في سيرة جلسة مجلس الوزراء التاريخية 13/تموز/2006
مقدمة: الإفصاح عن تجربة الحرب

تسير الحياة في الحرب بوتيرة مختلفة، تتسارع فيها الأحداث وتتراكم، وتتغير وفق قياس زمن خاص. لا يمكن وصفه إلاّ بذوقه، وما الحرب إلا ما عرفتم وذقتم. والذوق في هذا المعنى، هو الحياة المعاشة، وفعل التجربة وآثارها.
تتعدد أشكال الإفصاح عن ذوق تجربة الحرب، ويصير الإفصاح في هذا المحل، صنو التجربة لا يجيده إلّا من عرفه المعرفة الأصلية الواقعية ولكون الإفصاح عن المعرفة والمعرفة، مسألتين متشاركتين في وصف الحرب. كما يشارك الموضوع الفني شكله وتتحد الصورة بهيولاها، فلا ينفصل الإحساس في الحرب عن الإفصاح اللغوي، أو غيره من الأشكال الأخرى.

لا بدّ من الإفصاح عن تجربة الحرب، إنها التعبير اللغوي والمتعالي على اللغة، في وصف الحياة نفسها في لحظاتها الأكثر كثافة وحضوراً، حركة وتغييراً، وعليه عزمت أن أكتب عن تجربتي في حرب تموز عام 2006، والتي شغلت فيها مسؤولية وزير للعمل في الحكومة اللبنانية إبّان الحرب، وهذه الحكومة وفق الدستور، هي القيادة العامة لإدارة البلاد، وللقوات المسلحة، ولذلك فإن المسؤولية الوطنية والدستورية متحققة وبالغة الأهمية والخطورة، وثمة أسباب أخرى، تجمع بين الذاتي والموضوعي في بنية المسؤولية، ويتعلق هذا الأمر بالشخصية الإنسانية ومن تمثل. وعليه يلزم التذكير أنني كنت وزيراً للعمل ممثلاً لحزب الله في الحكومة التي حصلت الحرب إبّان إدارتها للبلاد.
مرّت حكاية الذاكرة وأنا
أجمع الجواب عن سؤال هل تقع الحرب بعد أسر الجنود؟
من هذه الناحية ترتفع نسبة فعالية التجربة وكذلك طرائق الإفصاح عنها، لارتباطها بما لا يحد من العلائق، التي تستبين أشكالها من خلال متابعة موضوعات الإفصاح عنها.
كنت بين خيارات محصورة في الإفصاح المباشر بالحديث عن الحرب في أسلوب المذكرات والسيرة الذاتية. المستندة إلى المعلومات والوثائق التي تؤرخ للوقائع والأحداث، وهذا ما فعله آخرون، لكنهم ليسوا في مواقع تشبه، الموقع الذي أفصح فيه بدوري عن الحرب، وذلك يعطي للمذكرات نفسها انقساماً بين ما يسميه الفيلسوف الألماني هيغل التاريخ الأصلي والتاريخ النظري، في حدود معينة، وكذلك ما يعبر عنه في اللغة الفارسية (بالعيش نقد). عيش الحرب بشكل حيّ ومباشر وحيوي. وكذلك العلاقة بين الزمان الواقعي والزمان النفسي وما تحمله عبارة الصوفية، بأن الصوفي ابن وقته أو ما يتضمنه مفهوم الحال وثبوته في المقام إلى ما قاله الشاعر العربي:
وما الحرب إلا ما عرفتم وذقتم
وليست هي بالحديث المرجّم
في هذه الناحية يجب التأكيد من أنني أفصح عن تجربتي في حرب تموز 2006 من موقع وزير للعمل، ممثل لحزب الله والمقاومة الإسلامية، في الحكومة، المنوطة بها مسؤولية إدارة البلاد والقوات المسلحة. لقد سبق وعشت تجربة حرب 1982، وكنت قائداً لكتيبة، كانت تتخذ لها مواقع في البقاع الغربي، ثم قمت مع أخوان آخرين بمسؤولية إعادة تنظيم قوات فتح المنسحبة من الجنوب وبعض مناطق البقاع الغربي والجبل في منطقة البقاع الشمالي والأوسط. وكان من أبرز مهماتها الأخرى المشاركة في إعادة التنظيم وانتشار القوات الفلسطينية المنسحبة من مناطق الجبل والأكثر أهمية استقبال القوات الفلسطينية وغيرها من المتطوعين والطلاب الذين لبّوا نداء التعبئة العامة وانتشروا في مناطق البقاع والجبل المشرفة عليه، وصولاً حتى بحمدون، تلك كانت تجربة من مواقع قيادة ميدانية وهذه التجربة من مواقع المسؤولية السياسية الحكومية، والأمران مترابطان، متمايزان.
