الهزيمة المذلّة لجمال معروف أمام تنظيم «النصرة» في معقله في جبل الزاوية، وهو الذي قدّم نفسه كالحليف «القوي» للغرب في سوريا، تطرح من جديد السؤال حول العلاقة السببيّة بين أن تكون حليفاً لأميركا والسعودية في منطقتنا، وبين أن تلاقي الفشل والهزيمة في كلّ مواجهة حاسمة.هذه أصبحت بمثابة قاعدة. من «14 آذار» في لبنان الى تيار علّاوي في العراق، مروراً بفلسطين واليمن وسوريا، في كلّ نقطة اشتباك في الاقليم نجد أنّ الحصان الأميركي بينه وبين النجاح عداوة.

لا بدّ أن هذه الخاطرة قد مرّت في أذهان ضباط المخابرات الأميركيين وهم يشاهدون التسجيلات التي تُظهر صواريخهم، التي أرسلوها الى سوريا، وهي تقع غنائم في يد تنظيم «القاعدة» ومقاتليه.
في جبل الزاوية، اقتحمت «جبهة النصرة» - بعد مناوشات قصيرة - أغلب قرى المنطقة الواقعة بين ادلب وحماة، بما فيها مسقط رأس جمال معروف ومركز قيادة «جبهة ثوار سوريا» في دير سنبل. وبالاضافة الى «حركة حزم» التي تتبع لمعروف، قامت «النصرة» ايضاً بضرب عددٍ من التنظيمات المتحالفة معه والتي تتلقى دعماً اميركياً. تقول تقارير إنّ «لواء فرسان الحق» الذي يتبع لـ «الفيلق الخامس» لـ «الجيش السوري الحرّ» (من الممكن كتابة رسالة جامعية – أو مسرحية – عن تسميات الفصائل المقاتلة في سوريا) قد سلّم ايضاً أسلحته الأميركية وصواريخ الـ «تاو» الى «النصرة».
هل من المعقول، اذاً، أن تكون للدعم الأميركي آثارٌ عكسية على متلقّيه؟ أم أن الولايات المتحدة تميل الى اختيار أتباعٍ قليلي الكفاءة، ينهارون أمام أول اختبار؟ قد تكون الاجابة مزيجاً من العاملين، فمن يحظَ برعاية الامبراطورية ويسعى الى التحالف معها يفعل ذلك دوماً في اطار عقلية من الاعتمادية، كمن ينتظر من غيره أن يخوض حربه عنه. حين واجه رجال معروف – صاحب المقولة الشهيرة بأنه يفعل كل ما يطلبه منه مموّلوه الغربيون – خطر الموت الفعلي، استسلم أغلبهم لـ «النصرة» أو انشقّوا وانضموا اليها.
من ناحية أخرى، فإنّ الاستعمار حين يدعم طرفاً في نزاع داخلي، فهو لا يقدر على التحالف مع القوى الراسخة التي تحظى بشعبية أصيلة، بل يبحث عن نخبٍ مستعدة للعمل ضد مصلحة مجتمعاتها. ولهذا، فهو يتجنب التعامل مع كل من يملك قضية ومبدأ (أي مبدأ) مفضّلاً عليهم – في السياسة وفي الميدان – اللصوص والمهرّبين وما يعادلهم؛ وهؤلاء لا يكسبون حروباً.