حتى لا نظلم الغبي والسارق والشحاذ
عنون الرفيق إبراهيم الأمين مقالته (العدد ٢٦٢٤) بـ «الغبي، والسارق، والشحاذ». وقبل أن أتابع القراءة، والمكتوب يقرأ من عنوانه، قلت في نفسي: لماذا يظلم هؤلاء الناس ويمنح صفاتهم، وبهذا المقام، لغير البشر، ولمن لا يستحقونها من المتغابين والمرتزقة والأذلاء الذين ورثوا عن آبائهم مهنة العمل عند الأسياد، ويقبضون مكرمات لأنهم أحيانا متطوعون، ويستفيدون، كما استفاد أجدادهم، من أراض وامتيازات أثناء ما يسمونه «الحكم العثماني» و»عهد الإنتداب».

الغبي، يتحرك، ويعمل، بموجب حماقته، والسارق، ربما عذرته أحياناً حاجته، والشحاذ ربما بررت له إعاقته، أو ضعفه، ووهن قدرته. أما الذين تتحدث عنهم أيها الرفيق، فهم الورثة الذين بخطى أسلافهم مقتدون، وعلى رؤوس بعض الشعب، يحملون، وعلى ظهورهم يحملون، وعند الخطر، وراء الكهنوت يرقدون، وتحت العمائم ينعقون. لقد وسعوا أسواقهم، وعمّموا خدماتهم، «غب الطلب»، وكثر زبائنهم، وتحسن أداؤهم، وهم ذئاب وثعالب وأفاع وقرود، بالجثث والجيف، في غابة بلا قانون، يتغذون وينهشون ويسرحون ويمرحون.
إنهم يتلقون أجورهم، ويحصلون على رواتبهم لقاء أتعابهم، وأعمالهم، وألاعيبهم، بمعنى أن أرزاقهم، وأموالهم بالحلال، وهم لعلمك، وأنت سيد العارفين، مسجلون في الضمان الإجتماعي، من دون دفع رسوم، أو ضرائب، وتقاعدهم مضمون مؤمن، من دون حسومات، وسيستمرون بدورهم، ولن يتقاعدوا، إلا خوفاً من طمع وقوة الوريث.
لا عقل، لا دين، ولا حياء، ولا وطن لهم، ولا ذمم. إنهم هكذا، صنيعة الشيطان، بل الشيطان صنيعتهم، يأنف منهم، ويتبرأ الغبي والسارق والشحاذ منهم. إنها أوصاف لا يستحقونها، والمشكلة هي عند من يعجب بجلابيبهم وعباءاتهم، ويأخذ الصور إلى جانبهم، ويجلس، ومن دون أن يدري ويتساوى معهم. إنه نضال، صعب، وطويل، في وطن، اللبناني أقلية، وفي قومية عربية، العربي أقلية، وفي أمة إسلامية، المسلم أقلية، وللأسف نحن الأقلية، في كل هذه المعطيات، ولنا النصر.
قالوا للقرد انزل عن المئذنة حتى لا يمسخك الله، فضحك، واستراح قائلاً: «خليه يمسخني غزال»!
إنهم قرود وسيبقون، ومهما عملوا لن يمسخهم الله.
حسين ماجد