عقدت اللجنة التنفيذية لـ«المنتدى القومي العربي» اجتماعها الدوري افتراضياً، بحضور رئيسة المنتدى بالوكالة الدكتورة نشأت الخطيب، والرئيس المؤسّس الأستاذ معن بشور، والأمين العام الدكتور رياض خليفة، وأمين السر النقابي الأستاذ عدنان برجي، والأعضاء: المحامي خليل بركات، الأستاذ خليل الخليل، الأستاذة رحاب مكحّل، الأستاذ عماد فحص، الأستاذ فيصل درنيقة، المحامية مايا المجذوب، المهندس محمد شرف الدين، الدكتورة مهى خير بك وعضو مجلس الأمناء، منسّق أنشطة المنتدى، الأستاذ عبد الله عبد الحميد.وقد خصّص المجتمعون اجتماعهم لاستحضار الذكرى الخمسين لرحيل باعث النهضة القومية المعاصرة القائد الخالد الذكر جمال عبد الناصر، كما لاستحضار ذكرى الانفصال المشؤوم في 28 أيلول/ سبتمبر 1961، وذكرى انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتفاضة الأقصى المبارك في 28/9/2000، مؤكّدين الترابط بين المناسبات التي تجمع بين ذكرى قائد جسّد وحدة الأمة، وحمل مشروعها النهضوي، وواجه أعداءها المتربّصين بها. وبين ذكرى انفصال مشؤوم استهدف وحدة الأمة من خلال أول تجربة وحدوية عربية معاصرة بين مصر وسوريا، وبين ذكرى انتفاضة فلسطينية مباركة أكدت أنّ طريق الأمة لتحرير أرضها ومواجهة أعدائها، إنّما هو طريق الانتفاضة والمقاومة. ورأى المجتمعون أن إحياء هذه المناسبات لا يعني مطلقاً رغبتنا في العيش في الماضي، مبتهجين بإنجازاته، متألّمين من إخفاقاته، بل لكي نستوعب الدروس التي تحملها هذه المناسبات وتطوير مشروعنا القومي في ضوئها، وفي ضوء الاستفادة من المستجدات الراهنة، وأبرز تلك الدروس هي:
1 ــ أهمية الوحدة العربية في حياة أمّتنا، بعدما أثبتت الأحداث والتطوّرات أنّ كل المشاريع الفكرية والسياسية البعيدة عن هذه الوحدة، لم تأتِ سوى بالفشل لأمّتنا، ولأقطارها وجماهيرها، وأنّ نهوضاً حقيقياً للأمّة لا يتمّ إلا باستعادة الوحدة العربية، بأيّ شكل من أشكالها (تضامن، تعاون، تنسيق، تكامل تشبيك، اتحاد كونفدرالي، اتحاد فدرالي) باعتبار الوحدة العربية هي الإطار الحقيقي لصون الوحدة الوطنية في كل قطر، ولحماية الأمن القومي على مستوى الأمة، ولتحقيق التنمية المستقلّة على مستوى الاقتصاد القطري والقومي، ولتحقيق العدالة الاجتماعية لأبناء الأمة، والكرامة الإنسانية لكلّ مواطن.
2 ــ إنّ العروبة ذات المضمون الحضاري والديموقراطي، هي الهوية الجامعة لأبناء الأمة، على اختلاف انتماءاتهم، وإنّ الحرب الاستعمارية ـــــ الصهيونية ـــــ الرجعية على العروبة، إنّما هي حرب ممهّدة لتقسيم الأمة إلى طوائف ومذاهب وعرقيات وقبائل، وإلى إبقاء الوطن العربي الكبير أسير صراعات دموية لا تنتهي وانقسامات متعدّدة الأشكال لا تتوقف.
3 ــ إنّ فلسطين ليست القضية العربية المركزية فحسب، بل هي جوهر القضية العربية، بما هي قضية نهوض وتوحيد وتحرّر وعدالة وتقدّم، لأنّ المشروع الصهيوني المصنوع استعمارياً والمدعوم من قوى التخلّف والردة في الأمة، لا يقبل لهذه الأمة، أو لأحد أقطارها أي نهوض أو تقدّم لأن في هذا النهوض والتقدّم هزيمة نهائية لهذا المشروع وأصحابه.
4 ــ مناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني اليوم، هي ترجمة عملية للاءات الثلاث التي حملتها الأمة العربية مع جمال عبد الناصر، في قمة الخرطوم عام 1967، بل هي الشعار المتكامل مع مقاومة الاحتلال، فنحن أمام احتلالين: أولهما احتلال الأرض كما في فلسطين والجولان ولبنان، وثانيهما احتلال الإرادة كما في العديد من أقطار الأمة، وما التطبيع إلا أحد أشكال مقاومة الإرادة الذي ينبغي مناهضته بالقوة ذاتها التي نقاوم فيها احتلال الأرض.
5 ــ إن الترجمة الفعلية لشعار الوحدة العربية، إنّما يكون بالسعي لوحدة القوى الشعبية العربية المؤمنة بالمشروع النهضوي العربي وعناصره الستة: الوحدة العربية، الاستقلال الوطني والقومي، الديموقراطية، العدالة الاجتماعية، التنمية المستقلة والتجدد الحضاري، كما بالتركيز على نقاط التلاقي بين هذه القوى، وعلى رأسها تحرير فلسطين، من أجل مجابهة كلّ التحديات الأخرى.
