انعقدت محكمة الضمير الجنائية الدولية للشرق الأوسط، العاملة بصفة كيان قضائي ضميري مكون من فقهاء قانونيين دوليين، في بيروت بناء على شكويين قدمهما البروفسور محمد طي نيابة عن ذوي ضحايا جرائم العدوان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جنس بشري التي ارتكبها المسؤولون السعوديون وحلفاؤهم ضد اليمن والتي ارتكبتها منظمة داعش ومنظمات مسلحة (جبهة النصرة، جند الشام...) ضد سوريا والعراق ولبنان. تشكلت المحكمة من القضاة: السيدة نيلوفر بهاغوات، من الهند، رئيسة
السيدة ليليا سولانو، كولومبيا، عضواً
السيدة رتيبة ميلادي، تونس، عضواً
السيد محمد البكار، هولندا، تونس، عضواً.
وشارك في التحضير لها كل من:
السيّد رولان وايل، فرنسا
السيد يان فورمون، بلجيكا
الأطراف المتضررة تتمتع بحق مطالبة السعودية وقطر وتركيا بالتعويض

البروفسور كلوديو موفا، إيطاليا
ارتأت المحكمة أوّلاً أن تنظر في الشكويين كل على انفراد، آخذة بالحسبان الوقائع التي تربط بين الجزءين، والمتمثلة أوّلاً بالضحايا وثانياً بالمتهمين.
I- الشكوى المتعلقة باليمن
حيث أن المملكة العربية السعودية شنت حرباً عدوانيّة ضد اليمن في 26 آذار/مارس 2015 بواسطة القصف من قبل طيرانها وطيران دول أخرى اطلق عليها في عريضة الشكوى «أعضاء التحالف العربي».
وحيث أنّ هذا الفعل اتخذ مسار حرب حقيقية تسببت في سقوط آلاف الضحايا بين المدنيين والقوات المسلحة اليمنية منذ أكثر من سنة، وأنه يمكن أن نضع التسلسل التاريخي الذي يمكن أن يخدم تحديد المسؤولية بالعودة إلى الشكوى التي خلصت إلى عدم شرعية ولاية الرئيس المستقيل هادي، الذي كان بمثابة ذريعة للتدخل السعودي.
وحيث أنه يمكن بدايةً توصيف هذا التدخل بـ«العدوان agression»، وفقاً لأحكام القانون الدولي، وحيث أنه خرق العديد من الصكوك الدولية، وعلى وجه الخصوص النصوص الآتية:
• اتفاقيات جنيف التي أصبحت عرفية والتي، إضافة إلى ذلك، صدقت عليها الدولة السعودية (19 مايو 1963) ودولة اليمن (16 يوليو 1970)، وكذلك البروتوكولات الإضافية وذات الصلة،
• اتفاقيات لاهاي 1907 حول قواعد وقوانين الحرب البرية والتي أصبحت عرفية أيضاً.
*اتفاقيات جنيف 1949
• اتفاقية عام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح.
• اتفاقية تنظيم استخدام الأسلحة في الصراعات.
• القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني
الوقائع:
إنّ انتهاكات القانون الإنساني من قبل المملكة العربية السعودية الناجمة عن الهجمات ضد المدنيين والتي قتل فيها حتى آذار- مارس الماضي أكثر من 4310 مدنيّين، وجرح أكثر من عشرة آلاف بسبب القصف المنهجي:
• للمدن والقرى في محافظات صعدة وصنعاء وعدن وتعز وإبّ،
للمستشفيات والبنى التحتية المدنية، للمطارات والموانئ والجسور وشبكات الاتصالات الأرضية والهوائية والهرتزية، للمساجد وأماكن العبادة، للمواقع الأثرية والتاريخية المصنفة على أنها مواقع للتراث العالمي.
وعلاوة على ذلك، تم فرض حصار على موانئ ومطارات اليمن من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها، ما أدى إلى حرمان البلد من التزود بالسلع الاستهلاكية والأدوية والوقود. ما أحدث شحّاً في المواد الغذائية يهدد بالمجاعة وينذر بكارثة غذائية، ولم تكن محطات توليد الكهرباء والممتلكات الزراعية مستثناة من قبل الطيران السعودي.
