بالأمس في الخامس عشر من حزيران / يونيو، يدخل ابن الجزيرة العربية، الطبيب الدكتور بدر الإبراهيم عامه السادس والثلاثين، وقد مرّ عليه، وثلّة من رفاقه، عامان في السجن في الرياض، لا لذنبٍ ارتكبوه، سوى مشاركتهم قبل سنوات في كتاب بعنوان «في معنى العروبة»، قدّم له المفكّر الكبير الدكتور جورج قرم. ثمّ شاركوا، في عام 2015، في إحدى دورات المؤتمر القومي العربي، تأكيداً على التزامهم بالعروبة هوية، وبنهضة الأمّة نهجاً وبكرامة الإنسان هدفاً.يخطئ السجّان في الرياض، أو في غيرها من عواصمنا العربية التي تعجّ بالسجون والمساجين السياسيين، حين يظنّ أنّ سنوات الاعتقال يمكن أن تُخرج الأحرار من ذاكرة شعبهم ووجدان أمّتهم. بل عليه أن يتذكّر أنّ الكثير ممّن قادوا بلدانهم، أمضوا سنوات في السجن يعانون ما تعانيه شعوبهم ويجسّدون إرادة أمّتهم بالحرية والعدالة والكرامة.
قد لا يجد بدر الإبراهيم في عيده قالباً من الحلوى يقطعه مع رفاقه المعتقلين، محمد الربيعة، وثمر المرزوقي، وعلي الصراف، وعبد الله الدحيلان، وعبد الله الشهري، ومحمد الصادق، وصلاح الحيدر. بل ربما قد لا يجدون شمعة يطفئونها كرمزٍ لعام قضى، ولكن عليهم أن يدركوا أنّ لهم في قلب كل أحرار بلادهم شموعاً تُضاء، وقوالب من الحب والتقدير تنغرس في الوجدان. فأعياد أمثالهم، الشخصية، أو الدينية، أو الوطنية، هي مناسبات للتمسّك بما نشأوا عليه، وللثبات على ما آمنوا به. وفي تاريخهم القريب والبعيد، أمثلة ساطعة على أصحاب عقيدة تحمّلوا الأمرّين من أجل عقيدتهم وما هانوا وما لانوا. ألا نذكر آل ياسر بصبرهم، و الصحابي بلال الحبشي وتعذيبه، وهو يصرخ «أحد... أحد...»، وغيرهم، وغيرهم؟
فليكن عيدك يا دكتور بدر، دعوة للإفراج عنك وعن رفاقك وإخوانك، من مثقّفين وعلماء ونشطاء، رجالاً ونساء، وعن كلّ معتقل سياسي، وسجين رأي في بلاد الحرمين الشريفين، وفي كل بلد عربي. فلا نهضة، ولا تقدّم، ولا حداثة، ولا تحرّر، إذا بقي في السجون مناضل بسبب رأيه، وإذا بقي في المعتقل رجل فكر ومبدأ بسبب قناعاته.
لبدر الإبراهيم نقول، وهو خلف القضبان: كلّ عام وأنت وشعبك وأمّتك بألف خير. والخير أوّله حرية، وآخره عدالة وكرامة وإنسانية.

*كاتب وسياسي لبناني.