قناة «المنار»
وقفت أمام مبنى المنار المهدّم فلم أقوَ على رثائه، وقفت على تلّة الركام المواجهة له، فشمخ نظري، وفخرت بأن هذه المحطة قُصفت لأنها كانت على مستوى النزال. أقطع أن المبنى في تداعيه بدا متحدّياً كبطل نبيل يهزء من خسيس نصب له حبائل الكيد الجبانة، هكذا هو حال مبنى المنار. قصدت المبنى المدمّر لا لأقف على ذكرى حياة كانت تملأ أرجاءه، بل لأكون شاهدة على انطلاقة لا تضع حدّاً لعزمها صواريخ الحقد التي انصبّت عليه فدمّرته ودمّرت محيطه.
لقد فتّتوا الحجر لكنهم عجزوا عن تفتيت إرادة البشر، لقد دمّروا المبنى الرئيسي لكنهم عجزوا عن إطفاء رسالة القناة طوال فترة الحرب.
«المنار» لم تغب عن جمهورها طوال فترة العدوان الغاشم فكان حضورها الإعلامي صدىً لبسالة المقاومة.
مثّلت المنار، عبر إعلامييها، روح التحدي في وجه العدو، والإرادة في التطوير والتفاني الإنساني الاستثنائي.
لقد زاد العدوان من إصرار كادر المحطة البشري على الاستمرار، ورفع من عزيمتهم.
في هذه المحطة، لا وجود للالتباسات أبداً، العدو كما الصديق واضح، وكذلك هي الأهداف والثوابت بيّنة وقائمة.
أثبتت قناة «المنار» خلال هذه الحرب أنها رافد من روافد المقاومة، والمنبر الذي يقارع الحجّة بالحجّة، بأسلوب مهني راقٍ بعيد عن الفظاظة، ويسكنها الحرص على المصلحة الوطنية.
الاستهداف الإسرائيلي الوحشي للمحطة يمنحها شرف إضافي مستحق.
مريم مرتضى

سعة أفق

في برنامج تلفزيوني تناول أحوال النازحين، جاء على لسان أحد الدكاترة، وهو ناشط في إحدى هيئات الإغاثة، ما حرفيته: «لفتني موقف مهجّرة قامت بضرب ولدها»، وأضاف بعدما شرح أن تجربة عمله في الهيئة أتاحت له فرصة اكتشاف لبنان، أن التجربة وفّرت له أيضاً «فرصة التعرّف على شريحة لبنانية يلزمها الكثير من الاعتناء والاهتمام لتستطيع التأقلم بعضها مع بعض».
أبكرت يا أخي العزيز في اكتشاف لبنان، وغاب عنك أن هذه الشريحة، الكبيرة جداً، اكتشفت لبنان وعشقته منذ عقود وعقود، لذلك تراها اليوم تستميت في الدفاع عن أرضها.
اختصار حالة النازحين بمشهد المرأة التي ضربت ابنها، واعتباره أمراً لافتاً، ينمّ عن ضحالة في الرؤية، وعن تجاهل لحقيقة أن هذا التفصيل المهم الذي استرعى انتباه «الدكتور» لا قيمة حقيقية له، إلا إذا جاء استذكاره خلاصةً وحيدةً أمكنه اعتصارها من تجربة العمل مع النازحين. القيمة الأساسية للشهادة أنها أعطتنا صورة عن سعة أفق هذا «الدكتور».
ربى بزي شحيمي

التباسات إعلامية

في رسالة إذاعية من كيم غطاس، مراسلة BBC في بيروت، موضوعها محاولة الإنزال الإسرائيلية الفاشلة في قرية بوداي البقاعية، اعتبرت في جوابها عن سؤال مذيع الاستديو عمّا إذا كان الإنزال يشكّل خرقاً للقرار 1701، أن إسرائيل تستطيع (CAN) القول إنها عملية دفاعية ولا تمثّل خرقاً للقرار. استخدمت كلمة CAN وليس MAY. وهذا برأيي خطأ مهني يمكن اعتباره ترجمة للانحياز الواضح في تغطية BBC الإعلامية للحرب. المفارقة أن العملية الاسرائيلية التي استهدفت العمق اللبناني، تقرأه كيم غطاس في وصفه عملاً دفاعياً. وزير المال اللبناني جهاد أزعور، اعتبر في حديث للـBBC أُجري معه عشية صدور القرار الدولي 1701، أن على إسرائيل أن تفهم أن «المشكلة» لا تُحلّ بالقوة أو من خلال حرب. يُفهم من كلام الوزير أنه يعترف بوجود «مشكلة» اسمها سلاح «حزب الله» ويتعيّن حلّها، واعتراضه الوحيد هو على وسيلة الحل. أعتقد بأنه على الوزير أزعور، أو غيره من المسؤولين أن يكونوا أكثر دقة في ما يقولونه حتى نتفادى أي تأويل غير صحيح لما يدلون به.
أرجو أن تكون عبارة الوزير عن «المشكلة» مجرد خطأ وليست زلّة لسان، وإلا فإن الأمر يدعو الى القلق.
فادي سري الدين ــ دبي