في 14 أيار\مايو 2019، تمّت دعوة الدكتورة رباب عبد الهادي، مديرة دراسات وكبيرة الباحثين العرب والمسلمين في دراسات العرق والشتات في جامعة ولاية سان فرانسيسكو، لإعطاء محاضرة كضيفة في حصّة «العرق والعنصرية» في قسم الأنتروبولوجيا، والذي يقوم بتدريسها الدكتور كيونج بارك، أستاذ الأنثروبولوجيا والدراسات الأمريكية الآسيوية. الدكتورة عبد الهادي هي عالمة محترمة في مجالات فلسطين، الإسلاموفوبيا، الدراسات النسوية والشتات. في محاضرتها، بعنوان «الإسلاموفوبيا (رهاب الإسلام) والحملات ضد التنظيم من أجل فلسطين والدراسات المتعلّقة به»، ناقشت الدكتورة عبد الهادي التشكيل التاريخي للإسلاموفوبيا والصهيونية كمشروع استعماري استيطاني مبني على مفهوم تفوّق العرق الأبيض، بهدف طرد الفلسطينيين من أراضي أجدادهم، وهو عنف استعماري استيطاني مستمرّ يعيشه الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة وفي الشتات الفلسطيني العالمي.خلال أسئلة الطلّاب، اتّهمت إحدى الطالبات الدكتورة عبد الهادي بمعاداة السامية وقالت بأنها شعرت بالإهانة لأن الدكتورة عبد الهادي ناقشت الإسلاموفوبيا في إسرائيل وربطت الصهيونية بتفوّق العرق الأبيض. استمعت الدكتورة عبد الهادي إلى تعليق الطالبة قبل الرد. في المقابل، قاطع طالب الدكتورة عبد الهادي مراراً خلال حديثها، ووصفها أيضاً بأنها معادية للسامية وعنصرية وطالبها بالخروج من القاعة.
استمرّ التفاعل بين الطلاب والدكتورة عبد الهادي حتى نهاية الحصّة في الساعة 3:15. وبينما كان الطلّاب يغادرون القاعة، اقترب الطالبان اللذان عطّلا المحاضرة من الدكتورة عبد الهادي ووصفاها بأنها «جاهلة» و«بغيضة».
بعدها، أرسل طالب شكوى حول المحاضرة إلى أحد كبار الإداريين، كما ذكرت صحيفة «ديلي بروين» الشكوى والحصّة الدراسية، وذلك في عددها في 16 أيار\مايو، معنونة المقال بـ«محاضرة ضيفة في قسم الأنثروبولوجيا اتهّمت من قبل الطلاب بتشجيع معاداة السامية». وقد حفل هذا المقال بالإغفالات والتشويهات، كما تمّ استخدامه من قبل الأفراد والمنظمات اليمينية المتطرفة والصهيونية لتشويه سمعة الدكتورة عبد الهادي والدكتور بارك وقسم الأنثروبولوجيا بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
تعلن جمعية طلاب الدراسات العليا للأنثروبولوجيا AGSA دعمها لكل من الدكتور بارك والدكتورة عبد الهادي، سواء على أساس الحرية الأكاديمية أو جوهر مضمون محاضرة الدكتورة عبد الهادي.
إن محاضرة الدكتورة عبد الهادي، ودعوة الدكتور بارك للدكتورة عبد الهادي لإلقاء المحاضرة في صفّه، تقعان وبوضوح تحت «سياسة الجامعة العامة المتعلّقة بالموظفين الأكاديميين». فبيان السياسة بشأن الحرية الأكاديمية يَذكر حرية التدريس باعتبارها واحدة من المبادئ الأساسية للحرية الأكاديمية ويدعو إلى أن «يتم تقييم التدريس والمناهج بالرجوع إلى المعايير المهنية التي تحافظ على سعي الجامعة نحو تحقيق المعرفة». ومحاضرة الدكتورة عبد الهادي مدعومة تماماً بأشكال مختلفة من الأدلة التجريبية المستخدمة في البحوث الأنثروبولوجية والتخصّصات الحليفة، وتندرج أبحاثها وأساليب تدريسها في نطاق إنتاج المعرفة المتّخِذ منحى العدالة.
كطالبات وطلاب الدراسات العليا في قسم الأنثروبولوجيا، طالبات وطلّاب يقودون حلقات نقاش مع طلاب المرحلة الجامعية الأولى، نحن ملتزمات وملتزمون بإنشاء بيئة أكاديمية غير إقصائية ترتكز على العدالة. وهذا يشمل ضمان ألّا تُخفي وجهات النظر المهيمنة وذات الصوت الصوت العالي في مجتماعاتنا، الأدلة العديدة -التي يمكن التحقق منها تجريبياً- عن الاضطهاد. إن معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية، وفي المستقبل، نأمل أن يستخدم طلاب جامعة كاليفورنيا وجامعة ديلي بروين، منظوراً فكرياً جدياً قبل دعم مزاعم كاذبة عن معاداة السامية للدفع نحو تآكل الحريات الأكاديمية.
لقد واجه طالبات وطلاب الدراسات العليا في قسمنا العديد من الحوادث العدائية والمهدّدة أحياناً، بمواجهة مع طلاب غير مستعدين للاعتراف بالتفوق البنيوي للعرق الأبيض والاستعمار الاستيطاني، في هذا العام الدراسي وحده. ليس من قبيل الصدفة أن أولئك الذين يواجهون وطأة هذه الهجمة هم أعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا من الملوّنات والملوّنين. نحن ندين بشكل لا لُبس فيه هذه المحاولات لترهيب طالبات وطلاب الدراسات العليا والسعي لإسكاتهنّ\م في مواجهة تفوق العرق الأبيض وبهدف تجنّب المواضيع التي تشكل مجالات نقدية من أبحاثنا وفي مساحة التعليم التي نقدّمها.
غالباً ما تكشف الأبحاث الأنثروبولوجية عن بُنى القوة التي تجعل الظلم يبدو طبيعياً. كطالبات وطلاب الدراسات العليا، إن واجبنا التربوي هو في تعزيز البيئات الأكاديمية حيث يتمّ نقاش المنطق القمعي والمهيمن، كما يتمّ استكشافه وتحدّيه بطريقة شاملة لوجهات النظر الموجودة في أي حصّة دراسية.
وفقاٌ لهذه المبادئ، من المهم والضروري أن نعلّم فلسطين.

جمعية طلاب الدراسات العليا للأنثروبولوجيا AGSA، جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلس