بكركي والرئاسة
في مقارنة بين الاستحقاق المقبل والذي سبقه، نلاحظ أن لا جديد في عملية الانتخاب سوى البطريرك بشارة الراعي. فالأقطاب والزعماء والقادة هم أنفسهم، اجتمعوا في بكركي لاختيار رئيس خلف لاميل لحود، ولكنهم فشلوا مع البطريرك صفير إلا في وضع لبنان في فراغ لمدة 6 أشهر، إلى أن تم اختيار قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً.

هذا الفشل يعود إلى اعتبارات عدّة:
1 ـــ ضعف شخصية صفير في الضغط على القيادات المسيحية واستمالتها لاختيار رئيس قوي قريب من بكركي.
2 ـــ ضغوطات خارجية لم تسمح لصفير بلعب هذا الدور وتالياً تقليص دور بكركي وقدراتها.
3 ـــ إمكانية وجود أيدٍ خفية داخلية تستقوي بالغرب منعت وصول ماروني قوي إلى سدة الرئاسة.
4 ـــ عدم توافر أجندة واضحة لبكركي في موضوع الرئاسة.
في الشارع اللبناني، تساؤلات حول هويّة الرئيس المقبل، واختلافات كثيرة في الرأي. في الشارع المسيحي، خصوصاً، لا اختلاف حول الهوية، بل هناك إجماع على قوة شخصية الرئيس المقبل. المسيحيون شاخصة عيونهم نحو البطريرك وشخصيته، يراقبون إذا كان قادراً على أخذ قرار ماروني لبناني بحت من دون تدخلات خارجية أو أيدٍ خفية ترضي الآخرين ولا ترضيهم.
تعتبر بكركي نفسها مؤثرة في القرار السياسي اللبناني، وترى أن لها وحدها حق اختيار الرئيس، وهذا اتضح عبر دعوة الاقطاب المسيحيين إلى الاجتماع بقائد بكركي، وإصرار الراعي على انتخاب رئيس قوي تقف وراءه فئة شعبية مسيحية مؤيدة، وأن تتم عملية الانتخاب من الدورة الأولى، مبعداً فكرة الفراغ الرئاسي. وإذا كان الزعماء الموارنة يجمعون حولهم بعض الموارنة، فالبطريرك يمثل كل الموارنة. المسألة الأهم تتحدد في استطاعة البطريرك نفسه التأثير على الزعماء ويحملهم على النظر إلى الكنيسة والشارع المسيحيين لا إلى أنفسهم. وهنا تتحدّد قوة الكنيسة المارونية وراعيها. وليعلم الجميع أن المسيحيين يحتاجون إلى بطريرك قوي كحاجتهم إلى رئيس قوي. وإذا كانت الرئاسة محددة في الدستور بستّ سنوات، فمسؤولية البطريرك أطول بكثير. وليعلم البطريرك نفسه أن الشارع المسيحي يتطلّع إلى دوره في عملية الانتخاب، وأنه أمام خيارين:
الأول: أن يقول للمسيحيين كافة، وليس الموارنة وحدهم، إنه حامي حقوقهم وساهر على مصالحهم.
الثاني: أن يضع نفسه وبكركي في موقف حرج وضعيف أمام كل الآخرين. هل تستطيع بكركي أن تكون على قدر من المسؤولية تجاه الموارنة أولاً وتجاه المسيحيين الآخرين ثانياً وتجاه لبنان كله ثالثاً، ويختارا رئيساً قوياً من الدورة الأولى؟ فلننتظر ونحكم.
بول أبو ديب