ليست مهمة هذا المقال سَرد تاريخ مُعاناة الشعب الفلسطيني في لبنان وما تعرّض له ـ ولا يزال يتعرّض له ـ من ظلم وتمييز عنصري واستغلال من قبل الدولة اللبنانية. تلك الحقائق أصبحت معروفة منذ اللحظة التي وطئ فيها الشعبُ الفلسطينيّ أرضَ لبنان عام 1948، وتواصل الحكومات اللبنانية المتعاقبة تبنّي سياسة التهميش والحصار على الفلسطيني، وآخرها قرار وزير العمل اللبناني الأخير بحق العمال وأصحاب العمل من الفلسطينيين (راجع موقع مجلّة «الآداب»، 21 ديسمبر 2019) رغم وجود الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية منذ عام ١٩٤٨، وقد أصبحوا جزءاً لا يتجزّأ من النسيج الاجتماعي في لبنان، بل وجزءاً أصيلاً من مكوّنات هذا البلد ومن تاريخه المعاصر و «شركاء الدم» في المقاومة ورفض الهيمنة والاستعمار.إن قرار الوزير اللبناني كميل ابو سلمان الصادر قبل أيام، وما تبعه من إجراءات ومخالفات اتخذت بحق العمّال الفلسطينيين وأصحاب العمل، لم تأت من فراع وليست مصادفة، ولا منفصلة عن مشروع التصفية في العالم العربي. إنها في الحقيقة جزء لا يتجزأ من الهجمة الدنيئة والشاملة على الشعب الفلسطيني عموماً وضد القضية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها من خلال حصار شعبنا في كل مكان. فحصار أهلنا في غزة، ولبنان، وسوريا، والأردن، وحتى في أوروبا وكل أماكن الشتات، يأتي ضمن مشروع تصفية القضية الفلسطينية وضرب حركة التحرر العربية على يد الكيان الصهيوني والأنظمة الرجعية وقوى الاستعمار بقيادة الولايات المتحدة وأدواتها العميلة.
وهي تعبير عن خوف هذه الأنظمة من نهوض فلسطيني وعربي ثوري من جديد، خاصة في المخيمات. خوف من أن ينظم شعبنا نفسه وينتصر لحقوقه الوطنية والمدنية، التي تبدأ بحق العودة ولا تنتهي بحقه في الحصول على الحقوق المدنية والمساواة وحرية التنقل والرأي والتعبير.
لم يكن القرار العنصري بحق العمال الفلسطينيين هو السبب الوحيد في خروج أهالي المخيمات في اعتصامات واحتجاجات غاضبة، وإن كان هذا القرار هو الشرارة التي دفعت الى هذا الحراك أو هذه الانتفاضة الشعبية. لكن في حقيقة الامر وجوهره، إن الانتفاضة في المخيمات تعبير صارخ عن حالة مستمرة وطويلة من القهر والإقصاء والحصار يعيشها شعبنا في المخيمات على نحو خاص، وهي تعبير عن رفض الظلم والعنصرية وسياسات حكومية تتعامل مع الوجود الفلسطيني بوصفه ملفاً أمنياً.
منذ عام ١٩٤٨ حتى اليوم، واصلت الحكوماتُ اللبنانيّةُ المُتعاقبة سياسةَ فرض القوانين العنصريّة التي تُميّز ضدّ الفلسطينيين وتحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانيّة، وذهبتْ إلى حدّ فرض حصار أمنيّ واقتصاديّ وثقافيّ خانق على المخيّمات، يبدأ من إقامة الحواجز والأسلاك الشائكة، ولا ينتهي بمحاولة استنساخٍ رخيصة لجدارِ فصلٍ عنصريّ حول مخيّم عين الحلوة يحاكي جدارَ الفصل العنصري الذي أقامته دولةُ الاحتلال الإسرائيليّ في فلسطين المحتلّة.
إن الاحتجاجات التي نشهدها في مخيمات بيروت والشمال والجنوب هي حالة نوعية تعتبر الاولى منذ فترة طويلة لأهلنا في لبنان، من أجل الدفاع عن الحقوق ومن أجل مواجهة سياسة العنصرية والتهميش التي احترفها النظامُ اللبنانيّ الطائفي في حقّ الفلسطينيين، ومعهم العمال واللاجئون الاجانب على أساس طبقيّ وهويّاتيّ طائفي. إن هذه الاحتجاجات الجادة والغاضبة في لبنان تذكّرنا بالحقيقة التي تقول إنّ المخيمات الفلسطينية، أي خزان الثورة، تحولت الى أحزمة بؤسٍ تحتضن قاعَ الطبقات الفقيرة المسحوقة في لبنان من الجنسيّات كافّةً. وان هذه الطبقات اليوم هي جاهزة للانتفاضة والثورة على واقعها المزري لاستعادة دورها في الحركة الوطنية الفلسطينية وفي المقاومة، من أجل استكمال مشروع العودة والتحرير.

السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير
إنّ المسؤوليّة الأساسية في كلّ ما حدث ويحدث لنا في لبنان والعراق وسوريا وكل الشتات، تقع على عاتق الكيان الصهيوني أولاً، وعلى عاتق المؤسّسة الفلسطينيّة الرسميّة التي تصدع رؤوسنا كل يوم بأنها «الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني»، نعني «منظّمة التحرير الفلسطينيّة» التي تخلّت بشكل شبه كامل عن مسؤوليّاتها إزاء الفلسطينيين عموماً، واللاجئين ــــ خصوصاً ــــ في الشتات، بل داخل فلسطين المحتلّة نفسها، وهي المؤسسة نفسها التي ترعى «لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي» وتطبّع مع الاحتلال ومجتمعه العنصري كل يوم، وهي المؤسسة نفسها التي تقمع شعبنا في الارض المحتلة بالهراوات وتنسق أمنياً مع العدوّ الصهيوني.
الفلسطينيون في الشتات، وفي لبنان تحديداً، يعرفون جيداً، أنّ «منظّمة التحرير»، التي شيّدوا مؤسّساتِها واتّحاداتِها الشعبيّةَ والنقابيّة، النسويّةَ والطلّابيّةَ والعسكريّة، بالدم والمال، وقدّموا كلَّ ما لديهم في معركة الدفاع عن وجود الثورة وحماية البندقيّة الفلسطينيّة، قد تركتهم القيادة الفاشلة والعاجزة كالأيتام في العراء، لا ظهرَ لهم ولا صوت. فقد «اختَطفتْ» هذه المنظّمةَ عصابةٌ فلسطينيّةٌ صادرتْ كلَّ المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ لتأمين مصالحها وامتيازاتها الصغيرة في رام الله المحتلّة تحت بساطير الاحتلال.
هذا الحراك الشعبي في لبنان، يضع كل المؤسسات الوطنية الفاعلة في الشتات وداخل الارض المحتلة امام مسؤولية وطنية كبيرة، وتدعوهم إلى العمل والتنظيم من جديد، للدفاع عن شعبنا في لبنان والشتات، ومن أجل استعادة دور الشتات في الحركة الوطنية الفلسطينية وفي دعم وإسناد شعبنا الصامد في الأرض المحتلة. وهذا كله يقتضي الكثير من العمل وتطوير مستوى التنسيق بين الجاليات والمؤسسات الشعبية والوطنية والتجمعات الشبابية والطلابية، في الوطن والشتات، واندماج هذه المؤسسات في برنامج نضالي موحد تشارك فيه الاتحادات واللجان الشعبية والحركات الشبابية في فلسطين المحتلة والمخيمات وأماكن الشتات واللجوء.
معيار «التضامن» اللبنانيّ والعربيّ، الفعليّ لا الشعاراتيّ، مع الشعب الفلسطينيّ، أن يمرّ من المخيّمات


يحق لنا أن نسأل، ماذا تفعل قيادات فصائل العمل الوطني في لبنان؟ وما هي الخطوات الحقيقية التي تقوم بها على أرض الواقع لتحصيل حقوق شعبنا الإنسانية؟ وليس هذا فقط، ما هو دورها إزاء مهمتها الأساسية للنضال من أجل حق العودة وتحرير فلسطين؟ أيّ مشروع تحمله اليوم الفصائل والأحزاب الفلسطينية الى جماهير شعبنا في المخيمات؟ وما هي البرامج العملية والأدوات، التي تدعو شعبنا للانضمام اليها والنضال من داخلها؟ الجواب: لا شيء.
نحن نسأل أيضاً: لماذا لا تقوم «منظمة التحرير» بتفعيل الدوائر واللجان المعنية بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، والنقابات العمالية والاتحاد الشعبية، كما تفعل السلطة مع ما يسمّى «دائرة المغتربين»؟ ولماذا لا يجري العمل على وقف التطبيع الرسمي وحلّ ما يسمى «لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي»، رغم عشرات البيانات التي صدرت وتطالب بحلّها، وتحديداً ما أصدرته «اللجنة الوطنية للمقاطعة»؟ لماذا لا ترسل «منظمة التحرير» الوفود الى العالم لنصرة الحركة الأسيرة وغزة المحاصرة، أو اللاجئين في لبنان أو اليونان؟ لماذا لا تقوم السفارات الفلسطينية في العالم التي تكلّف الشعب الفلسطيني ملايين الدولارات بأي دور تجاه عذابات الأسرى وحق العودة واللاجئين؟ لماذا لا نسمع كلمة واحدة عن جدار الفصل العنصري ونهب الاراضي وحصار غزة وفلسطينيي سوريا من ممثل المنظمة في الامم المتحدة؟ شعبنا يعرف الجواب. لكن من المهم أن نطرح مثل هذه الاسئلة اليوم حتى نفكر في البديل الوطني الديموقراطي الذي لا يمثله محمود عباس ونهج الاستسلام. بل يمثله إضراب الاسرى في السجون، والحراك الشعبي في مخيمات لبنان، ونضال الجاليات الفلسطينية في أوروبا وصمود المقاومة وشعبنا في الارض المحتلة.
إن من واجب هذا الحراك، أو كل يد تطرق جدران الخزان، أن تُعرّي وتفضح «سلطة أوسلو» التي تتآمر اليوم على اللاجئين بشكل ممنهج ومنظم. لقد أدلى محمود عباس بتصريح سخيف ومهزوم على ما يجري في لبنان يقول فيه: «نرفض كل أشكال التصعيد مع الأشقاء اللبنانيين والحل يأتي بالحوار». هكذا بكل بساطة! ومنذ أسبوع كان عزام الأحمد في لبنان، حيث لم يلتق أهلنا المحاصرين في المخيمات، بل التقى مع قاتلهم، مجرم الحرب سمير جعجع. ومع بداية الحراك، صرّح الأحمد مطالباً أهل المخيمات بفك الإضراب والانصياع لقرار الحكومة اللبنانية. ولا نستبعد أي دور تآمري من السلطة الفلسطينية مع حزب القوات اللبنانية، أدى إلى هذا القرار العنصري. فيعرف شعبنا في لبنان أنه بعد كل زيارة لعزام الأحمد الى لبنان، تقع مصيبة على رؤوس الفلسطينيين في المخيمات.
خلال كتابتي هذا المقال، قرأت خبراً عاجلاً على موقع «الميادين»، عن لقاء تمّ بين السفير الفلسطيني في لبنان ووزير العمل، حيث تم الاتفاق على منح اللاجئين الفلسطينيين من شهرين الى 6 أشهر «لتسوية أوضاعهم» ووقف أي إجراء بحقهم. ويقول الوزير لـ«الميادين» إنّ السلطات اللبنانية لم تتخذ أي قرار جديد بحق العمال الفلسطينيين، ولكنها تطبّق القانون اللبناني. هذا إنجاز السلطة الفاشلة التي تتفاوض باسم شعبنا، بدل أن يطالب السفير الفلسطيني وعزام الأحمد بالحقوق الانسانية الكاملة للشعب الفلسطيني في لبنان والتوجه الى المخيمات والوقوف مع شعبنا الغاضب، تقبل السلطة بمهلة مدتها ستة أشهر! لتسوية الاوضاع. كم يذكّرنا هذا باتفاق أوسلو المخزي ونهج التفريط والاستسلام.
نحن لا ننسى ولن ننسى تخلّي «سلطة أوسلو» و«منظمة التحرير» عن فلسطينيي العراق، وكيف تعاملت مع شعبنا في مخيمات سوريا حتى اللحظة، حيث يطالب الفلسطينيون السوريون بالحماية والمساعدة، وهناك كل يوم «حوادث» تقع لفلسطينيين محاصرين في مطارات العالم يطلبون المساعدة ولا حياة لمن تنادي. ويعيش أهلنا اليوم في اليونان وعلى الحدود مع تركيا في خيام اللجوء محاصرين في الجزر وممنوعين من السفر والحركة، في مشهد يصرخ فينا ويقول إننا عدنا الى نقطة البداية، نسكن الخيام ونعتاش على المساعدات الدولية، وبدل الموت في صحراء العرب عطشاً، فإننا نموت اليوم غرقاً في البحر الأبيض المتوسط، نتسوّل الإقامات في بلاد العالم، الفارق الوحيد ربما بين ما حدث في عام ٤٨ وما يحدث لنا اليوم، أن في عام ٤٨ كانت خيمة اللجوء على حدود قرى فلسطين المحتلة وكانت فلسطين في متناول اليد والسلاح، أما اليوم فينصب الفلسطيني خيمته على حدود البلقان وفي بلاد الإغريق، في برلين ومالمو، محاصر في عمان ودمشق وبيروت، وممنوع في السعودية والإمارات والبحرين... حصار الصهيوني أقرب الى العرب!

انتفاضة المخيمات
كتبت أخيراً مقالة في مجلة «الآداب» كان عنوانها «انتفاضة الفلسطينيين في لبنان: بين المشكلة والحلّ»، قلت فيها: «أمَا وقد تعذّر الوصولُ إلى «الحلّ» طوال سبعة عقود من اللجوء، فلم يعد أمام أبناء المخيّمات وبناتِها إلّا طريقُ الانتفاضة على هذا الواقع المرير، في الشوارع والميادين والساحات العامّة، ومن خلال حركة شعبيّة مدنيّة يقودها الشبابُ الفلسطينيُّ واللبنانيُّ، الحريصُ على لبنان وفلسطين معاً. إن الشعار الناظم والمطلب الذي يجب أن ينظّم عمل حالة انتفاضة أهل المخيمات في لبنان، هو أن تعلن السلطة اللبنانية وتقرّ بكامل حقوق الفلسطينيين المدنيّة والسياسيّة، وأن يتوقّف التمييزُ العنصريّ الممنهج من قبل الدولة ومؤسساتها، وذلك بإلغاء القوانين والتشريعات التي تسلب الفلسطينيين حقوقَهم الإنسانيّة».
وأيضاً ما معناه، إنّ انتفاضة الفلسطينيين المدنيّة في لبنان، من أجل حقوقهم، هي مصلحة الحركة الوطنية البنانيّة أيضاً باعتبار أن هذه الانتفاضة وتحقيق أي إنجازات فيها سوف يسهمان بالضرورة في تحقيق العدالة الاجتماعية، ومن أجل حقوق اللبنانيين من العمال والمفقرين والمعطلين من العمل، وفي مصلحة اليد العاملة الأجنبية المضطهدة في لبنان واللاجئين السوريين ومن أجل لبنان ديمقراطي عربي تقدمي مقاوم. وان انتزاع الفلسطينيّ اللاجئ لحقوقه المدنيّة والسياسيّة والثقافيّة يشكّل عاملَ تغييرٍ ثوريّ ديمقراطيّ في النظام السياسيّ اللبنانيّ نفسه: إذ يسهم في نقله من دولة الطوائف والأثرياء إلى دولة العدالة الاجتماعيّة والمساواة، وينقل «الحوارَ اللبنانيّ ــــ الفلسطينيّ» من الحيّز الأمنيّ والطائفيّ الضيّق إلى فضاء إنسانيّ تقدّميّ وعروبي، يسمح للفلسطينيين في لبنان والشتات بتنظيم أنفسهم، واستعادة دورهم في مشروع المقاومة ضد العدو الصهيوني، وأن يكون الفلسطيني مكوّناً رئيسياً في مشروع التحرير.
«ليس المقصود بالانتفاضة الفوضى أو العنف، بل حركة شعبيّة واسعة ومنظّمة، تشارك في صياغة أهدافها وشعاراتها الناظمة كلُّ المؤسّسات والتجمّعات الشعبيّة والمبادرات والمنظّمات الشبابيّة الفلسطينية واللبنانية الوطنية، عبر ممارسة مختلف أشكال العصيان المدنيّ داخل المخيّمات وفي المدن والمناطق اللبنانيّة، وصولاً إلى العاصمة بيروت»، إن انتفاضة الفلسطينيين في لبنان، وصرخات المخيمات الغاضبة الموجعة، تدعو الشباب الفلسطيني في لبنان والارض المحتلة، وكل مكان، إلى تخطّي القيادة الفلسطينية الفاسدة والتقدم من أجل طرح البديل الثوري، وإنتاج قيادة جديدة وشابة تشكل بديلاً للقيادات التقليدية ومجموعات «المخاتير» المرتبطة بالسلطة اللبنانية وأجهزتها الأمنية. قيادة وطنية جديدة تولد من رحم المخيمات وتكون قادرة على قيادة الانتفاضة وتطويرها، وتتجاوز «قانون العمل» الى ما هو أبعد من «المطلبي»، الى جوهر النضال الوطني التحرري في معناه الشامل. وعلى الجاليات الفلسطينية في الشتات، خاصة في أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية، توفير الدعم الكامل لانتفاضة المخيمات في لبنان، خاصة إذا أُجبرنا على التظاهر أمام السفارات اللبنانية في دول العالم لفضح سياسات الحكومة اللبنانية العنصرية، وعلينا العمل معاً لدعم صمود أهلنا في المخيمات وتوفير آليات الصمود والنضال من أجل استئناف طريق العودة الى فلسطين وتحصيل الحقوق المدينة والاجتماعية الكاملة.
وأخيراً، نوجّه رسالة الى معسكر المقاومة في لبنان والمنطقة، ونقول إن معيار «التضامن» اللبنانيّ والعربي، الفعليّ، لا الشعاراتيّ، مع الشعب الفلسطينيّ، أن يمرّ من المخيّمات، وبالانتصار لحقوق الفلسطينيين في لبنان والعالم العربي. وهذا يشترط دعمَ النضال المطلبيّ الفلسطينيّ بإلغاء القوانين العنصريّة وتعزيز النضالات المشتركة من أجل كسر حالة العزل بين المجتمع اللبنانيّ والفلسطينيين في المخيّمات. فكيف تتضامن مع غزة وتكون ضد الاحتلال ومع حق العودة وتعقد المؤتمرات في بيروت وتصرف عليها عشرات الآلاف من الدولارات، وفي الوقت نفسه تحاصر الفلسطينيين في المخيمات؟! هذا لا يستقيم... أو تقف عاجزاً امام هذا الواقع المرير؟
لقد شبع شعبنا من الشعارات الخجولة التي تتحدث عن «التضامن» وتؤكد رفض التوطين»، ولم يعد لهذه الشعارات أي قيمة ومعنى ما لم يتم التعبير عنها وترجمتها الى أفعال حقيقية وجدية تحدث تغييراً جذرياً للواقع الذي يعيشه الفلسطيني في لبنان، على مستوى التضامن والنضال الفعلي والمشترك. غير ذلك، فإن خيار الفلسطيني سيكون دائماً الانتفاضة والإبداع في النضال، ولن يتخلى عن حقوقه، في لبنان وفلسطين، حتى العودة والتحرير.

*منسّق شبكة «صامدون» في أوروبا