إن الأفعال المرتكبة من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها تشكل الانتهاكات الآتية للقانون الإنساني:
• استخدام قنابل عنقودية وشن هجمات ضد السكان المدنيين في انتهاك للمادتين 35-1 و22 من اتفاقية لاهاي الرابعة (18 أكتوبر 1907)
• انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وبشكل خاص المواد 17 بشأن الإخلاء، و21 بشأن نقل الجرحى، و18 بشأن المستشفيات المدنية و23 بشأن نقل الأدوية والأغذية، و33 بشأن العقاب الجماعي.
• خرق البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977 خاصة المادة 35 فيما يتعلق بأساليب ووسائل القتال، والمادة 48 بشأن الالتزام بمبدأ التمييز بين المدنيين والعسكريين، والمادة 51 حول حماية الأشخاص المدنيين، والمادة 52 حول الحماية العامة للأملاك المدنية، والمادة 53 حول حماية الممتلكات الثقافية وأماكن العبادة، المادة 54 لحماية الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، والمادة 57 القاضية بالاحتياط للأهداف المحددة في المواد السابقة والمادة 70 التي تنظم الإغاثة الإنسانية للسكان المدنيين دون قيود أو تمييز.
*انتهاك للقرار 1738 بتاريخ 23 ديسمبر 2006 حول حماية الصحافيين والمنشآت الإعلامية.
• انتهاك لاتفاقية لاهاي عام 1907 حول قوانين وأعراف الحرب البرية، واتفاقية منع ومعاقبة جريمة إبادة جنس بشري.
كما تشكل تلك الأفعال الجرائم الدولية المحددة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي الآتية:
جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جنس بشري genocide وجريمة العدوان.
إن الأحكام المتعلقة بهذه الجرائم، وخاصة تلك التي أكد عليها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أصبحت عرفية، وترتفع مكافحتها إلى مرتبة القواعد الآمرة jus cogens، ما يعني أن الدول والمنظمات، حتى تلك التي لم تصادق على نظام روما الأساسي، هي ملزمة بها.
إن الشكوى أكدت وحددت أماكن تدمير الممتلكات الناجم عن قصف الطيران السعودي ووصّفت الأفعال بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جنس بشري وجرائم العدوان.
وأكد ممثل الادعاء الشخصي خلال المناقشات الطلبات المقدمة في الشكوى والمدعمة من قبل الشهود.
أن الجهة المدعى عليها وهي المملكة العربية السعودية التي أبلغت طبقاً للأصول المقررة لم تكلف من يمثلها أمام المحكمة، ما دفع المحكمة إلى تكليف مجموعة من ثلاثة محامين، على رأسهم الأستاذ المحامي سعيد علامة، لتولي الدفاع.
ناقش محامو الدفاع بصدقية الوقائع، من جهة، وشككوا بنسبتها إلى الجهة المدعى عليها، من جهة أخرى، ثم تركوا للمحكمة حرية التقدير.
وكان أعضاء المحكمة يتدخلون غالباً للاستفسار حول نقاط وقائعية أو قانونية.
لهذه الأسباب، فإن المحكمة اقتنعت بخطورة الوقائع المنسوبة إلى المملكة العربية السعودية خلال النزاع الذي أثارته وساندها فيه بعض حلفائها. وترى المحكمة أن شعب اليمن يتعرض لمعاناة حادة، وبسببها ترى أنه من الواجب أن تنزل العقوبات الجنائية الشديدة بحق المسؤولين السعوديين وحلفائهم في شخص رؤوسهم من موظفي الدولة والعسكريين والمتواطئين معهم. وقضت المحكمة أن للأطراف المتضررة الحق في تعويض الأضرار المادية والجسدية والمعنوية اللاحقة بهم جراء العدوان السعودي والحليف وما ارتكبه بحقهم.
وفي النتيجة، فإن المحكمة عازمة على مواصلة تحقيقاتها فيما يخصّ القانون لتحقيق العدالة تجاه المطالب المقدمة، ولهذا فقد قررت تقديم هذه الشكوى إلى المحافل الدولية وإلى المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، والسعي ديبلوماسياً في الأمم المتحدة حتى الوصول إلى فرض العقوبات المانعة من الحرية والغرامات على الشخصيات السعودية وحلفائها المرتكبين لهذه الجرائم.
-II الشكوى التي قدمها ممثلو ضحايا الجرائم الدولية في سوريا والعراق ولبنان إلى «محكمة الضمير» بشأن الانتهاكات التي ارتكبها المتطرفون بصفتهم شركاء للمملكة العربية السعودية.
انعقدت المحكمة بناء على هذه الشكوى واستمعت لممثل الادعاء العام الذي أكدها، بالاستناد إلى قواعد واتفاقيات إنسانية دولية وهي اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 آب 1949 التي أصبحت عرفية، وكذلك إلى البروتوكولين الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف وما يتصل بها.
• اتفاقيات لاهاي 1907 بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية.
• اتفاقية عام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح.
• اتفاقية تنظيم استخدام الأسلحة واستعمالها في النزاعات.
• القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني المتبناة في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في 17 يوليو 1998، والتي دخلت حيز التنفيذ في 1 يوليو 2002، وخاصة المواد 6 و7 و8 و8 مكرر.
وتترتب عليها المبادئ الآتية:
• الالتزام بحماية المدنيين والممتلكات المدنية في زمن الحرب، وكذلك احترام قوانين الحرب.
• الالتزام بعدم مهاجمة السكان المدنيين.
• الالتزام بالحفاظ على المؤسسات الصحية (المستشفيات والعيادات...) ومؤسسات الدفاع المدني والمؤسسات التعليمية والصحافيين.
• الالتزام بعدم استهداف البنى التحتية المدنية والمنازل والمنشآت التجارية، المباني...
• الالتزام بعدم مهاجمة أماكن العبادة والمواقع الثقافية والتراث التاريخي...
• الالتزام بعدم استخدام الأسلحة المحظورة.
• حظر ارتكاب جريمة إبادة جنس بشري genocide ضد جماعة قومية أو إثنية أو دينية.
• حظر التعذيب والمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
• الالتزام باحترام حقوق أسرى الحرب.
الوقائع:
انعقدت المحكمة بناء على الوقائع المعروضة في الشكوى المقدمة والموثقة حسب الأصول والتي دعمت بالشهادات التي استمع إليها في جلسة 19 مايو 2016، والتي تبرر توصيف الجرائم:
• هاجم المتطرفون أهدافاً مدنية في العراق وسوريا ولبنان. وقتلوا أعداداً كبيرة من الناس، كانت غالبيتهم الساحقة من المدنيين وأصيبت عشرات آلاف المباني في الهجمات والقصف واسع النطاق ما تسبب في تدمير المواقع الحضرية والمنشآت المصنفة في التراث الإنساني.
*مارس المتطرفون التعذيب ضد أسرى الحرب وقتلوهم صلباً، وذبحاً، وقطعاً للرقاب، وكانت مشاهد كل هذا تنشر على شبكات التواصل الاجتماعي بقصد نشر الرعب، والدعوة إلى أيديولوجيتهم التكفيرية.
• دمر المتطرفون المعالم التاريخية ونهبوا المتاحف في العراق في الموصل وفي وسوريا خصوصاً في تدمر، ونهبوا القطع الأثرية والتحف والأعمال الفنية وباعوها بواسطة شبكات التهريب.
• قصف المتطرفون المدن واحتلوها في سوريا والعراق حيث فرضوا بالقوة على الناس مذهبهم التكفيري.
*استخدمت الجماعات المتطرفة السيارات المفخخة والانتحاريين ضد المدنيين.
*مارست الجماعات المتطرفة استرقاق أبناء الأقليات، والاتجار بهم، وكذلك اغتصاب النساء، بمن فيهم والقاصرات.
وقد أدت هذه الانتهاكات إلى لجوء الملايين من المواطنين العراقيين والسوريين إلى المدن الآمنة و/ أو إلى البلدان المجاورة ليقيموا في مخيمات اللاجئين حيث استغلت أوضاعهم الهشة، خصوصاً في تركيا من قبل السلطات لابتزاز الاتحاد الأوروبي.
أعطي الكلام لممثلي المجتمع المدني السوري، ثم العراقي ثم اللبناني، بشخص أعضاء نقابات المحامين أو المواطنين العاديين فضلاً عن ممثلة جمعية أطفال الشهداء التي قدمت شهادة مقنعة على الانتهاكات التي ارتكبتها المجموعات المسلحة والمرتزقة الأجانب.
هذه الشهادات كانت مقنعة لدى سماع المحكمة لها.
لم يتردد محامو المملكة العربية السعودية الذين عينتهم رسمياً المحكمة في أن يشجبوا بشاعة الأفعال التي ارتكبها داعش وجبهة النصرة لكنهم رفضوا مسؤولية الدول المتهمة باعتبارها شريكة في هذه الأعمال الجرمية.
إن المحكمة ترى أن المنظمات الإرهابية، أياً تكن أسماؤها، التي تعيث فساداً في العراق وسوريا ولبنان هي أساساً من صناعة المملكة العربية السعودية وحلفائها، قطر وتركيا، المتهمين بالمشاركة حسب القواعد القانونية.
ثمّ إنّ الدول المذكورة، بتشتيتها جهود الجيش السوري واستمرار دعمها لعدد من المنظمات، ما زالت تتيح الفرصة لكلّ المنظمات المتطرّفة، بما فيها التي توقّفت عن دعمها، لكي ترتكب الجرائم المذكورة أدناه. وبهذا هي شريكة كاملة في ارتكاب هذه الجرائم.
لقد ارتكبت المنظمات المتطرّفة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جنس بشري عن طريق الإعدامات الجماعية، والإبادة الطائفية، واستخدام السيارات المفخخة في المناطق المدنية، وتجنيد الأطفال، وإعدام القاصرين، ونهب المواقع الأثرية، والموارد الزراعية وموارد الطاقة والمنشآت الصناعية وخاصة في تدمر، والرقة، وحلب...
لهذه الأسباب، توصي المحكمة المجتمع الدولي بمواصلة بذل كل جهد ممكن، بالتعاون مع السلطات السيادية للبلدان المعنية من أجل القضاء على الإرهاب، ونزع سلاح المجموعات المسلحة، ومحاكمة أعضائها، أمام المحاكم الوطنية أو تسليمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد موافقتها خاصة في سياق التعاون بين المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفقاً للمادتين 15.1، و55 من ميثاقها، وبعض الدول العربية الأعضاء في نظام روما الأساسي حيث اختبأ بعض مجرمي الحرب في الشرق الأوسط وليبيا، التي أصبحت ملاذاً لداعش.
هؤلاء المجرمون يجب القبض عليهم وتسليمهم إلى المحاكم الجنائية وعدم تمكينهم من الاستفادة من تسهيلات التنقل والإقامة والتمويل واستثمار الأموال غير المشروعة.
إن المحكمة تعلن إن الأطراف المتضررة تتمتع بحق مطالبة المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا بتعويض الأضرار البشرية والمادية والمعنوية من خلال آليات التعويض المعتمدة لدى مجلس الأمن كما في سابقة النزاع بين العراق والكويت
وعلاوة على ذلك، فإن المحكمة عازمة على مواصلة تحقيقاتها في الجانب القانوني من أجل تحقيق العدالة المطالب بها في هذه الشكوى، ولهذا قررت تقديم هذه الشكوى إلى النائب العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، مع التوصية للبلدان المعنية بالانضمام إلى نظام روما الأساسي من أجل توفير الصلاحية لها، ثم رفع الجرائم إلى المحكمة وفقاً للمادة 12/أ من أجل فرض العقوبات المانعة من الحرية والغرامات ضد شخصيات الدول المشاركة المتهمة بتمويل الإرهاب ومساعدته خلافاً للاتفاقية الدولية بشأن تمويل الإرهاب لعام 2010.
