كالعادة، تقدّم حملةُ المقاطعة في لبنان جرداً مختصراً بأبرز الفنّانين الذين أحيوْا عروضاً/ أو سيُحْيون عروضاً/ في الكيان الصهيونيّ، و/أو عبّروا عن «حبّهم» له. لم ننجح، للأسف، في كشف بعض الخروق التي حصلت الشهرَ الماضي بسبب انشغالنا في كشف خروقٍ أخرى. فطاقتُنا، كما ذكرنا أكثرَ من مرّة، محدودة؛ كما أنّنا نضطرّ إلى التركيز على خروقٍ معيّنة على حساب أخرى. انشغلنا في الشهريْن الماضييْن، مثلاً، في تجييش حملات المقاطعة في العالم، وخصوصاً في كولومبيا، من أجل حثّ شاكيرا على إلغاء حفلها في الكيان، ونجحنا (رغم حملات التشكيك). كما شاركنا في حملة من أجل حثّ فنّانين عرب (وغير عرب) على الإحجام عن المشاركة في مهرجان رورترينال الألمانيّ بسبب موقف المنظّمين المعادي لحملة المقاطعة العالميّة (BDS)، ونجحنا في الإسهام في تراجعهم عنه. وانشغلنا، مع «اللقاء الوطنيّ ضدّ التطبيع»، في ترويجٍ ناجحٍ للأدب والفكر الثوريّ الفلسطينيّ المعادي للاستسلام (عبر أعمال الشهيد غسان كنفاني) في 3 مدارس في بعلبك.
لهذا السبب، لا غير، يَصْدر تقريرُنا المقتضَب بعد حفل Clean Bandit في مهرجانات بيت مسك في 28 حزيران، علماً أنّ هذه الفرقة البريطانيّة ستقدّم عرضاً في ليتشون ليتزيون في الكيان الغاصب في 26 تمّوز.
ولهذا السبب، لا غير، لم نتنبّه إلى أنّ فرقة Il Divo قدّمتْ عرضاً في جونية في 16 من الشهر الفائت (حزيران) قبل أن تُحْيي عرضاً بعد 3 أيّام فقط في الكيان المجرم بعد قضاء مدّة قصيرة في الأردن. وقال أحدُ أعضائها (سيبيستيان إيزامبارد): «أنا شديد الحماس لوجودي في إسرائيل، ولتشبّعي بالتاريخ الذي يمتلكه هذا البلدُ المدهش». وأضاف: «انتظرتُ طوال حياتي أن أقومَ بذلك»!
غير أنّ ذلك لن يمنعَنا، ولو متأخّرين، من لفت انتباه منظّمي هذين المهرجانيْن، في بيت مسك وجونية، إلى «سهوهم» كي لا يقعوا فيه مجدّدًا. فينبغي ألّا يسمحوا لهذا النوع من الفنّانين، المعجبين بقاتلنا وبـ«تاريخه المدهش» (الطافح بالدم)، بأن يأخذوا قرشاً من جيوبنا. وهذه أيضاً فرصةٌ كي نتمنّى على جميع الحريصين (لا المزايدين) على عمل حملتنا أن ينبّهونا إلى ما يطالعونه من خروق. فجزءٌ من معلوماتنا، خصوصًا المبكّرة، تأتي منهم بالذات.

■ ■ ■


هذا الصيف جاءت الخروقُ أقلَّ عدداً من الصيف الماضي، وهذا دليلُ صحّة لأنّ اللبنانيين وبعضَ منظّمي المهرجانات باتوا أكثرَ حذراً ويقظةً بسبب نشاط حملة المقاطعة ودقّة أبحاثها. وتبقى أمامنا الخروقُ الآتية:
1) مهرجانات جبيل الدوليّة. سيقدّم ثنائيّ The Chainsmokers حفلاً في هذه المهرجانات في 1 آب. وسبق أن قدّما عرضاً في ليتشون ليتزيون في 19 تمّوز، وأحييا عرضاً آخر في الكيان الصهيونيّ في آب من العام الماضي (قدّمت العرضَ آنذاك المغنّيةُ الإسرائيليةُ أنيتا بوكستاين). وقتها، قال أحدُ الثنائيّ: «لقد أردنا القدومَ إلى إسرائيل منذ وقتٍ طويلٍ جدّاً». وفي ختام الحفل أبلغ الثنائيُّ الجمهورَ الإسرائيليّ «بمدى حبّهما لكونهما في إسرائيل ولتقديم عرضهما أمام جمهورٍ مُسلٍّ كهذا!» وقالا «إنّهما الآن يتطلّعان إلى رحلتهما القادمة إلى الأراضي المقدّسة».
علينا أن نُخبر The Chainsmokers أنّ إسرائيل ليست «مسلّيةً» على الإطلاق، بل قاتلة ومجرمة، وأنّنا لن نرحّب بهذا الثنائيّ في لبنان.
وفي مهرجانات جبيل أيضاً، وفي 6 آب تحديداً، يُتوقّع أن تغنّي تارجا تورونن (Tarja Turunen). هذه المغنّية الفنلنديّة سبق أن غنّت في تل أبيب في 5 حزيران من العام الماضي، ضاربةً بعرض الحائط كلَّ جرائم «إسرائيل» (بما في ذلك «النكسة» التي سبّبتها في ذلك اليوم بالذات قبل 50 عامًا بالضبط).
2) مهرجانات جونية الدوليّة. في 9 تمّوز يُفترض أن يغنّي في هذه المهرجانات Kendji Girak. هذا المغنّي الكاتالونيّ سبق أن «ارتجل» حفلاً في شوارع تل ابيب صيفَ العام 2016، وهو ما اعتبرتْه صحافةُ العدوّ تعبيراً عن «التاريخ المشترك بين الغجر والشعب اليهوديّ». وأمامكم هنا في هذا الفيديو القصير، يغنّي جيراك، بالعبريّة، أغنيةً شهيرةً مستمدّةً من التراث التلموديّ، وذلك بعد توجيه السلام «إلى إسرائيل وأورشليم».
3) مهرجانات بيت الدين الدوليّة. تستضيف هذه المهرجانات في 30 تمّوز كارلا بروني. وكانت بروني قد أقامت عرضًا في أيّار من العام 2014 في تل أبيب، والتقت مع زوجها (رئيسِ فرنسا السابق نيكولا ساركوزي) مجرمَ الحرب شيمون بيريز. وقد عبّرتْ بروني عن «جنونها بإسرائيل ــ ــ إنّها مفعمةٌ بالحياة». ولم تنسَ أن تتملّق الكيان، فتتباهى أمام صحافته «بجذورها اليهوديّة» (عبر أبيها، وابنها من زواجٍ سابق).

■ ■ ■


ختاماً، تودّ الحملة التذكيرَ بمعايير المقاطعة الفنيّة، وهي معايير تتفق عليها الحملةُ الدوليّة (BDS)، وحملتُنا اللبنانيّة. فالمشاركةَ في نشاطات فنيّة أو غير فنيّة في الكيان الصهيونيّ تلميعٌ لصورة العدوّ الدمويّة، وغضٌّ للطرف عما يرتكبه من جرائم حرب وتهجيرٍ وعنصريّة.
على الفنّ أن يكون نصيراً للحريّة، لا نصيراً للاحتلال.
حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان