حضرات المسؤولين في الشركات والمؤسّسات العاملة في لبنان والمتعاملة مع شركة G4S، ومن بينها: الأونيسكو، وبنك بيبلوس، والبنك العربي، وCSC Bank، وكراون بلازا، ومصرف لبنان، واليونيسيف، وIOM.
تحيّة طيّبة وبعد
لقد سبق، منذ أكثر من عام، أن تواصلنا مع بعضكم، عبر البريد المضمون أو الفاكس أو البريد الإلكترونيّ أو الهاتف أو اللقاءِ المباشر، وأحياناً عبر هذه الوسائلِ جميعِها، من أجل حثّكم على إنهاء عقدكم مع الشركة الأمنيّة G4S بسبب تواطئها مع أجهزة «الأمن» الإسرائيليّة. واقترحنا حينها أن توقفوا عقدَكم معها فوراً، أو أن تمتنعوا عن تجديده فور انتهاء صلاحيّته (تقديراً منّا للخسائر التي قد تُمنَوْن بها جرّاء الفسخ الفوريّ).
بعضُكم وعدَنا خيراً بعد أن قدّمنا إليه المعلوماتِ الدامغة عن تواطؤ الشركة المذكورة مع الإجرام الصهيونيّ. وبعضُكم تجاهل كلَّ رسائلنا، عامداً متعمّداً. وبعضُكم ماطل وسوّف، مراهناً، كما يبدو، على «مللنا» بعد حين. هذا، وكنّا، بالإضافة إلى كلّ المراسلات أعلاه، قد نشرنا أو وزّعنا غيرَ مقال أو بيانٍ في الصحف، وعبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، وعلى موقع حملتنا، عن ارتباط هذه الشركة بالاحتلال الإسرائيليّ، وعن تواطئها مع التعذيب في السجون الإسرائيليّة. ونعيد هنا أمامكم، وأمام القرّاء الكرام، تلخيصاً سريعاً بارتكابات هذه الشركة التي ما زلتم تتعاملون معها، وكلّنا أملٌ في أن نلقى استجابة أفضلَ وأسرعَ هذه المرة:
ـ G4S تقدّم أنظمة حمايةٍ لسجون «كيتزيوت» و«ميجيدو» و«دامون»، حيث يقبع آلافُ السجناء السياسيّين الفلسطينيين والعرب.
ـ تقدّم معدّاتٍ لسجن «عوفر» في الضفّة الغربيّة، ولمركزَي الاعتقال «كيشون» و«المسكوبيّة»، حيث يتعرّض السجناءُ، وضمنهم أطفالٌ، لحالات تعذيبٍ موثّقة.
ـ تقدّم معدّاتِ أمن، فضلًا عن خدماتٍ وموظّفين، لشركاتٍ داخل المستوطنات الإسرائيليّة «غير الشرعيّة» (بموجب القانون الدوليّ نفسه).
ـ تقدّم أنظمة حمايةٍ، ومعدّاتٍ، وخدماتٍ، إلى الجيش الإسرائيليّ، بما في ذلك دوريّاتٌ لحماية مبانٍ عسكريّة.
ـ تدعم مراكزَ الشرطة الإسرائيليّة بمعدّات أمن.
ـ تقدّم معدّاتٍ وأنظمة حماية لنقاط التفتيش الإسرائيليّة داخل الضفّة الغربيّة.

■ ■ ■

السادة المحترمون
نحيطكم علماً بأنّ الأستاذ هيثم البوّاب، من «مكتب مقاطعة إسرائيل»، التابع لوزارة الاقتصاد اللبنانيّة، قال لصحيفة «الأخبار» إنّ طبيعة تورّط هذه الشركة في سجون الاحتلال «تفترض عدمَ السماح لها بالعمل» في بلادنا، وإنّ السماح «يخالف قواعدَ المقاطعة التي تبنّاها لبنان». ويضيف البوّاب: «إثر التحقيقات التي أجريناها، بعثنا برسالةٍ إلى المكتب الرئيسيّ [لمقاطعة إسرائيل، التابع لجامعة الدول العربيّة]، طالبين مناقشة حظر الشركة خلال مؤتمر المقاطعة المقبل» .
كما نذكّركم بأنّ شركة G4S، التي تستخدمونها لحماية مصارفكم ومبانيكم ومخازنكم ومجمّعاتكم وشركاتكم، قد تعرّضتْ لحملات مقاطعةٍ عالميّة بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وللقانون الدوليّ. ومن أبرز ثمار هذه الحملات ما يأتي:
1ـ في نيسان 2012، قرّر الاتّحادُ الأوروبيّ عدمَ تجديد عقده مع الشركة (التي سبق أن قَدّمتْ خدماتِ الأمن للبرلمان الأوروبيّ منذ عام 2008).
2 ـ في نهاية عام 2013 أنهى اتحادُ التجارة الهولنديّ أبفاكابو (Abvakabo)، الذي يضمّ 350 ألف نقابيّ في هولندا، عقدَه معG4S. وفي الفترة ذاتها أعلن حزبُ الخضر الهولنديّ إنهاءَ عقده معها بحلول العام 2014 .
3 ـ في آذار 2014، أفلحتْ رسالةٌ وجّهها أكثرُ من 100 مثقف وفنّان (بينهم كَن لوتش وأهداف سويف) إلى محطّة BBC البريطانيّة في دفع هذه المحطّة إلى تحويل تعاملها، في مراكزها كافّةً، إلى شركةٍ أمنيّةٍ منافسة، فخسرتْ G4S بذلك عقداً قيمتُه 80 مليون جنيه إسترلينيّ تقريباً.
4 ـ في حزيران 2014 باع بيل غيتس، أحدُ مؤسّسي مايكروسوفت، حصّته أو جزءاً منها (حوالى 170 مليون دولار) من شركة G4S، في ما بدا استجابةً لنداءات مقاطعة داعمي إسرائيل.

■ ■ ■

نتيجةً لعشراتٍ من الإنجازات المماثلة، ومن بياناتٍ وحملاتٍ تحضّ على مقاطعة الشركة في بلدان كثيرة، كالنروج واسكتلندا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة، أعلنت الشركة في نيسان 2014 أنّها «لا تتوقّع أن تجدّدَ» عقدَها مع «مصلحة السجون الإسرائيليّة» عند نفادها سنة 2017، وأنّها ستنهي «بعضَ أعمالها» في المستوطنات.
كان ذلك نصراً كبيراً لحملات المقاطعة. غير أنّ ذلك لم يطمسْ حقيقتين ساطعتين:
أ) أنّ تعهّد الشركة لن ينفّذ (إذا نُفّذ) إلّا في عام 2017، وهو ما يعني أنّها ستبقى متواطئةً مع الإجرام الصهيونيّ حتى ذلك الحين.
ب) أنّ للشركة تاريخاً سابقاً من الإخلال بالتعهّدات والوعود.
ولهذا فإنّ ناشطي المقاطعة، وأصحابَ الضمائر الحيّة، استمرّوا، منذ إعلان الشركة «تعهّدها» ذاك، في حثّ الشركة على وقف انتهاكاتها. ومن مظاهر ذلك الاستمرار:
1ـ صدور رسالة إلى مدراء G4S، في مطلع حزيران 2014، وقّعتْها شخصيّاتٌ عالميّةٌ مؤثّرة، من بينها القسّ المناضل ديزموند توتو (جنوب أفريقيا)، والمثقف السياسيّ وعالمُ الألسنيّات نومْ تشومسكي، والروائيّة أليس ووكر، والمناضلة آنجيلا دايفيس، والقانونيّ ريتشارد فالك، والموسيقار رودجر ووترز (من Pink Floyd سابقاً)، تطالب الشركة بوقف «إسهامها في احتلال إسرائيل الوحشيّ...».
2 ـ في نيسان 2015 أصدرتْ أكثرُ من 220 منظمة دوليّة وفلسطينيّة رسالةً إلى الأمين العامّ للأمم المتحدة، بان كي مون، تحثّه فيها على إلغاء كافّة عقود منظمة الأمم المتحدة مع G4S. وحين لم يردّ الأمينُ العامّ على الرسالة، وجّهت المنظّماتُ رسالةً جديدةً إليه في 10 سبتمبر 2015، تتضمّن سرداً بانتهاكات هذه الشركة لحقوق الإنسان، لا في فلسطين وحدها بل في بلدانٍ أخرى أيضاً (وتحديداً في المالاوي، وموزمبيق، وجنوب أفريقيا، وأوغندا، وأنغولا، وكينيا، وكوريا الجنوبيّة، والولايات المتحدة، وبريطانيا...).
3 ـ في نوفمبر 2015، ونتيجةً لدعوات المقاطعة، قرر حزبُ العمّال البريطانيّ، بعد مرورِ ما يزيد على عشر سنواتٍ من الاستعانة بخدمات G4S الأمنيّة خلال مؤتمراته الحزبيّة، إنهاءَ عقده معها على خلفيّة انتهاكها لحقوق الإنسان.
4ـ قبيْل نهاية عام 2015، أعلنت المفوضيّة العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في الأردن وقف تعاقدها مع الشركة المذكورة، ومباشرتِها في بداية عام 2016 تحويلَ العقود الأمنيّة إلى شركة محليّة 15.
5ـ في بداية هذا العام (2016) استَبعدتْ بلديّةٌ في شمال هولندا شركة G4S من أحد العقود، قُدّر بأكثر من 28 مليون يورو 16.

■ ■ ■

أيها السادة،
إنّ الشركة التي تأتمنونها على مصالحكم وأمنكم ومصالح زبائنكم وأمنهم ضالعة في الإجرام والانتهاكات الموثقة في عشرات التقارير، وفي أكثر من عشرة بلدان، وعلى رأسها فلسطينُ المحتلّة. ندعوكم مجدّداً، لكنْ أمام الملأ هذه المرة، إلى تحمّل مسؤوليّاتكم الأخلاقيّة والإنسانيّة والوطنيّة والقوميّة والأمنيّة، والعمل على وقف أيّ عقدٍ جديدٍ مع شركة G4S، والإعلان في أقرب وقت ممكن عن ذلك الوقف، أسوةً بمئات المؤسّسات والشركات والجامعات والكنائس والمخازن في العالم.
حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان