بعيداً عن الزواريب
نعود الى موضوع زيارة البطريرك بشارة الراعي إلى فلسطين المحتلة، ونحن لا نفعل ذلك بهدف اعادة النقاش والانقسام، اللذين سبقاها، وازدادا بعدها بفعل ما استجد هناك، على هامش رعويتها التي تسلح بها البطريرك، وخاصة لناحية لقائه العملاء الهاربين، الذين يعيشون في الكيان الصهيوني منذ أربع عشرة سنة، وتصريحاته بشأنهم.

بداية أؤكد موقفي الواضح ضد الزيارة من الاساس، على اعتبار أنها تحصل بخلاف الموقف الرسمي للدولة اللبنانية أولاً، وبخلاف ما أوصى به كثير من المرجعيات الدينية المسيحية، التي اعلنت رفضها زيارة القدس، وهي تحت الاحتلال ثانيا، والنقطة الثالثة لاعتبار ان الكيان الصهيوني دولة عدوة وتسري على جميع مواطني الدولة اللبنانية القوانين المتعلقة بهذا الشأن.
ما أود طرحه الان، هو دعوة ليس إلى البطريرك وحده، ولا إلى مرجعياتنا السياسية أو الطائفية فقط، بل ايضاً إلى كل مواطني هذا البلد... الوطن!
ليس ممكناً وليس مقبولاً ان تكون كل الأمور التي نعايش ونواجه عرضة لمقاييس نزعتنا اللبنانية، والتي لا تترك قضية إلا تنزلها من عليائها الى حضيض زواريبنا... كل الطبقة السياسية وعلى كافة مراحل أزمتنا الممتدة من عشرات السنين، كانت لا تتوانى عن تطييف ومذهبة ومنطقة (من منطقة) كل القضايا التي تَصارعنا حولها، سواء كانت سياسية، اجتماعية، اقتصادية، حتى ثقافيا... ورياضياً. كل أمورنا كانت تحت سقف لا نهاية لقعره.
السؤال المطروح والملح: أيمكننا إبقاء الموضوع المرتبط بالعدو الصهيوني بعيداً عن ساحات لعبنا، وهل يمكن ابقاء هذا الموضوع في منزلة القداسة ــــ التي يستحق ــــ بعيداً عن بهلوانيات تعودناها من دون أي اعتبار لموقع وتداعيات ومكانة ما؟ أيمكن أن نبقي مسألة عدونا الصهيوني وصراعنا معه نقطة القوة الوحيدة التي نجتمع حولها، ونؤكد عبرها مواطنية خالصة تعفينا من الركض والالتحاق وطلب الحماية من عائلة ومذهب وطائفة وزعامة؟
نحن في لبنان، وبفعل السياسات التي مورست على مدى عقود، اصبحنا أقرب الى الارتباط بمذهبنا ثم طائفتنا ثم جغرافيتنا وأخيراً الولاء للوطن.
الدعوة إلى عدم اسقاط آخر ما يمكن أن يجمعنا ويؤكد مواطنية نستحق من أجلها وبها أن ننال صفة وطن...
علي طحطح