الى البطريرك
أتوجّه إليك بصفتك بطريركاً لأنطاكية وسائر المشرق لا بطريركاً لبكركي، المقر المؤقت للبطريركية المارونية في انتظار تحرير مقرّها الأساسي في أنطاكية، مدينة الله العظمى، بحسب تعبير سلفك المطران يوسف الدبس، فقد اعتاد السوريون، غبطة البطريرك، وأنت منهم على ما أعتقد، أن ينظروا إلى بكركي كمقرّ إجباري، لا اختياري، أملته ظروف اضطرارية قاهرة، ولكن عيونهم وأفئدتهم ومشاعرهم تبقى مشدودة إلى أنطاكية، وكلّهم أمل بتحريرها من براثن الإحتلال التركي البغيض، لتستأنف رسالتها الروحية الريادية في مشرقها وفي مراكز الإنتشار السوري في العالم أجمع.

أما المناسبة التي دفعتني إلى مخاطبتك في هذه الرسالة فهي منعك، في سابقة خطيرة وفي ما يشبه «الحرم الكنسي»، إقامة جناز عن نفس القيادي السابق في الحزب السوري القومي الإجتماعي المحامي نبيل العلم المتّهم ورفيقه حبيب الشرتوني باغتيال بشير الجميّل الذي نصّبه يهود الخارج بالتعاون مع يهود الداخل رئيساً للجمهورية رغماً عن إرادة اللبنانيين، الأمر الذي استفزّني كما استفزّ أمثالي ممن يعدّون العلم والشرتوني بطلين، والذين كانوا سيزحفون، كغابات الأسنة، إلى جبيل للإشتراك في الجناز العائلي، ولكنهم نزلوا عند رغبة العائلة في تأجيل الجنّاز، محترمين قرارها وإرادتها.
في استجابتك لإملاءات بعض الموتورين الحاقدين المتصهينين من صبية المتحزبين الإنعزاليين، وإلغائك الجنّاز العائلي الذي كان سيقام عند ميناء جبيل، حيث أبحرت سفننا، يوماً، محوّلة المتوسط إلى بحيرة كنعانية، تكون قد صنّفت الموارنة طبقات، وميّزت بين موارنة وموارنة لغرض مقيت في نفسك، وانتصرت لفريق الظلاميين الإنعزاليين منهم وأجحفت بالمتنورين الأنطاكيين الأصلاء. ولكن، لن يغفر لك الناس، ولا الكنيسة بعد تحريرها من المتصهينين، هذه الفعلة الشنيعة.
د. علي حمية