حبيب فياض
مع صدور الردّ الإيراني على رزمة الحوافز الغربية المتعلقة بملف إيران النووي، يكون هذا الملف قد دخل مرحلة جديدة مفتوحة على احتمالات عديدة تتراوح بين التصعيد المتمثّل بفرض عقوبات دولية على طهران أو استجابتها للمطالب الأميركية ــ الغربية، هذا مع عدم إغفال احتمال الدخول في جولة جديدة من المفاوضات التي من شأنها في حال حصولها استبعاد أو تأجيل الاحتمالين الآنفين. وبات معروفاً أن الرد الإيراني على رزمة الحوافز الغربية لن ينطوي على إجابة حاسمة ومحدّدة، ذلك أن هذه الرزمة المتعددة الأبعاد والمتشعّبة المضامين لا تخلو من إبهام، الأمر الذي يتيح لطهران المناورة والالتفاف على خيار العقوبات التي تصرّ الولايات المتحدة على البدء بتنفيذه مع نهاية الشهر الجاري إذا كان الرد الإيراني سلبياً. من هنا، تسعى طهران من خلال ردّها (الذي تكتّمت عليه والذي سلّمته الى الدول الخمس الكبرى وألمانيا) الى الظهور بمظهر المتعاطي إيجابياً مع مبادرة الحوافز من خلال إيحائها إمكانية تعليق التخصيب، شريطة أن يكون ذلك نتيجة لمفاوضات جديدة وليس مقدمة أو منطلقاً لها، هذا من دون أن تكون طهران مضطرة لتقديم التزامات مسبقة في هذا المجال، وأيضاً شريطة أن يُصار الى توضيح التخصيب المطلوب تعليقه وتحديده وخاصة أن مسألة التخصيب التي تشكل معياراً لمدى تعاطي طهران الإيجابي مع هذه المبادرة معقّدة تقنياً وعملياً، ما يعني أن معالجة الأزمة تستدعي المزيد من المشاورات والمباحثات. ومن المرجّح كما ترى أوساط إيرانية مطّلعة، أن يكون الرد الإيراني على الحوافز الغربية متضمّناً رزمة من الاستفسارات والاستيضاحات حول مطلب وقف التخصيب، حيث من الممكن أن توفّر الإجابات عنها أكثر من مدخل جدّي لحل الأزمة:
ــ هل المطلوب تعليق التخصيب لفترة زمنية أو توقيفه الى ما لا نهاية؟
ــ هل يُسمح لإيران التخصيب في الخارج من خلال خبراء إيرانيين؟
ــ هل يُسمح لإيران بتحويل اليورانيوم في حال عدم السماح لها بتخصيبه؟
ــ هل يحق لطهران التخصيب البحثي بدلاً من التخصيب الصناعي؟
ــ هل يُعلّق التخصيب في كل المنشآت النووية الإيرانية، أو يُسمح لطهران التخصيب في منشأة واحدة تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
المفاوضات هذه المرة مختلفة عن تلك السابقة. المطلوب من طهران حالياً وقف التخصيب مقابل ضمانات، بينما كان المطلوب سابقاً منها تقديم ضمانات مقابل السماح لها بالتخصيب. فاللجوء الى التصعيد ما زال بعيداً، وما يشير إلى ذلك كلام خافيير سولانا على أن الرد الإيراني هو بمثابة وثيقة طويلة تتطلّب تحليلاً مفصّلاً وحذراً، ويُضاف الى ذلك أن طهران ستنجح مجدداً في دفع الموقف الدولي نحو الانقسام، ذلك أن القرار الدولي 1696 يتحدث عن عقوبات محتملة ضد إيران وليست أكيدة في حال رفضها للحوافز الغربية، الأمر الذي يتيح للموقفين الروسي والصيني العودة الى الدبلوماسية لحل الأزمة بديلاً من التصعيد الذي تسعى إليه واشنطن في ظل تأكيدهما المتواصل على أن سياسة العقوبات لن تؤدي الى نتيجة إيجابية.