سياسة النكايات
كيف يمكن ولايةَ الفقيه أن تولد في لبنان، والدول التي تدعم إيران والمقاومة كروسيا والصين وفنزويلا وكوريا الشمالية ودول البريكس دول علمانية لا توافق مع سوريا الأسد على ولادة أي دولة دينية في لبنان، سواء ولاية الفقيه أو ولاية مار مارون أو ولاية الخلافة، حتى أنها لن تسمح بعودة بعض الصلاحيات التي خسرها الرئيس الماروني في لبنان عام 1990؟

فسوريا الأسد بنوع خاص تريد أن تجعل من اتفاق الطائف جسر عبور نحو قيام دولة علمانية في لبنان، لكي يكون خاصرتها القوية، فضلاً عن أنها تؤيّد عودة الحلّة التعددية إلى المقاومة في لبنان، إنّما هذه العودة رهن بعامل الوقت المناسب الذي تحدده الدول العلمانية الممانعة الداعمة لإيران والمقاومة. أما وسائل إعلام تيار المستقبل، فإذا شاهدناها وقرأناها وسمعناها، نستخلص تمخض عاملين اثنين من رحم سلوكها السياسي. الأول التبعية العمياء للسياسة السعودية الموالية سياسياً بدورها لأميركا منذ حقبة محمد بن عبد الوهاب، ومن ثم مرحلة الثلاثينيات من القرن المنصرم، وبالتحديد في عام 1934، تاريخ بناء القواعد العسكرية الأميركية في السعودية. فتيار المستقبل، هو الطفل المدلل بالنسبة إلى تلك السياسة التي لم ترتد ولو ليوم واحد عباءة القومية العربية، ولم تحمل ولو ليوم واحد راية دعم القضية الفلسطينية، إجلالاً لقصة الحب بين البترول والدولار! أمّا العامل الثاني، فهو عامل النكايات الذي ولد منذ اللحظة الأولى لإلصاق تهمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بسوريا في البدء، ثم بالمقاومة لاحقاً، وذلك يعود إلى انغماس المستقبل في لعبة التآمر على سوريا والمقاومة إرضاءً لرغبة السياسة السعودية، الساعية للاحتفال عام 2034 باليوبيل الماسي لاستمرار علاقة الحب بين عنتر البترول وغوندوليزا الدولار، ورغبته (تيار المستقبل) في صون متانة أسهم سوليدير، ولاستكمال عمليات الحفر بعمق لبناء المزيد من أساسات ورش المقاولات إكراماً للحجر! وإذلالاً للفقراء وأفقاراً لما بقي من ميسورين. والمضحك المبكي أن وسائل إعلام المستقبل تدّعي كرهها للحركات التكفيرية، وتعتبرها خارجة عن الإسلام، إنّما في الوقت عينه تهلل لكل عمل إرهابي تكفيري تنجح فيه «جبهة النصرة». نعم إعلام المستقبل يعتمد أسلوب النكاية رغم علمه التام بأنّها سلاح هدّام. لكن بات جلياً أن المستقبل يعشق النكايات كالمجانين الذين يتبوّلون في سراويلهم نكاية بالمراحيض!
ريمون ميشال هنود