وقررت المحكمة أن تحيل الوثائق ووسائل الإثبات المتمثلة بالتحقيقات والشهادات الواردة الموافق عليها إلى المحافل الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتستخدم في المداولات والقرارات الجارية والتي ستجري من أجل فرض وقف الأعمال العدائية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وقررت المحكمة طرح ما توصلت إليه ضمن تمثيلها في الدورة ال32ـ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وأن تحضر في مقر المحكمة الجنائية الدولية لتقدم إليها هذه المستندات.
قرار صدر وأفهم علناً في بيروت في 20 أيار/مايو 2016.
القاضية نيلوفر بهاغوات (الهند) القاضي محمد بكار (هولندا)
القاضية ليليا سولانو (كولومبيا) القاضية رتيبة ميلادي (تونس)
الرأي الفردي للأستاذ رولان وايل
إن مجرد التدخل المسلح للمملكة العربية السعودية في اليمن، بصرف النظر عن خطورة الجرائم التي ارتكبتها على الأراضي اليمنية، يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، الذي يحظر، بموجب المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة على أي دولة أن تمس بأي شكل من الأشكال بالاستقلال السياسي لدولة أخرى، وبالتالي التدخل في شؤونها الداخلية.
كما أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 بتاريخ 4 ديسمبر 1974، والذي ينص في المادة 4 منه على أن القائمة الواردة فيه ليست شاملة، يعدّ عدواناً كل قصف أو استخدام لأي أسلحة أخرى، من قبل القوات المسلحة لدولة ما ضد أراضي دولة أخرى (المادة 3/ب)
صحيح أن المادة 51 تعترف بالدفاع الفردي والجماعي عن النفس، ولكن فقط إلى حين اتخاذ مجلس الأمن، الذي يجب أن يخطر فوراً، التدابير اللازمة.
وعلاوة على ذلك فإنه لا يمكن أن يحصل هذا التدخل إلّا إذا كانت الدولة التي جرى على أراضيها ضحية عدوان من قبل دولة أخرى، وليس أبداً عندما يتعلق الأمر بانتفاضة داخلية.
ولما كان في حالة اليمن، أن التدخل العسكري السعودي لم يتجاهل فقط مقتضيات المادة 51، فإنه لم يتبيّن بأي حال من الأحوال أن اليمن كانت ضحية عدوان خارجي من شأنه أن يبرر تطبيق المادة 51.
ولا بدّ من التأكيد أن هذا الانتهاك للقانون الدولي من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها لن يبقى محصوراً في اليمن. ذلك أن الدعم والموارد المقدمة للمعارضة المسلحة في سوريا، في الوقت الذي يجب أن تبقى القضية السورية للسوريين وحدهم، تشكل أيضاً عدواناً يقع تحت طائلة المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يحظر على أي دولة أن تمس بأي شكل من الأشكال باستقلال دولة أخرى. كما يقع تحت طائلة القرار 3314، الذي يصف في مادته 3/ بالعدوان إرسال دولة عصابات مسلحة تمارس أعمالاً قتالية ضد دولة أخرى، أو تنخرط بطريقة جوهرية في مثل هذا العمل.
إن سياسة التدخل المسلح هذه في جميع أنحاء المنطقة تتناقض مع التراخي تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر ضد فلسطين.
إنّ مجموع هذه التصرفات يؤكد اختيار سياسة هيمنة وسياسة بوليسية غير قانونية في جميع أنحاء المنطقة، في مصلحة القوى النفطية ضد حق الشعوب في تقرير مصيرها كما هو معلن ومكفول في القانون الدولي.
يترتب على الأسف على عدم تدخل مجلس الأمن لوقف هذه الاعتداءات وضمان حق الشعب في العيش في سلام في ظل التمتع بالسيادة والاحترام المتبادل للحق بالعيش بسلام الذي يضمنه ميثاق الأمم المتحدة.
وهذا يطرح أيضاً السؤال حول التواطؤ المجرم من قبل القوى التي تقدم للتحالف وسائل ارتكاب جرائمه، بما في ذلك تقديم السلاح أو المال أو الدعم الدبلوماسي أو غير ذلك.