6 ــ إنّ إيلاء التكامل الاقتصادي العربي، ولا سيما التشبيك بين الأقطار العربية، ما يستحقّه من جهد فكري ونضال يومي هو مدخل رئيسي لبناء القوة العربية القادرة على مواجهة كل التحديات، كما لتحقيق تنمية عربية مستقلّة تحقق طموحات أبناء الأمة العربية بالرخاء والازدهار، ناهيك عن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
7 ــ إنّ الوحدة الوطنية الفلسطينية التي نستبشر بما جرى من خطوات على طريق تحقيقها، تشكّل الحجر الأساس في تصليب الموقف الفلسطيني الرافض لـ«صفقة القرن» ومخرجاتها، كما في فتح المجال واسعاً لإطلاق انتفاضة ثالثة تدحر الاحتلال وتحرر القدس وتحقق أهداف الشعب الفلسطيني، كما تشكّل دعامة قوية لكل القوى العربية والإسلامية والعالمية المساندة للقضية الفلسطينية والمدعوّة، بدورها، إلى تفعيل كلّ أطر العمل المشترك بينها من منتديات ولجان وهيئات ومراصد، بما يؤكّد الطابع العربي ــــــ الإسلامي والمسيحي والعالمي لهذه القضية العادلة.
8 ــ إنّ المضمون الديموقراطي للحركة القومية العربية، هو جزء لا يتجزّأ من مشروعها التاريخي، وهو القادر على توفير المشاركة الشعبية الواسعة في تقرير مصيرها واختيار نظام الحكم فيها وصون المنجزات القومية وترسيخ الوحدة الوطنية، وهو مضمون متحرر بالتأكيد من تلك المحاولات المشبوهة التي تستهدف وحدة مجتمعاتنا وأهدافها الوطنية والقومية تحت شعارات «الديموقراطية وحقوق الإنسان»، فيما أصحاب هذه المحاولات يسقطون في كلّ الامتحانات الديموقراطية في بلادنا وفي أرجاء المعمورة، ولا سيما من خلال دفاعهم عن الإرهاب الصهيوني والجرائم الإسرائيلية المتكرّرة، بالإضافة إلى مشاركتهم في دعم جماعات الغلوّ والتطرّف وجرائمهم المتواصلة.
9 ــ إنّ المقاومة التي كان جمال عبد الناصر من طلائعها المقاتلة في الفالوجة، في فلسطين 1948، والتي جسّدت انتفاضة الأقصى عام 2000 معانيها الحقيقية، هي تعبير صادق عن إرادة أمّة رفضت منذ مئات السنين الانصياع لمخططات الطامعين فيها، وقدمت ملايين الشهداء من المحيط إلى الخليج على طريق مقاومتها، وبالتالي فحمايتها اليوم واجب كل شرفاء الأمة، حمايتها من أعدائها المتربصين بها بكل شراسة، ومن الأخطاء التي تقع بها وتتطلب مراجعة مستمرة بالتعاون مع كل المخلصين من أبناء الأمة.
10 ــ إنّ مصر العظيمة التي أنجبت للأمة القادة الكبار والشهداء العظام كجمال عبد الناصر، تبقى محلّ أمل كلّ أبناء الأمة لاستعادة دورها القومي والإقليمي والعالمي، كما كان حالها في زمن جمال عبد الناصر، وهذا يتطلّب مراجعة جريئة وعميقة لمسار النظام المصري منذ اتفاقيات «كامب ديفيد»، وما رافقها من إجراءات اقتصادية واجتماعية وسياسية وقمعية عطّلت دور مصر التاريخي، وجعلت منها هدفاً لمؤامرات لا تتوقف على أمنها الوطني والقومي وعلى أمنها المائي والغذائي، وهو ما يتطلّب رص الصفوف حول مصر في مواجهة هذه التحديات.
11 ــ إنّ الحروب ـــــ الفتن التي تشهدها أقطار عربية عزيزة على كل أبناء الأمة، ولا سيّما سوريا والعراق واليمن وليبيا، وصولاً إلى ما يتهدّد لبنان من مخاطر، تتطلّب تضافر جهود كل المخلصين من أبناء الأمة، في مختلف المواقع والمسؤوليات، من أجل إنهائها وإفساح المجال لأبناء تلك الأقطار للعيش بسلام واستقرار وازدهار، ليساهموا بشكل فعال في نهضة الأمة ووحدتها وتحرّرها وتقدّمها، رغم كلّ ما تتعرّض له من مخططات ومؤامرات، وهو أمر يحتاج منّا جميعاً إلى المراجعة الجريئة والصادقة لتجاربنا، فنطوّر الإيجابي منها ونتخلّص من السلبي.
إنّ المنتدى القومي العربي الذي تمّ تأسيسه قبل 28 عاماً إطاراً للحوار وتنمية الوعي النهضوي العميق في لبنان والأمّة، يجدّد تأكيد الشعار الذي أطلقه يوم تأسيسه «بأنّ لبنان حاجة عربية، وأنّ العروبة حاجة لبنانية»، وكلّ تجاهل لهذه المعادلة لا يخدم لبنان في أمنه واستقراره وازدهاره ولا يعطي العروبة معناها الحقيقي.
الخلود لشهداء لبنان والأمّة
الحرية للأسرى وسجناء الرأي
المجد للوطن والأمّة

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا