يكتُب عادل سمارة مَقالاً رديئاً في «الأخبار» يرد على مقالنا «عزمي بشارة وقفاه... في زمن السقوط الشامل» (جريدة «الأخبار») ويُدافع الرجل عن علاقته القديمة مع «فتى الموساد». فلا يزال سمارة يُهلك عقله ويقنع أناه المتضخمة أنه «اليساري الوحيد» و«القومي الوحيد» و«الثائر الأممي الوحيد» غير أن التجربة تقول لنا عكس ذلك. فلا علاقة للرجل باليسار ولا بالعروبة والأمميّة. عادل سمارة نموذج صارخ لمثقف رديء وفاشل، وبلطجي عجيب. ولأنه لم يجد من يرد عليه، تفرعن وتغوّل على كرامات الناس، واستسهل التشبيح الثقافي، تطاول على الجميع. ولم يسلم من لسانه أحد؛ هاجم قامات فكرية ونضالية وأدبية كبيرة، من الحكيم د. جورج حبش إلى إدوارد سعيد والرفيق الشهيد أبو علي مصطفى، والشاعر والروائي إبراهيم نصرالله، ومحمود درويش وسميح القاسم والقائد الوطني المناضل أحمد سعدات وصولاً إلى الكاتب الراحل الرفيق سماح إدريس... القائمة طويلة لا تنتهي.

صديقه القديم «فتى الموساد»
ساهم عادل سمارة في تسويق صديقه القديم عزمي بشارة الذي سيطلق عليه لاحقاً لقب «فتى الموساد»، فقام بتلميعه كما فعلت أقطاب وقنوات محور المقاومة التي كانت تستضيف بشارة في السابق، وكما تفعل اليوم قنواتُ قطر التي أمسى بشارة ضيفها الدائم بعد أن ركب موجة الانتفاضات العربية التي أحالتها قوى الإمبريالية والرجعية و«داعش» و«الإخوان المسلمين» إلى ربيع كارثيّ من ركام. قام سمارة بتسويق صاحبه مرّتين على الأقل.
في المرة الأولى حين أصدرا معاً جريدة «فصل المقال» ولم يكن في وسع أحد توجيه ولو ملاحظة عابرة أو نقد «المفكر الكبير» لأنّ حاجبه، عادل سمارة، كان يشحذ قلمه ويقف بالمرصاد دفاعاً عن «نبيّ الفكر الجديد»، يخوّن من ينتقد شريكه.
أمّا المرة الثانية، فكانت حين وقع الخلاف والتنافس بينهما، ثم العداء من جهة سمارة. إن الهوس الذي تملّك سمارة إلى درجة المرض، جعله ينعت صديقه بـ«فتى الموساد» وبالغ في تضخيم ظاهرة بشارة فاعتبره المسؤول عن خراب مالطا! هذا تسويق معكوس وغبي في آن، المبالغة فيه تصور بشارة مثل سوبرمان خارق، في وسعه أن يشتري كل المثقفين إلا صاحبه القديم طبعاً.
يعلم الاحتلال أن سمارة أسطوانة مشروخة لا تشكل خطراً ولا علاقة له بالعمل الثقافي والنضالي. يقول العدو في سرِّه: دَعه يسُب «الجبهة الشعبية» ويشتم «حماس». يهجم على المثقفين العرب. اتركوه يهاجم أعداء إسرائيل.
لم يترك سمارة قائداً وطنياً، ولا أديباً مُحترماً، إلا واعتبره خائناً أو مرتزقاً. يتهم الروائي والشاعر إبراهيم نصر الله بالتطبيع، في وقت قلب نصرالله الطاولة على دعاة التطبيع أكثر من مرة. وهاجم سمارة «الجبهة الشعبية» حين قرر الانتقال إلى صفوف «الديموقراطية» أيام الانشقاق في الداخل، فعلها مرتين، وذلك قبل أن يقفز مرة أخرى إلى حضن «الشيوعي» ثم يغادره ويلعنه.

