من الطبيعي في مجتمع كالمجتمع اللبناني أن تتفاوت وجهات النظر في قضيّة كقضيّة الحضانة عامةً، والمعمول به لدى الطائفة الإسلاميّة الشيعيّة في محاكمها الجعفريّة بشكلٍ خاص؛ وسوف يكون أمراً مجدياً تحويلُ أي نقاش في هذا الشأن أو غيره إلى فرصة لإعادة النظر في أي من القضايا ذات الصلة، أو تطويرها، أو الإصلاح فيها إن كان من بدّ لذلك.يهدف هذا المقال إلى تقديم وجهة نظر حول بعض الطروحات والأفكار، التي قد تكون مجدية في المساعدة على التّعامل بشكل بنّاء، وموضوعي، ومنصف، مع بعض القضايا، التي ترتبط بالحضانة، وأيّ خلاف حولها، في حالة الطلاق بين الوالدين، بل قبله أيضاً، بما ينعكس إيجاباً على مصلحة الولد وحفظه وتربيته ورعايته وسلامته، ودفع أي ضررٍ أو مفسدةٍ عنه، مادياً أو معنوياً.
شيرين نشأت (إيران)

ومن المفيد هنا - قبل الولوج في بيان وجهة النظر تلك - الإلفات إلى أمور:
الأول: إنّه وبناءً على العمل بمبدأ الاجتهاد في الفقه الإسلامي الشيعي، تختلف الآراء الفقهية في سنّ الحضانة، بين من يذهب إلى أنّها للأم لمدة سنتين لكلٍّ من الصبي والبنت، وبعدها تكون للأب؛ ورأي آخر أنها للأم لمدة سنتين للصبي، وسبع سنوات للبنت، وبعدها تكون للأب؛ ورأي ثالث أنّها للأم لمدة سبع سنوات لكلٍ من الصبي والبنت، وبعدها تكون للأب؛ وتوجد آراء أخرى مختلفة في الموضوع.
الثاني: إنّ ما هو معمول به لدى المحاكم الجعفرية هو الالتزام بالرأي الفقهي للمرجعية العليا في النجف الأشرف، والتي تتمثّل في عصرنا بسماحة المرجع السيد علي السيستاني (حفظه الله)، والذي يذهب إلى أنّ الأولى - أي الأفضل باللحاظ الشرعي- للولد (ذكر أو أنثى) بقاؤه عند الأم إلى سبع سنوات، وبعدها تكون للأب. هذا وقد ذكر لي بعض الأصدقاء من القضاة أنّ ما تحكم به المحكمة الجعفرية، فيما يرتبط بمدّة الحضانة للأم هو سنتان للصبي، وسبع سنوات للبنت، وهو الرأي المشهور لدى مجمل فقهاء المسلمين الشيعة.
الثالث: تنتهي مرحلة الحضانة ببلوغ الولد رشيداً، حيث يمكن أن يُخيّر عندما يبلغ تسع سنوات هلالية إذا كان بنتاً، وخمس عشرة سنة هلالية إذا كان صبياً، فيما لو تبيّن رشده، فيختار عندها مع من يكون من والديه، أو مع غيرهما.
وبناءً على ما ذُكر، تكون لدينا مراحل ثلاث: الأولى، مرحلة حضانة الأم؛ والثانية، مرحلة حضانة الأب؛ والثالثة التي يختار فيها الولد مع من يكون من والديه. ويبقى لكلٍّ من الوالدين حق رؤية الولد، عندما تكون الحضانة للآخر.
وعليه، لو فرضنا أنّ طلاقاً حصل بين زوجين، ولديهما بنت، وحاولنا معاينة المدّة التي تكون فيها هذه البنت مع أمها في مرحلتَي الحضانة تلك، فسوف تكون مع أمها لمدة سبع سنوات هلالية، ثم مع أبيها لمدة سنتين هلاليتين، وتبقى الأم محتفظة بحق الرؤية لابنتها في هاتين السنتين. وهذا يعني أنّ ما يقرب من ثمانين بالمائة من مدة حضانة البنت هي للأم - تختلف هذه النسبة بشكلٍ كبير في الصبي -، وأنّ البنت إذا حصل الاطمئنان إلى رشدها في سنّ التاسعة، تخيّر بين العيش مع أمها أو مع أبيها، حيث قد تختار العيش مع أمها في هذا الحال.
أمّا في ما يرتبط بوجهة النّظر التي أودّ الإلفات إليها، في ما يتصل بمدة حضانة كلّ من الأم والأب لولدهما؛ فيمكن بيانها في النقاط التالية:
الأولى: قد يكون أمراً مجدياً البحثُ في مدة الحضانة للأم أو للأب، من حيث تأثير هذه المدة زيادة أو نقصاً على الولد ومصلحته وسلامته النفسية والتربوية... لكن أعتقد أن أمراً جوهرياً لا يقلّ أهمية عن هذا الموضوع - إن لم يكن يفوقه أهمية - وهو أنّ العلاقة الواعية والبنّاءة والإيجابيّة بين الوالدين، قد يكون لها من الأثر الإيجابي على الولد وسلامته النفسية والتربوية؛ أكثر من أيّة زيادة أو أخرى على مدة الحضانة للأم وللأب؛ حيث إن العلاقة الجيّدة بين الوالدين - بعد الطلاق - توفّر ظروفاً ملائمة لإدارة جميع شؤون الولد، بطريقة تنعكس بشكل أفضل على مصلحته وسلامته وجميع أموره، في حين أن جعل الولد ميداناً للصراع والتنازع بين الوالدين، سوف تكون له آثار جداً سلبية ومدمّرة على الولد ومصلحته وسلامته، حتى لو افترضنا أن أحد الطرفين قد أمكن له أن يزيد من مدة حضانته فترة أو أخرى.
وهذا يعني أنه إن كان الأساس في العلاقة بين الوالدين مصلحة الولد وسلامته، فيجب أن تكون الأولوية لنسج علاقة بنّاءة وواعية بينهما، وإيجاد ظروف ملائمة تراعي مصلحة الولد وسلامته، وتجنّب التنازع على الولد وتحويله إلى ميدان صراع وأداة للإضرار بالآخر. وهو ما سوف يقود إلى إدارة الحضانة بطريقة يكون الأساس فيها، والهدف منها، تحقيق مصلحة الولد المادية والمعنوية بأفضل مستوى ممكن، وحصول الولد على إشباع حاجاته النفسية والتربوية والعاطفيّة... من كلّ من والديه بأعلى قدر ممكن؛ حيث تصبح زيادة مدة الحضانة قليلاً أو كثيراً لأحدهما، أو الاشتراك فيها، أو زيادة مدة الرؤية للآخر إلى مستوى تتحول فيه إلى نوع حضانة، أو..، بمثابة معطى يتمّ التوافق والتفاهم بينهما عليه، طالما أن الهدف مصلحة الطفل وسلامته، وليس اتخاذه وسيلة للتّشفّي من الآخر وإيذائه. وهذا – أي التفاهم والتوافق القائمان على مصلحة الولد وحسن رعايته...- هو النهج الأولى بالاعتماد، والأفضل من حيث تحقيق هدفه وغايته.
الثانية: توجد بعض العناوين في الفقه الشيعي عامة، وفي فتاوى المرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني بشكلٍ خاص؛ يمكن الاستناد إليها لبناء آليات مساعدة إلى حدٍّ بعيد على الحفاظ على مصلحة الولد المادية والمعنوية، وحمايته من أيّ ضرر نفسي أو تربوي أو مادي أو... بمعزلٍ عن مرحلة الحضانة، ومدة الحضانة للأم أو للأب.
وسوف نعرض هنا لبعضٍ من فتاوى سماحته الموجودة على موقعه الإلكتروني؛ فعندما يُسأل عن بقاء الولد مع أمه لأكثر من سنتين يجيب: «...إذا كان بقاؤه عند الأب منافياً لمصلحته اللّازم مراعاتها شرعاً، ألزمه الحاكم الشرعي بإيكال حضانته إلى الأم، إذا كانت تصلح لذلك».
ويقول في نصٍّ آخر: «... لو ظهر عدم قيام الأب بما يقتضيه حضانته من مصلحة حفظه ورعايته وتربيته ونحو ذلك، جاز رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي حسبةً، ليلزمه بالعمل وفق وظيفته، فإن لم يمكن، أخذَ الولد منه، وأوكلَ حضانته إلى أمه، إذا كانت صالحة لذلك».
وعندما يُسأل عن قيام الأب بفصل الولد عن أمه قبل أن يبلغ سبع سنين؛ يقول: «... لا يجوز له ذلك، إذا كان يضرّ بحاله [أي بحال الولد]».
ويقول أيضاً: «إذا كان الأب يجد في فصله عن أمه مفسدة عليه، ولو من جهة عدم توفّر من يقوم بحضانته إلى الوجه اللّازم شرعاً، فلا بدّ أن يعهد بحضانته إليها، ولا فرق في ذلك بين زواج الأم بزوجٍ آخر وعدمه».
كما يقول: «... لا يجوز للأب الإضرار بالأمّ، من حيث منعها من رؤية أولادها. وإذا كان الأولاد يتضرّرون من عدم اللّقاء بأمّهم من حيث ارتباطهم العاطفي الشديد بها، فلا بدّ للأب أن يوفّر فرصة اللقاء بها».
لا تجوز مقاربة الموضوع من خلفية «جندرية» أو استخدام لغة اتّهامية أو استسهال الإساءة إلى علماء دين وقضاة...


وعندما يُسأل عن الولد الذي يبلغ رشيداً، ويحق له بالتالي أن يختار أياً من الوالدين أو من غيرهما؛ فيقول: «... إذا كان انفصاله عنهما [الوالدين] يوجب أذيّتهما الناشئة من شفقتهما عليه، لم يجز له مخالفتهما في ذلك، وإذا اختلفا فالأمّ مقدّمة على الأب».
قد نكون توسّعنا في عرض هذه الفتاوى حتى يمكن أخذ تصوّر أوسع عن موضوعنا ومسائله، لكن ما يعنينا بشكل أساس مما ذُكر، مما له أثر على وجود الولد مع أمّه أو أبيه؛ هو العناوين التالية:
أ‌) ما ينافي مصلحة الولد اللّازم مراعاتها شرعاً. وعدم القيام بما تقتضيه حضانته من مصلحة حفظه ورعايته وتربيته.
ب‌) الضّرر بالولد.
ت‌) المفسدة على الولد، ولو من جهة عدم توفر من يقوم بحضانته على الوجه اللازم شرعاً.
وهي تدلّ بشكل واضح على أنّ الأساس في الحضانة وإدارتها مصلحة الولد، وحسن رعايته وتربيته وحفظه، وحمايته من أيّة مفسدة، أو ضرر مادي أو جسدي أو نفسي أو تربوي أو اجتماعي...
والسؤال كيف يمكن لنا معرفة مصلحة الولد تلك، وما يمكن أن يتعرّض له من تلك المفسدة، أو ما يصيبه من ذلك الضرر؟ وما هي الآليّة الصحيحة التي يجب اعتمادها لذلك؟
الثالثة: إنّ ما ورد في كل من النقطتين الأولى والثانية يحتاج إلى نوعٍ من المأسسة، وإيجاد آليات مؤسسية مناسبة، تقوم على أمرين:
الأول، العمل على دفع العلاقة بين الوالدين إلى التعاون البنّاء والإيجابي، والسعي إلى حلّ أسباب التنازع (حول الولد) من خلال الطرق والأساليب المجدية والبنّاءة، ومحاولة معالجة أيّة قضيّة ذات صلة من خلال الحوار الإيجابي والتفاهم، بعيداً عن أي انزلاق إلى طرقٍ غير مجدية، تنعكس بشكل سلبي على الولد ومصلحته ومختلف شؤونه.
الثاني: معاينة تحقّق تلك العناوين المذكورة في النقطة الثانية (مصلحة، مفسدة، ضرر،...) في الواقع المحيط بالطفل، وذلك بهدف العمل على تقييم علمي موضوعي تخصصي حول واقع الطفل هذا، وجميع الظروف المحيطة به لدى إقامته مع الأب أو الأم وحضانته من أيٍّ منهما؛ وذلك لمعرفة أن ظروف وأحوال الإقامة والحضانة تلك مع أيٍّ منهما، هل يتحقّق منها هدفها في مصلحة الولد وحفظه ورعايته وحسن تربيته وسلامته من أي ضرر أو مفسدة... أم أنّه يوجد نقصٌ ما، أو خللٌ ما في هذا الأمر؟
وهو ما يحتاج إلى فريقٍ من أهل الخبرة والاختصاص في المجالات النفسية والتربوية والاجتماعية... وإلى دراسات عمليّة لواقع الطفل وظروف معيشته، بهدف الوصول إلى تقييم عام وشامل، يبيّن أنّ هذه الإقامة مع أيٍّ من والديه تتحقّق منها أهدافها، مع أمّه أو مع أبيه؟ تلك المصلحة، وعدم المفسدة، ودفع الضرر... هل هذه العناوين تتحقّق من خلال إقامته مع والده وظروفها، أم مع والدته وظروفها؟ وهو - أي ذلك التقييم العلمي والموضوعي - ما سوف تكون حصيلته الإسهام في تنقيح مصداق تلك العناوين، وتالياً التوصية باستمرار بقاء الولد مع أبيه أو مع أمه، أو ربما تتمّ التوصية بخيارات أخرى؛ كلّ ذلك يتحقّق تبعاً لنتيجة تلك الدراسات لواقع الطفل ومجمل ظروفه.
ومن الواضح أنّ هذا الأمر ليس من اختصاص المحكمة أو القضاة، وإنّما هو بمثابة عملٍ يقوم به أهل الاختصاص، لتوضع نتيجته بين يدَي القاضي ليحكم على أساسه. أي أنّ ذلك التقييم يسهم في تنقيح موضوع حكم القاضي، ويساعد على ترشيده، وعلى أن يكون قائماً على معطيات علمية وموضوعية وصحيحة.
وهو ما يوصلنا إلى ضرورة أو أهمية وجود مؤسستين اثنتين – أو واحدة تُعنى بالأمرين معاً - إلى جانب كل محكمة، تُعنى بتلك المساحة من الأحوال الشخصية:
الأولى، وتُعنى بالوساطة الأسرية بين الزوجين أو الوالدين، بمعنى أنّها تعمل على الحيلولة دون حصول الطلاق بينهما، وإصلاح الأمور بين الزوجين، لتجنيبهما والطفل جميع التداعيات المحتملة. وإذا وقع الطلاق، فتعمل على تشييد أنماط علاقة بنّاءة وإيجابية تقوم على التفاهم والتوافق القائمين على مصلحة الطفل وسلامته، بعيداً عن أيّ إضرار، أو تشنج، أو تنازع قضائي. وهو ما سوف يؤسّس لإدارة سليمة وناعمة وهادفة لفترة الحضانة، تراعي مجمل حاجات الولد النفسية والتربوية والعاطفية والجسدية، وأولوية هذه الحاجات وإشباعها... حيث يكون هذا العمل بعيداً عن الآليات القضائية المعتمدة في المحاكم.
الثانية، وتُعنى بإجراء تلك الدّراسات وذلك التقييم لواقع الطفل ومجمل ظروفه، من حيث تحقّق عناوين المصلحة أو المفسدة أو الضرر... على ذلك الواقع وتلك الظروف، لدى إقامته عند أحد والديه أو غيرهما، ما يفضي إلى تنقيح موضوع حكم القاضي في هذا الشأن، وتقديم توصيات إلى المحكمة بخصوصه، بهدف ترشيد ذلك الحكم، وجعله قائماً على تقييم عملي موضوعي تخصّصي، يتمحور بشكل أساس حول مصلحة الطفل ورعايته وسلامته... تربوياً ونفسياً واجتماعياً...
وقد يمكن الادّعاء أن العمل بهذه الآلية المؤسّسية بشكل شاملٍ، ونشطٍ، وفعالٍ، وعلمي، وموضوعي؛ سوف يسهم إلى حدٍّ بعيد في التعامل بطريقةٍ صحيحة وصحيّة وهادفة مع مجمل تلك الحالات التي ترتبط بوضع الولد (الطفل) من حيث حضانته وإقامته مع والديه، أو مع أحدهما، أو مع غيرهما، بما يُمكّن بشكل أفضل من رعاية جميع مصالحه المادية والمعنوية، و حفظه وحمايته، ودفع أي ضررٍ عنه... بمعزلٍ عن أي زيادة أو أخرى على سنّ الحضانة لأيّ من الوالدين.
وبناءً على ما تقدم، ينبغي القول إنّ أيّة مساعٍ تهدف إلى معالجة بعض المشكلات القائمة، أو الإصلاح، أو التّطوير في أي من المؤسسات ذات الصلة، أو غيرها؛ يجب أن تعتمد على رؤية واعية، ومقاربات علميّة وموضوعية، وأساليب بنّاءة، واجتناب تلك الطرق التي قد تعطي الأولوية لصناعة الرأي العام والإثارة الإعلامية على إنضاج الحلول المنهجية والمستديمة.
وهنا لا بدّ من تسجيل هذه الإلفاتات أو الملاحظات:
1- ليس صحيحاً مقاربة هذا الموضوع من خلفية (جندرية) تقوم على الانتصار للمرأة أو للرجل؛ أو استخدام لغة اتّهامية تُنزل كل ما خالف قناعة البعض في خانة الظلم؛ أو استسهال الإساءة إلى بعض فئات المجتمع الشيعي (علماء دين ، قضاة...)، والإضرار بسمعتهم؛ لأنّ من يخرج لرفع الظلم لا يصح منه أن يَظلم، ومن يعمل على الإصلاح والتّغيير لن يكون مقبولاً أن يصدر منه الإضرار أو الأذى لأحد، أو أن يسيء إلى فئةٍ من الناس في كرامتها وسمعتها وسوى ذلك.
2- إنّ منهجية التّعامل مع جملة من القضايا في واقعنا اللبناني وتجاربه لا تبعث على التفاؤل، حيث يُلاحظ بشكل واضح الميل إلى الصناعة الإعلامية، والتأثير في الرأي العام، وتصدّر الشاشات، أكثر من العمل الهادف والممنهج للتوصّل إلى حلول بنيوية ومؤسّسية ومستديمة، أو التأسيس لمسارات بنّاءة تساعد على الوصول إلى معالجات جادّة لتلك المشاكل القائمة.
إنّ ما ينبغي اعتماده في هذا الإطار، هو أنه عند مواجهة أيّة قضية ذات صلة، لا بدّ في سياق تقييم المشكلة، واجتراح الحلول البنّاءة والمجدية، من التوجّه أولاً إلى مراكز البحوث والدراسات، وإلى مجمل أهل النظر والاختصاص، وإلى مطابخ الفكر والوعي، بهدف التوصّل إلى معرفة علمية بالمشكلة، وإلى تصوّر موضوعي للحلول، وإلى خلاصات ونتائج وتوصيات في هذا الشأن؛ وبعدها يُنظر في كيفية العمل من خلال تلك الخلاصات والتوصيات التي يتمّ التوصّل إليها إصلاحاً أو تطويراً... وفي الطرق والأساليب التي تُسعف في تحقيق أهدافها.
3- سوف يكون أمراً مجدياً من المؤسسات الشيعية المعنية بهذا الشأن، أن تتعامل مع أي معطى من هذا القبيل، على أنه بمثابة فرصة لدراسة ذلك المعطى وجميع ما يتصل به، فإن كان لا بدّ من إصلاح أمرٍ ما يُعمل على إصلاحه، وإن كان لا بدّ من تطوير واقعٍ ما يُعمل على تطويره؛ وإن لم يكن هناك ما يحتاج إلى التّغيير أو الإصلاح أو التطوير، فمن الأهمية بمكانٍ عندها أن يُعمل على بيان ما ينبغي بيانه بشكلٍ كافٍ ووافٍ، لإزالة أيّ التباس إن وجد، ولرفع أي إبهام إن حصل، ولتوضيح ما يجب توضيحه، بما يسهم في الحفاظ على مكانة تلك المؤسسات وما ترمز إليه، لأنّ شأنها أوسع من أن يختص بها، كما أنّ المسؤوليات الملقاة على عاتقها، هي بحيث تتطلب أكثر من مقاربة مؤسّسية للتعامل مع تلك القضايا ذات الصلة.
* أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية