خطاب بشار الأسد
بغض النظر عن الرسالة الداخلية الى الشعب السوري، يمكن مقاربة الخطاب لبنانياً من ثلاثة أبعاد استناداً الى التوقعات المرتقبة من نتائج العدوان الاسرائيلي على لبنان.
إذا ارتأى البعض أن الحرب ستعود في القريب العاجل وأن العدو الصهيوني لن يرضى الهزيمة، وأن وقف العمليات العسكرية هشّ والعدو سينقضّ في أقرب فرصة على لبنان ومقاومته، وأن القرار حول سلاح المقاومة لن يكون في يد فئة لبنانية واحدة، وأن لبنان غير قادر على أن يبقى مسرحاً للصراعات الإقليمية، يستنتج أن خلاص لبنان لا يتم إلا من خلال رعاية دولية إن لم يكن عسكرية. يستخلص هذا البعض أن الخطاب يسعى الى الانقضاض على الداخل اللبناني مهدّداً الاستقرار السياسي والوحدة الوطنية بالفتنة الداخلية، وفي الوقت نفسه يسعى الى تهديد الأنظمة العربية الداعمة للاستقرار في لبنان. هذا الفريق يحاول أن يُوجد نوعاً من الضبابية على نصر حزب الله وأن يكسب أطول فترة زمنية قبل مواجهة الواقع السياسي الجديد والرضوخ للإرادة الشعبية، ويراهن على تنازلات حزب الله السياسية أمام عبء النزوح وحجم الدمار مع إحجام السلطة عن العون وتأخيرها الدعم المادي.
المقاربة الثانية تستند الى أن انتصار لبنان في حدّه الأدنى قد أخرجه من خريطة الشرق الأوسط الكبير، وما يدعم هذه القناعة أن لبنان يتمتع بتعددية خاصة وثروة ثقافية وانفتاح. ويستند هذا الفريق أيضاً إلى كون القوى العالمية الفاعلة تعتبر لبنان نموذجاً حيّاً للديموقراطية وبذلك تضمن له الاستقرار. يقارب هؤلاء خطاب الرئيس الأسد انطلاقاً من كونه ضرورةً للداخل السوري، ويعبّر عن حاجته الى إيجاد دور في إعادة ترسيم الشرق الأوسط الكبير، وبذلك يعتبر أن التطرق الى مسألة 17 أيار وربطها بـ14 آذار لا يساعد في التخفيف من الأعباء على لبنان، هذا إذا لم يعط أصحاب المقاربة الأولى مدخلاً للسجال السياسي والأعذار للمماطلة.
المقاربة الثالثة تستند الى الحفاظ على النصر لكل لبنان والأمة ولكل إنسان مؤمن بحق تقرير المصير، وترى أنه لا بديل عن الحصانة الداخلية، وأن استراتيجيا دفاع ذاتي هي الضمان الوحيد للاستقلال والحرية والسيادة. يستند هذا الفريق إلى أن هذه الحرب قد أرست مفهوماً جديداً لعمل المقاومة في وجه أعتى الجيوش، وتعتبر أن هذه الحرب قد فضحت وأجهضت مشروع الشرق الأوسط الكبير ووضعت كل دول القرار أمام مسؤولياتهم وكل الأنظمة العربية بوجه شعوبها المعتزّة بالنصر في لبنان والمحبطة مما يجري في فلسطين والعراق، ويجد هذا الفريق أن سلاح المقاومة مرتبط بالحل الشامل في المنطقة. ويقارب هذا الفريق خطاب الأسد من بوابة هذا الحل وارتباطه بالموقف العربي وإصرار الإدارة الأميركية على فرض القرارات بالقوة العسكرية. يمكن الإضافة هنا أن الخطاب قد طرح سبيل المقاومة للوصول الى السلم الدائم، وأيضاً أن الرئيس الأسد بطرحه مجدداً معاهدة 17 أيار المذلّة لربما استبق انفراط عقد الرابع عشر من آذار.
جود حاتم حيدر
الشرق الأوسط الجديد

في الآتي بعض ملامح «الشرق الأوسط الجديد» الذي تبشّرنا كوندوليزا رايس بقرب ولادته:
1 ــ شرق أوسط ممزّق، مفتّت الى دويلات هزيلة متناحرة في ما بينها.
2 ــ شرق أوسط خال من العزة والكرامة ومن المقاومة.
3 ــ شرق أوسط يعيش على ما يرميه إليه الغرب الأميركي من انحطاط الأخلاق والقيم.
4 ــ شرق أوسط متخلّف جاهل، لا يعنيه التطور العلمي والتكنولوجي.
5 ــ شرق أوسط مستهلك لما يسرقه منه الغرب.
6 ــ شرق أوسط يشوّه عظماءه ورجالاته ومحرّريه ويرذلهم ويقتلهم، ويرفع أرذاله ويحكّمهم ويسلّطهم.
7 ــ شرق أوسط غافل عن مصالحه الحيوية، محكوم من صغار الملوك والأمراء.
8 ــ شرق أوسط مهمّش، غائب عن محيطه الإقليمي والعالمي.
9 ــ شرق أوسط ضعيف واهن، لا قويّ فيه إلا إسرائيل.
10 ــ شرق أوسط هزيل الشخصية، مقتول العقل والفكر، تسوده الغرائز، متخلٍّ عن قضاياه وهمومه الوطنية والقومية والإنسانية، خانع، تابع، موكل زمام أمره الى أميركا وإسرائيل، يخدم مصالحهما ويحمي وجودهما، ويربّي أجياله على الخضوع والخنوع لهما.
شيبان الجردي