الإفصاح الثاني يكون عبر مقالات تشرح وتضيء جوانب من التجربة ويمكن لو جمعتها أن تضيء التجربة كاملة.
أما الإفصاح الثالث فهو الإفصاح الروائي السيري، والذي أستطيع من خلاله، أن أحيط بالأمر من جميع جوانبه، ولا أترك لأحدٍ أن يسألني ماذا تقول، لأنني أملك كل الحرية في أن أروي...
لم أحسم الشكل الذي سأفصح فيه عن الحرب، لكن ما عزمت عليه أن تكون الذكرى العاشرة للحرب في تموز 2016. هي موعد، صدور الكتاب (شكل الإفصاح ووعاؤه) الذي أتحدث فيه عن زمن الحرب، وأشرح وأبيّن، وأقدّم الدليل وأؤرّخ للأحداث والوقائع، وأروي.
وهذه المقالة، التي أخصّ فيها جريدة "الأخبار" الغرّاء، هي نموذج لما سأقوله أو لنقل الفصل الأول منه لو سارت أموره على التيسير. لعلّها تساعدني في استفتاء الآراء، حول كتابة، يقوم بها فرد، عن تجربة صنعها جميع الناس الشرفاء...

2- 12 تموز 2006 موعد المقاومة مع شمس الحرية في خلّة وردة

توجد علاقة استسراريّة بين الحرية والشمس، تعود رموزها الباطنة، إلى العلاقة بين الإشراق في دلالته المكانية والنور في معانيه العرفانية ولأن الشرق موطن النور، والغرب غروبه، اختار الصوفيون الصيف أجمل الفصول، ولم تقبل الشمس على ما يقول أدونيس أن تنتسب إلى واحدٍ منها، وكل ما أسوقه من لغة النور والإشراق، في هذا المحل، يهدف إلى وصف الحال، صباح 12 تموز 2006 حين أدرت مفتاح التلفاز لأشاهد مذيع المنار، يعلن عملية أسر الجنود في الصباح الباكر من يوم الأربعاء 12 تموز 2006، في خلة وردة، ناحية عيتا الشعب على الحدود الفاصلة الواصلة بين لبنان وفلسطين.
العلاقة الباطنة بين الشمس والحرية، تجعل النفس الإنسانية ميّالة إلى السرور بأخبار كسر قضبان السجون، ومنح الأسرى حرية العودة للأهل والوطن، للسياحة في سماء العالم، لا تحجبهم قيود من هنا، ولا غيوم مواقف غالت في خصومتها، للحرية وأهلها من هناك.
كنت أرى في الفرح المنتشر في الطابق السادس الذي يشغله فريق عملي في الوزارة، من الأخوة الأحبة، يدخلون الواحد بعد الآخر، فرحاً مستبشراً، يبشرني بما سمع ويتابع في مكتبي على شاشة التلفاز، وخطوط الهاتف وغيرها ما يحصل من تطورات ويصدر من مواقف.
شاهدت على الوجوه أسئلة من نوع: هل بدأت الحرب إذن، وأسئلة من نوع نحن أقوى، رجال الله، فرسان الوعد الصادق. كنت أعرف أن متغيرات كبرى تفصل بين ما كانت تجري عليه الحياة يوم كنت في شارع الحمراء أشتري لباساً لأولادي، وأبحث بشكل خاص عن قميص لزينب، وكانت الحياة تجري، فيما طائرات العدو تغير على المدينة الرياضية وطريق الجديدة... وقلبها الفاكهاني مركز قيادة ياسر عرفات.
أذكر أنه في عام 1982 كانت ثمة احتمالات للحرب، بعد اغتيال سفير إسرائيل في لندن، وأن عرفات كان خارج لبنان في جولة، لاستجماع قوى الحماية الدولية، لمنظمة التحرير الفلسطينية وقواتها المرابطة في لبنان من الشمال إلى الجنوب وحصلت الحرب.
مرت حكاية الذاكرة على ما ذكرت وأنا أجمع الجواب على سؤال هل تقع الحرب بعد أسر الجنود؟ ورجحت أن الحرب واقعة لا ريب من ذلك لكن أسباب القوة قائمة وانتهاء الحرب بالنصر وهزيمة العدو، يقين في العقل مؤيد بأمان القلب.
أعلن سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله، أن المجاهدين الأبطال وفوا اليوم بالوعد، وتمكنوا من أسر جنديين، ولذلك سميت عمليتهم بـ«الوعد الصادق» وبالشكر وببركة جباههم لن يبقى قيد في زندٍ أسمرٍ في سجون الاحتلال.
هي شمس الحرية تطل صباح هذا اليوم من تموز، والصيف أفضل الفصول، والوعد الصادق مبشر بالنصر في الكتاب الإلهي وبشّر الصادقين.
هي الحرية التي تستحق أن تخاض من أجلها الحروب. إن واحداً من الأسرار ذات البعد المعنوي الرمزي لحرب تموز، أنها كانت منازلة في الميدان، على مستوى لبنان وفلسطين، وديار العرب والمسلمين، وأحرار العالم أجمعين، من أجل الحرية...
رجال حزب الله قاتلوا من أجل فك قيود الناس الأحرار، ولن يبقى قيد على زندٍ أسمر في سجون الاحتلال.
إن النظر في هذا البعد الاستسراري لعملية خلّة وردة، وانتصار الوعد الصادق في تموز أنه حصل من أجل أعلى قيمة إنسانية ذات بعد إلهي ميتافيزيقي.
إن الوعد الصادق قائم على يقينين:
يقين الذهاب إلى قتال أعداء الحرية من أجل سطوع شمسها، التموزية، المشرقية على هذا العالم.
يقين أن النصر حليف الصادقين الذين أوفوا بالعهد.

3- في سيرة جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية والتاريخية

دعيت الحكومة إلى اجتماع استثنائي يوم 13 تموز 2006. بعد يوم واحد من عملية أسر جنود العدو، وكانت التطورات العسكرية والسياسية، تنذر بوقوع الحرب. أكد سماحة الأمين العام، في خطاب الوعد الصادق أن المقاومة أعلنت أسر جنديين وأن الأسيرين في مكان آمن بعيد، بعيد، العملية حصلت عند الساعة التاسعة وخمس دقائق، والغارات بدأت عند الساعة الحادية عشرة. الإسرائيليون لم يفعلوا شيئاً، منذ سنة نقول إننا نريد تحرير الأسرى. وتوجه قائد المقاومة إلى قيادة العدو: إن الأسيرين موجودان لدينا وهما لن يعودا إلى الديار إلا عبر التفاوض المباشر والتبادل ولا يمكن لأي قوة في العالم أن تعيد هذين الأسيرين إلى ديارهما المغتصبة إلا بهذه الطريقة، أفق الخيار العسكري لاستعادة الأسيرين أفق معدوم.
كان العدو قد أعلن اجتماع قيادته المصغرة مساء يوم الأربعاء وعنده تجربة العدوان على غزة، ربما تشجعه على شن الحرب ولذلك أضافت هذه العملية قوة ومساندة لإخواننا الفلسطينيين في غزة وأن كل الضغوطات والتهديدات لن تفيد، هدفنا من أسر الجنود المبادلة ولا أخذ المنطقة إلى حرب لكن لن نخشى هذه الحرب إذا وقعت.
اليوم 12 تموز 2015 مجاهدو المقاومة يريدون أن يجددوا القيم التي انهارت في هذا العالم.
بعد هذا الخطاب، الصريح تحركت الساحة العسكرية والسياسية في دوائر موجات متلاحقة. ضغوطات أميركية – فرنسية على الحكومة اللبنانية، لمطالبة حزب الله بتسليم الأسيرين وديعة إلى الدولة اللبنانية، أو إلى الأمم المتحدة وبعدها يتولى الجانب اللبناني التفاوض.
وأعربت حركة الدبلوماسيين الغربيين قلقاً من خرق الخط الأزرق، ما أدى إلى تأزيم الوضع المتأزم أصلاً وقد اتخذ أبعاداً خطرة جداً في وقت حساس بالنسبة إلى لبنان والمنطقة.
في ظل هذه المواقف والضغوط، دعيت الحكومة اللبنانية إلى اجتماع يوم 13 تموز 2006 بصورة استثنائية للنظر بما يجري من أحداث على الحدود اللبنانية وأن عملية الأسر جرت في توقيت مشبوه و«بأمر عمليات إيراني سوري» وأنها تضر بالبلد سياسياً واقتصادياً. وهي مرفوضة جملة وتفصيلاً، ومخلة بالعهود التي أعطيت في لجنة الحوار، وبقرار الحرب والسلم وحصريته في يد الدولة. ولو كانت خطوة شجاعة لكن توقيتها غير مناسب سياسياً واقتصادياً وسياحياً، وفق طريقة وليد جنبلاط الخاصة في التعبير وفيها تمكن مأساة الموقف السياسي، عندما يخلط جدية الوقائع بهزلية الإفصاح عنها...

4- ملخّص سجل محاضر الجلسة

بدأت الجلسة بحضور وفد قيادة الجيش اللبناني حضره قائد الجيش، مدير المخابرات، وممثل الأركان والعمليات، عرض قائد الجيش العماد ميشال سليمان للوضع العسكري، ذكر فيه: ابتدأ الوضع عندما حصل اشتباك على الخط الأزرق. تدهور الوضع بشكل مفاجئ وقصف متبادل، القصف يهدف إلى قطع المناطق وقصف الجسور. أرسلت تعزيزات من الجيش، تمركزت الوحدات ضمن خطة انتشار للدفاع عن الأرض في حالة اختراق بري أو إنزال، تعزيز مدفعي ودبابات، أطلقنا دوريّات بحرية للإنذار حول الإنزالات البحرية ويوجد:
وحدات إخلاء ولوجستية
خطة لاستيعاب المدنيين
لجنة للتنسيق مع وزارة الصحة للإسعاف والإغاثة.
بعدها قدم مدير المخابرات العميد جورج خوري صورة عن الوضع السياسي والأمني واتصالات مع كوفي أنان ووزير الخارجية الأميركي وبوتين. كثفت مديرية المخابرات الاتصالات الداخلية للمحافظة على وحدة البلد والاستقرار الداخلي الطبيعي.
لدينا 6 وحدات تكفي ستة أيام من الحرب.
وفي السياق ذاته تحدث وزير الدفاع وأكد على ضرورة اجتماع الحكومة للتشاور وأن لدى الوزارة معلومات من جهات خارجية أن الخطة الإسرائيلية تتحضر على 3 مراحل:
1) تحضير اللواء المجوقل لإنزال عسكري
2) إرسال 5 كتائب من الدبابات إلى الجنوب اللبناني.
3) ضرب العمق اللبناني للمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية...
وأضاف في مداخلة لاحقة أن العدو طلب استدعاء كامل الاحتياط، مشيراً إلى أنه، كتيار سياسي من البلد ويعرف كيف يدافع عنه، يعني أنه سيفاوض لأن الأمر صعب وخطير وأن وزارة الدفاع لا تريد الابتزاز وطلب مالاً لشراء ذخائر ضرورية.
قال وزير الدفاع أن العدو سيقوم بعمليات إنزال وأنه حدد لائحة اسمية بالمسؤولين في حزب الله للقيام بأعمال ضدّهم وأنه دعا إلى اجتماعات ليلية على المستوى الحكومي ونهارية على مستوى وزارة الدفاع وأن الجو إلى التصعيد وأنه ينتظر ما حدث من نصف ساعة في طلب لوقف إطلاق النار قد توافق عليه إسرائيل ولكن لسحب الدبابة المعطوبة. القصف لم يقف متوقع زيادة العمليات الحربية.
في مستهل الجلسة، قدّم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مشروعه لإصدار البيان الوزاري عن الحكومة في جلستها الاستثنائية متضمناً النقاط التالية:
1- الحكومة لم تكن على علم وليست مسؤولة عما جرى ويجري بالرغم من أنها طالبت المجتمع الدولي بالمساعدة على تحرير الأسرى اللبنانيين.
2- الحكومة تدين كل الاعتداءات على المدنيين اللبنانيين والمنشآت اللبنانية.
3- الحكومة ستقدم شكوى إلى مجلس الأمن.
4- استعداد الحكومة للتفاوض عبر المجتمع الدولي لحل مشكلة الأسرى.
5- مشاركة الحكومة اللبنانية في اجتماع وزراء الخارجية العرب.
6- الدعوة إلى انعقاد هيئة الحوار الوطني.
كان موقف فخامة الرئيس اميل لحود، محاولة لإعادة الوضع إلى نصابه الحقيقي. وذلك بنظرة القائد السياسي والعسكري الوطني وذلك بتأكيده على ما يلي:
1) ثمة مشكلة، وجود عسكريين إسرائيليين معتقلين يجب على الحكومة أن تتصرف.
2) في أيدينا نصر يجب أن لا نضيعه (يقصد الجنود الإسرائيليين الأسرى).
3) أي قرار خاطئ سيكون له انعكاس داخلي لبناني.
4) لبنان واجه اجتياحات وخرج منها.
5) سأساعدك للخروج من المأزق (متوجهاً إلى رئيس الحكومة).
يوجد أسرى لدينا وأسرى لبنانيين لدى العدو.
الحكومة لا تكشف المقاومة.
من خلال الحديث عن خطط للعملية وأنه ليس في البلد حكومة الخ...
6) نستطيع تكثيف الاتصالات خلال الساعات القادمة لتأمين عملية التفاوض وتبادل الأسرى.
أذكر أنني علّقت إيجاباً على مداخلة فخامة الرئيس وطالبت الحكومة اللبنانية باتخاذ موقف وطني من خلال مواجهتها استعدادات العدو، وأن المقاومة طالما تحدثت عن تحرير الأسرى والمعتقلين وأنها تقوم بواجبها في هذا الموضوع.
أقول أذكر، لأنني لم أسجّل في التقرير ما كتبت عندما كنت أحكي كنت أتوقف عن الكتابة، وما كان يهمني أن أكتب ما أقوله لأنني ربما كنت أعتقد أنه طالما أعرف ما قلت، لا لزوم لتدوينه وعليه كنت أترك مسافة بيضاء وأقول إنني تحدثت هنا في موضوع كذا.... ومرات نادرة جداً كان الأخ الحاج محمد فنيش يكتب ما أقوله، لأضمه إلى تقرير الجلسة وكنت أترك له أن يتصرف بما يجد فيه واجبه واستطاعته للقيام به.
ولأنني كاتب وصحافي وأستاذ تعليم، فقد كانت الفكرة عندما أدوّنها تصير راسخة في ذاكرتي... الكاتب كان يعقل الفكرة بالكتابة...
تحدث الوزير محمد فنيش وفق الإطار التالي:
1) لا أحد يريد 82، ولا 96 ولا 93 لكن المقاومة قادرة أن ترد على العدو.
2) عندما ناقشنا مشاركتنا في الحكومة وافقنا على المقاومة وقضيّة الأسرى.
3) لم نمارس رياء ولسنا غامضين في مواقفنا وعلى طاولة الحوار نحن لم نبدل.
4) نحن خرقنا الخط الأزرق صحيح ولكن العدو يخرق يومياً الخط الأزرق.
5) أوامر عملياتنا لا أحد يصدرها لنا، هذه العملية ليست مصالح إقليمية.
هذا ملخص سجل حقيقي، كتبت متنه بخط يدي. وفي مجلس الوزراء، والآن أقوم بدراسته لإظهار المناخ العام للجلسة، والأصل في الأمر عندي، هو أنني أروي...
وفي محضر الجلسة إشارات إلى الحوار خارج مجلس الوزراء منها ما نقل عن الوزير علي حسن خليل: «حاضرون للتفاوض على هذين الأسيرين» يجيب علي حسن خليل، الموضوع نعالجه هنا (في اللقاء الحواري) ويجتمع مجلس الوزراء، وتبقى اجتماعاته مفتوحة لا يتخذ أي موقف لا مع ولا ضدّ. ثم ينقل ما قاله عمرو موسى والأمين العام للأمم المتحدة والبيان الصادر عن بيدرسون ويخلص إلى أن تصعيد المواقف لا يفيد وأن الخطر غير نظري وإنما عملي. وقد بدأ ضرب الجسور ويبدو أن الإسرائيليين سيكملون...
* كاتب، وزير لبناني سابق