محاكمة سمارة بتهمة مُحاربة التطبيع: كذبة كبيرة
يَدّعي سمارة أنّ السلطة الفلسطينية تُلاحقه بتهمة مناهضة التطبيع. هذه كذبة كبيرة. السلطة، أداة الاحتلال في فلسطين، تُشكّل رأس جسر التطبيع في المنطقة، وغارقة في الوحل حتى أذنيها، استنقعت في التطبيع، لكن ما حقيقة «المحاكمة» في رام الله؟ إليكم القصة: امرأة فلسطينية ناشطة ومعروفة، اسمها أمل وهدان، مُقرّبة من النظام السوري ومحور المقاومة، هي -لا أحد غيرها- رفعتْ دعوى قضائية ضد عادل سمارة بتهمة التشهير والتخوين. نعم، من يحاكم عادل سمارة في رام الله ليست «السلطة» بل أنصار سوريا. وقوله إنه «انتصر في المحكمة» كذبة أكبر. إنها قصة عجيبة، لا؟ والسبب؟ السبب أيّها القارئ العزيز أن سمارة اتهم السيدة وهدان بالخيانة وأنها تريد «دولة مع المستوطنين»! نعم، هكذا، لأنها قامت، مع الأستاذ يحيي غدار وآخرين، بالدعوة إلى دولة ديموقراطية واحدة اعتبرها سمارة خائنة تستحق الرجم والتكفير بل وجرّها من شعرها إلى بيت الطاعة، فكيف تدعو وهدان إلى «دولة مع المستوطنين»؟ والحقيقة أن وهدان لم تفعل ذلك. لكن سمارة يكرهها كما صار يكره صديقه القديم عزمي بشارة، وبعده سلامة كيلة، فصار يعتبرها غريمته التي تُنافسه على تمثيل «الخط السوري في البلد» ويرى نفسه أحق منها بكسب رعاية «المحور» كما يتصور عقله المريض.
وهدان لم تلتقِ مع جريدة «هآرتس» الصهيونية كما فعل سمارة، حين راح يشكو لصحفية صهيونية كيف جرى منعه من السفر. هذه قصة موثقة أيضاً. وأمل وهدان تريد «تأديب» سمارة فقط، وقد فعلت كما تتصور. وكشفت أوراقه مع قوى «المحور». لو كنت مكانها لما رفعت دعوى قضائية ضده في محاكم السلطة التابعة للاحتلال. كنت سأكتب مقالاً أكشف فيه زيفه، هذا شخص يحترف تمثيل دور الضحية.
السلطة الفلسطينية مثل إسرائيل، تفُضّل وجود شخصيات مصابة بالهوس مثل سمارة تهاجم من لديهم مواقف وطنية محترمة تزعج معسكر التطبيع ونظام أوسلو. هاجم عادل سمارة مجلة «الآداب» البيروتية والرفيق الراحل سماح إدريس، المعروف بمواقفه وتاريخه، كما هاجم «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان»، واتهم «الآداب» أنها تتلقى أموالاً من عزمي بشارة، وهو يعلم نظافة هذه المجلة. ولا أحد يصدّق السخافات والأكاذيب التي تسوّقها جوقة «السحيجة» حوله. إن غضبه من «الآداب» سببه أنها لا تدعوه للكتابة على صفحاتها. كان الرفيق سماح إدريس يقول لنا: أحرقها ولا يكتب فيها هذا الـ(...).
وفي زمن مضى، كان سمارة يطالعنا بمقالات أسبوعية يهاجم فيها إدوارد سعيد، ويعتبره «الشيطان الأكبر» و«الضابط في الاستخبارات الأميركية»، لماذا يختار شتم من يغيظوا الحركة الصهيونية؟ لا نعرف. ولماذا يقفز فوراً إلى التخوين وأجهزة الاستخبارات؟ لا نعرف هذه أيضاً. أسهل شيء أن تشتم وتتهم.
هذا شخص مُتمرّس في الهذر والتخبيص في أي قضية تشاء. يريد أن يتحدث وفقط. مثل صاحبه القديم بشارة، تصوروا أنه كان المتحدث الوحيد في «ندوة» عنوانها «نحو تشكيل لجان نسائية عربية لمقاومة التطبيع»! أليست هذه كارثة؟ هل عجزت نساء فلسطين والأمّة العربية عن تقديم أصوات نسائية لمقاومة التطبيع؟ هل ينتظرن «الدَكَر» سمارة يُعلمهن كيف يشكلن لجاناً نسائيّة ضد التطبيع؟ هذه فضيحة. والفضيحة الأكبر الذين وجهوا له الدعوة، وأطلقوا عليها: ندوة ثقافيّة!
إذا كان عادل سمارة من «أنصار حقوق المرأة»، فلماذا هاجم إذاً المناضلة خالدة جرّار؟ وقيادات نسوية مناضلة في الأرض المحتلة لمجرد خلاف في الرأي. لماذا لم تسلم من لسانه البذيء أمل وهدان؟ ومناضلات في فلسطين ألقى عليهن بأقذر الاتهامات والأوصاف؟ ثم إذا كان من أنصار المقاومة حقاً فلماذا لا تستقبله قنوات المقاومة على شاشاتها وفي مواقعها وصحفها؟ ويشتم معظم قوى المقاومة لأنها ستشارك في الانتخابات التشريعية في الضفة وغزة، عِلماً أن سمارة دَعا علناً إلى المشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح صديقه حسن خريشة. وكاد يكون أحد المرشحين على قائمته. أولم يسمع الحكمة في المثل المصري الشعبي: أسمَع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب؟

على خُطى غانتس وحسين الشيخ
في اليوم الذي قام فيه العدو الصهيوني ووزير حربه بيني غانتس بإدراج «شبكة صامدون» على قوائم الإرهاب الصهيونية، بدأ عادل سمارة وجوقته بمهاجمة هذه المنظمة الناشطة التي تزعج الصهاينة وأدواتهم في أوروبا وأميركا الشمالية. قاموا بذلك باسم «محور المقاومة» ولا علاقة لهؤلاء بالمقاومة وأهلها، هل هكذا تنتصر سوريا؟ بالهوس وقلة الأدب وتوجيهات المدعو حسين الشيخ، وضباط السفارات الصهيونية في الخارج؟
ويهاجم سمارة حركة «المسار الثوري البديل»، وهي مبادرة فلسطينية عربية أممية تنتمي إلى معسكر المقاومة ولا تنتمي إلى أنظمة ومحاور. هذا موقف معلن ومعروف، وجعلها أكثر حركة شعبية خارج فلسطين المحتلة تتعرّض للهجوم اليومي من اليمين الفاشي في ألمانيا وكندا وفرنسا وإسبانيا وغيرها، وتُزعج الكيان الصهيوني والسلطة وجماعة الأنظمة، وباعتراف أركان معسكر العدو نفسه. فالشواهد التي أمامنا لا حصر لها. أعتى مراكز الحركة الصهيونية وصحفها ومنابرها، وعدد من سفارات العدو الصهيوني مجندة في بعض الدول الغربية للهجوم على «المسار الثوري البديل»، تماماً مثل سمارة وجوقته من الهَمَل.
ولم يُصدر عن حركتنا أيّ موقف ضد سوريا. بل نحن ندافع عن وحدة الشعب السوري في مواجهة كل تدخل أجنبي واستعماري وصهيوني يستهدف هذا الوطن العزيز، وندعو لحقن دماء السوريين، مع ذلك، لن نخرس ولن نبلع ألستنا أمام كل ممارسة خاطئة أو جريمة يُقدم عليهما أي نظام عربي، سواء جاءت من النظام السوري أو المصري أو السعودي... إلخ. ولن نلتحق بالقطيع، أيّ قطيع. وسنظل مرفوعي الرأس.
نحن نرفض الاحتفاء الجاري في دمشق بجماعة الإمارات والتطبيع وجوقة أبي مازن، ونرفض استقبال النظام لجبريل الرجوب، وسنقف ضد كل ما من شأنه أن يضعف الشعب السوري أو يمنعه من تحقيق وحدته وسلامة وطنه وأراضيه. وسنظل نطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين الأبرياء في كل السجون العربية وبخاصة الذين لم يرتكبوا جرائم بحق شعبهم. وهؤلاء كثر في السجون العربية من المحيط إلى الخليج. هذه مسؤوليتنا وواجبنا. من يريد أن يكون بوقاً لنظام ليفعل من دون أن يُلقي علينا قمامته.

خلاصة
ما يقوم به سمارة منذ عقود محاولة مشبوهة لضرب موقع ومكانة «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» ودورها الوطني والقومي، وضرب حركة المقاطعة للكيان الصهيوني، واستهداف منابر ثقافية وشخصيات محترمة، ودق أسافين بين المقاومة وأنصارها وأصدقائها والتشهير بالأصوات الوطنية والعروبية التي تُشكّل تياراً رئيساً ثورياً حتى لو بدت بينها خلافات ثانوية وطبيعية. أعلم أن البعض سيقول: فلسطين أهم من هدر الوقت في سجالات لا طائل منها. وهؤلاء معهم حق. غير أن الصمت والخواء والدجل سقوط وفشل أيضاً.
كل ما نطلبه هو أن يحترم سمارة نفسه ويكف لسانه وأذاه عن الشرفاء. فلا يتطاول على البشر ولا يستهدف سمعتهم ودورهم الوطني بالأكاذيب واختلاق القصص لأنه سيجد من يردّ عليه هذه المرة. نحن لم نهاجمه ولم نعتد عليه، اللهم كتبنا مقالاً ولم نرتكب جريمة، وكل ما في الأمر أننا انتقدنا صديقه القديم، فانتفض...
يقول الشاعر أبو الأسود الدؤلي: «لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مِثلَهِ/ عارٌ عليكَ إذا فعلت عظيمُ/ ابدأ بنفسك فانهَها عن غَيِّها/ فإذا انتهت عنه فأنتَ حكيمُ».

* كاتب فلسطيني، شارك مع الراحل سماح إدريس وعدد من رفاقهما في تأسيس حركة «المسار الفلسطيني الثوري البديل»