مصاب كبير
كبير هو المصاب الذي نال من عائلة «الكعكي»، بفقدانها الشاب خيري عوني الكعكي. رحيل الشاب الكعكي نال أيضاً من أقرباء وأصدقاء ومعارف ومحبّي العائلة وأفرادها.
ليس هناك أبشع من الموت، وخصوصاً عندما يختطف من هم في مقتبل العمر. البشاعة تتضاعف حينما يتمّ الأمر من دون سابق استئذان. شديد هو الحزن الذي يلف أفراد العائلة.
الموت المفاجىء، يضرب كالزلزال عميقاً، ويترك في النفوس أشد الآثار المدمرة المؤلمة الموجعة، التي تحفر في الوجدان عميقاً. ليست الخسارة مقصورة على الأسرة الكبيرة، التي التزمت القضية الوطنية والقومية، إنها خسارة للعلم والمعرفة.
رومل أرسلان سعيد

ملائكة الأرض

كنت صغيراً عندما أخبرني والداي عن الملائكة، ملائكة السماء والأرض. كانوا يحكون لي حكايا كثيرة، وكانت كل حكاياهم لزرع الطمأنينة في قلبي، وحينما كنت أسألهم عن الشر كانوا يروون لي شيئاً مقتضباً عن الشياطين.
المهم أن تلك الحكايات التي زيّنت لي طفولتي بقيت مجردة، وصلتها بالواقع ضعيفة. اليوم بات باستطاعتي القول لوالديّ إنني رأيت ملائكة الأرض في جنوب لبنان، ذهبت الى هناك رأيتهم في القرى وساحاتها، في «مارون الراس» و «بنت جبيل»، رأيتهم في «عيترون» و «جبل صافي» و «الطيبة» و «مروحين»، رأيتهم منتشرين على كامل أرض الجنوب، رأيتهم في «قانا».
صدق وعد السيد حسن نصر الله بالنصر، كان السيد يعرف رجاله، كان يعرف شجاعتهم وإيمانهم، كان واثقاً من رجال الله على الأرض. هؤلاء الرجال نقلوا الروايات عن جبن هذا العدو، والهستيريا التي ضربتهم لحظة حاولوا تدنيس التراب اللبناني. قرأت عن حروب العدو مع العرب وقرأت عن الثورة الفرنسية والجزائر وعن معركة ستالينغراد.
أبي، أمي،
لقد انتصرت الملائكة على العدو الذي قتل الكثير من شعبنا وأطفالنا، ارقدوا مطمئنين في جوار ربكم فنحن بخير ونصر الله بخير.
عباس شمص

أغانٍ ومعانٍ

الأنظمة العربية في واد وشعوبها في وادٍ آخر.
في واقعنا اللبناني، يبدو التخبّط جلياً، ففيما كانت المقاومة تزداد شموخاً كانت المحطات التلفزيونية تجهد في عرض كليبات الأغاني الوطنية. تدمع عيني المطربة جوليا وهي تغني «منرفض نحنا نموت» فتلتهب المشاعر والقلوب، ويستمر «كلّ يغني على ليلاه». وحدهم أهل المقاومة وأنصار العيش الكريم يحوّلون «صرختها» الى التزام حقيقي بحفظ روح المقاومة متوهجة، فيما يواصل آخرون إنشاد «العبارة» عينها على مشهد الموت في قانا. جميعنا يذكر بكاء الراحل الكبير زكي ناصيف عندما غنّى «راجح يتعمّر لبنان» أمام هول الدمار الذي أصاب الوطن أثناء اجتياح الـ82، فجاءت «لازمته» رداً صادقاً في مواجهة العدوان. اليوم، وبعد أكبر عدوان شنّه قتلة الأنبياء على مدننا وقرانا وجسورنا وأهلنا، لا يزال التلكؤ واضحاً عند دولتنا الكريمة، والتباطؤ سيد المعالجة.
«ده حلمنا طول عمرنا» أوبريت عربية بامتياز، تعاون على إنشادها جيش من المطربين والمطربات من بلاد العرب، غنّوا بصدق للوحدة العربية وتمنّوا أن يتحقق «حلمهم»، لكن أرض الواقع العربي لا تبشّر بالخير، الحرب الأخيرة جاءت لتفضح عمق الهوّة ما بين الشعوب وحكامهم. مع هدأة المدافع وانقشاع ضباب الحرب سارع «الإخوة الأعداء» الى تضميد جراحنا ثم تسابقوا في إرسال المساعدات، وحالهم هنا تذكّرنا بمقولة «القاتل الذي يمشي في جنازة المقتول»... وهناك الكثير من الأناشيد والأغنيات التي تتوعّد أعداء الوطن، لكن السؤال الذي يفرض نفسه، هل توحّدت الرؤية حول هوية هذا العدو، فالعدو يا أبناء بلدي هو الذي قتل أطفالنا مراراً، وشرّد ناسنا تكراراً، ودمر بيوتنا، وأحرق أراضينا وأتلف مواسمنا، إنه الإسرائيلي ولا يوجد غيره.
ختاماً، أمام تفرقنا العربي، والدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل، لا يسعنا إلا الخوف على أحلامنا، فبغير المقاومة لن نتقدم، فلنغرف من بحر المقاومة معاً، أملاً بوصول ذلك اليوم الذي غنّت له فيروز، وانتظرناه طويلاً «الآن الآن وليس غداً... أجراس العودة فلتقرع».
إبراهيم وزنه