال فاشلة في العمق اللبناني، الطائرات الحربية الاسرائيلية التي بلغت منطقة البقاع مرت من فوق مواقع «اليونيفيل» التي اكتفت كالعادة بالمراقبة الحيادية.
الطيارات الاسرائيلية ما انفكت تجوب الأجواء اللبنانية منذ الإعلان عن بدء تطبيق القرار 1701، في تحدٍّ واضح للشرعية الدولية وقراراتها، وهذا يكشف حقيقة أن اسرائيل لا تقيم أي اعتبار للمجتمع الدولي، ومن الصعب الركون الى نواياها.
قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) كانت قد أصدرت في اليوم السابق لزيارة الوفد الدولي بياناً سجّلت فيه أن اثنين من الرعاة اللبنانيين ونحو 100 رأس غنم عبروا الخط الأزرق في اتجاه اسرائيل، واعتبر البيان أن هذه الأمور يمكن أن تعرّض للخطر وضعاً هشّاً جداً وشديد التوتر.
ترى ألا يستأهل هذا الخرق الاسرائيلي الفاضح بياناً من «اليونيفيل» وخصوصاً أن العدو نفسه اعترف بالعملية.
سياسة الكيل بمكيالين ستستمر ما بقي صوتنا غير مسموع في المنتديات الدولية، بسبب تشرذم العرب وتخاذلهم.
وقد كانت لنا في الماضي صفحات مضيئة أيام دول عدم الانحياز، ومنظمات الوحدة الأفريقية والإسلامية، قبل أن ينخرها سرطان الديبلوماسية الاسرائيلية ومعاهدات السلام المزعومة، ليت الديبلوماسية اللبنانية تستعيد حيويتها وأيام تألقها، وتنشط ثانية مدعومة بلبنانيي الانتشار في كل أصقاع العالم.
عبد الفتاح خطاب