إلهام منصور *
ما الفارق بين أن تنتصب شهيداً وأن تسقط قتيلاً؟ الفارق أن الأول دائماً هو في حالة الدفاع، بينما الآخر هو في حالة الهجوم. لكن هذا الفارق ليس وحده ما يميز بين القتيل والشهيد، وإن كان الأرضية العامة التي عليها تتحدد الفروقات الأخرى.
كلنا يعلم، حتى ولو لم نكن خبراء استراتيجيين، أن للدفاع كما للهجوم خطوطاً يقسّمها عادة خبراء الاستراتيجيا بين أمامية ووسطى وخلفية و... على هذه الأرضية الحربية العامة يتبدى الفارق الأساسي بين وضعية الشهيد ووضعية القتيل. الشهيد، وقبل استشهاده، يدافع على الخط الأمامي، أي على الخط الأخير الفاصل بين الحياة والموت، وهذا يعني أنه تطهّر من كل أنواع الخوف وأصبح يتمتع بأرفع درجة من الشجاعة بحيث يدافع وهو في وضع نفسي يقول: «لا وسطية، فإما النصر أو الاستشهاد. أما القتيل، وقبل أن يُقتل فهو الذي يهاجم ما قبل الخط الأمامي الأخير وذلك ليس وفقاً للتحديد الموقعي فقط بل وفقاً للتحديد المعنوي والنفسي، اي أنه يقاتل غير مطهّر من عامل الخوف، يعني أنه لا يملك الشجاعة التي يتمتع بها من يدافع حتى الشهادة. هنا يكمن كل الفارق بين نموذجين من المقاتلين، أحدهما هو المقاتل الذي لايخاف الموت ـ وهنا سر قوته ـ والثاني هو الذي يحارب وكله أمل وتوق الى أن يعود إلى أهله سالماً ولو كان مهزوماً.
مقاتل حزب الله هو دائماً مشروع شهيد، بينما مقاتل الكيان الصهيوني هو دائماً مشروع قتيل وهي معادلة بسيطة، إذ إن من لا يخاف الموت لا يهزم ولا يمكن لأي قوة أن تقهره، وهذا ما استنتجه العدو الصهيوني، إذ صرحت وزيرة خارجية كيانه: ما من قوة تستطيع نزع سلاح مقاتلي حزب الله. وهي بقولها ذاك هل أدركت سر القوة عند هذا المقاتل الذي لا يقهر؟
أليس واضحاً أنه كلما تحرر المقاتل من وساوس الخوف كلما صمدت عزيمته وتضاعف إيمانه بالقدرة على قهر عدوه، حتى ولو لم يملك سوى أظافره وأسنانه، بينما يقهر الخوف ذلك المقاتل قبل أن يهزم في أرض المعركة، بالرغم من تملكه أعلى أسلحة الدمار الشامل؟ لهذا السبب انتصر مقاتلو حزب الله وانكسر مقاتلو العدو الصهيوني، ولهذا السبب بالذات سقط للعدو قتلى وانتصب لحزب الله شهداء. أخيراً أود أن أجيب عن سؤال البعض لسيد المقاومة: لمن ستهدي النصر؟ فأقول: النصر لا يهدى، إنه ملك لكل من أقرّ به وشعر بالعزة.
* استاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية