ذكرى باقية
ربطتني بالصديق مروان صداقة كبيرة، تجاوزت الحدود التقليدية للصداقات، امتدت على مساحات مفتوحة من الصدق، كنت ألتقيه أسبوعياً مع العديد من الأصدقاء المشتركين، وكانت لقاءاتنا تمتدّ لساعات وساعات.
صديقي «مروان علي طبوش (بلال)، الرجل الذي لا تفارق البسمة وجهه الطاهر، محبّ ومعطاء، يزرع الخير في كل مكان وزمان، يؤمن بالله، يدعو الى الوحدة والتوحد بوجه العدو، لا يعرف الحقد أو الكراهية، يسعى دائماً إلى تحطيم الحواجز العائلية والحزبية، لا حدود عنده للخير والتسامح والتقارب مع الآخرين ولو كان يختلف معهم في المواقف، يقدّس خدمة الناس، حتى أنه لم يوفّر ماله الخاص في مساعدة الغير.
انضم الى صفوف المقاومة الإسلامية، وهو لم يتجاوز الأربعة عشر ربيعاً، كرّس نفسه لمقاومة المحتل وحماية أهله ووطنه، قدّم بطولات وتضحيات لا تعدّ ولا تحصى، ولم يتوان عن أدنى الواجبات.
كان يحلم بالاستشهاد للقاء رفاقه المقاومين الذين سبقوه في المواجهات البطولية مع المحتل، كانت سير الشهداء حديثه الأثير، يتحدث عنهم بفخر واعتزاز، ولم يكن يخفي أسفه على تأخر انضمامه إليهم.
كانت للشهيد مزايا لا تعدّ ولا تحصى، اليوم، وبعد استشهادك يا مروان، أجدني غير مصدّق أنك رحلت. أجدني أنتظر مرورك بي لمواصلة ما فاتنا من كلام.
لا أخفي حسرتي وحزني المتصاعد يوماً بعد يوم على فقدانك يا مروان، لكني لا أخفي أيضاً أنني أشعر بعزة وفخر لا مثيل لهما، فأنت يا مروان قد نلت ما وطّنت نفسك عليه، وفي هذا الأمر عزائي الكبير، كما هو عزاء أهلك وأصدقائك وإخوتك. إنها المرة الأولى التي أجدني فيها عاجزاً عن وصف ما أنا فيه من مشاعر، لقد أحدث فيّ رحيلك يا مروان فيضاً لا حدود له من المشاعر والعواطف. أعرف شيئاً واحداً أن رحيلك قد منحني قوة ربما كنت أحتاجها، ولولاها لعجزت فعلاً عن التأقلم مع غيابك.
افرح يا مروان، فقد تكلّلت كفرملكي بشرف شهادتك. افرح يا مروان، فقد تحقّق النصر الموعود. افرح يا مروان باعتزاز وفخر سيد المقاومة والأمة السيد حسن نصر الله وهو يفتخر بإنجازك التاريخي، العظيم. افرح يا مروان بشموخ جبل صافي العاتي على الغزاة والطغاة. افرح يا مروان بشموخ وإباء «علي رضا»، الذي حمل الأمانة بعزم وشجاعة. افرح بفرحة «ريان» وابتسامة «بتول»، وهي تلمس ضريحك الطاهر، وتبارك لك شهادتك التي رفعت رأسنا جميعاً. افرح يا مروان، فنحن سنبقى كما عهدتنا على خط المقاومة وعلى وصيّتك لنا بالدفاع عن هذا الخط المبارك. وأعدك، كما كنت تفرح بكتاباتي المدافعة عن المقاومة وسلاحها، أني سأواصل الدفاع بكل عزيمة وصلابة عن هذا النهج، ليس بالقلم وحده بل بالبندقية أيضاً. افرح يا مروان، فقد قطعت عهداً مع كل الأصدقاء والأحباء والمخلصين لك بأننا مهما طال الزمن سنثأر لك. افرح يا مروان، لأنك فزت ورب الكعبة، وجاورت الرسول وآل بيته الأطهار.
عباس المعلم - إعلامي لبناني

بكاء

ها أنا أبكي، وأبكي
وظل الحق يبكي فوق أرضي...
ها أنا أبكي في اختلاجي ونبضي
أنا أبكي، لمَ لا أبكي!
وطفل شكله يدمي عيوني
هيكل شكلاً وهيبة
كاد يسقي أمه قلبه...
أنا أبكي، لمَ لا أبكي!
وشواء الرعب يملأ الأرجاء
ورضيع هدية أم من سماء
زهقته أيد همجية
حوّلته نتفاً لحمية
أنا أبكي، لمَ لا أبكي!
وغيرة أهل الدار رقص على القبور
وضمير العالم يربض في صمت وفجور...
فرج زخّور ــ حلبا