يقول الحق سبحانه وتعالى (يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي اللهُ بقوم يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجٰهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائمٍ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) صدق الله العلي العظيم.
إلى أدنى درجات الذل والاستكانة عبر التاريخ الحديث وصلت هذه الأمة بفضل بعض حكامها، الذين أصبحوا أداةً طيعة في يد الولايات المتحدة الأميركية. كنا نتوقع بعد «ثورات الربيع العربي» أن الشعوب العربية ستتمسك أكثر وأكثر بحقوقها ووحدتها وثوابتها الاسلامية والقومية، خاصة قضية فلسطين! لكن للأسف انقلبت الثورات من ربيع عربي إلى ربيع أميركي صهيوني. فبدلاً من أنّ توجّه هذه الثورات سهامها نحو الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، وجهتها نحو صدرها، ولصالح الاستكبار والشيطان الأميركي الصهيوني. والأمرُّ من ذلك، غدت الجامعة العربية مخلباً ساماً تنفذ أجندة إسرائيل بكل وقاحة وذل وعار، فانقلبت إلى جامعة عبرية!
دول عربية بموافقة «الجامعة» تشارك حلف «الناتو» بعدوانه على ليبيا!
والأقذر من ذلك، تصدر قراراً بتجميد عضوية دولة مؤسسه لها، وهي سوريا، مخالفةً بنود ميثاقها. وتسلم كرسيها للمعارضة، مع أن سوريا حتى الآن عضو بهيئة الأمم المتحده. تناقض صارخ يدل على خساسة الجامعة وأمينها العام! هذه المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ الجامعة العربية!
«جامعة» تتعاون مع الارهاب الدولي وتركيا لتدمير سوريا والعراق، لأنهما دولتان بنَتَا حضارتهما وتاريخهما بسواعد أبنائهما على خط الشموخ والعزة والشرف، وليس على خط الذل والخنوع لقوى الاستكبار. فالاستقرار لهما يعني انحسار الدور السياسي والاقتصادي والعسكري الأميركي والأوروبي في الشرق الأوسط!
يخطئ من يعتقد أنّ تدمير سوريا لأنها عمق المقاومة، وبوابة إيران وروسيا والصين فقط! إنّ العدوان الارهابي الأميركي التكفيري التركي الخليجي على سوريا سببه الأول أن لا تقف سوريا على أرجلها اقتصادياً وعسكرياً، وأن لا يكون عندها الاكتفاء الذاتي، كما هي إيران الآن! والسبب ذاته ينصب على العراق أيضاً، دول تبنى أمجادها بسواعد أبنائها الأحرار وعقولهم الابداعية والخلاقة. لهذا شنت الولايات المتحدة الأميركيه بموافقة عربية حربها على العراق، مدعية وجود أسلحة كيميائية فيه، وكانت تستطيع أن تخلع الديكتاتور صدام حسين دون أن تدمّر العراق وحضارته ومستقبل شعبه، كما خلعت حسني مبارك وزين العابدين بن علي ومعمر القذافي. كما شنت عدوانها بأنياب التكفيريين على سوريا مدعيةً العمل على ارساء الديموقراطية فيها! أيّ ديموقراطية هذه ويجري ادخال مائة وعشرين ألف ارهابي من دول عريية وخليجية، وأسلحة إسرائيلية متنوعة بأموال خليجية لتدمير سوريا! هل هذه أمة لديها شرف أو دين أو كرامة؟!
أمة تركت إسرائيل، وأصبحت صديقتها! وإيران التي سخّرت نفسها وأموالها وشعبها لخدمة الأمة العربية والاسلامية، ولخدمة الانسانية والعدالة وكرامة الانسان، ولخدمة المستضعفين أصبحت العدو الأول للعرب بناءً على طلب واشنطن ودول الخليج! أمة تبيع شرفها كل يوم وساعة! وسماسرتها هم الصهاينة!
لقد اشتد تواطؤ بعض حكام هذه الأمة مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على شرفها ومقدساتها ودينها بعد حرب تموز عام ٢٠٠٦ التي انتصر فيها رجال يحبون الله، والله يحبهم. رجال لا يخافون لومة لائم. إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم وبرسولهم وأئمتهم، ونرى الآن الانجازات التي ترتبت على هذا الانتصار الالهي العظيم لحزب الله على الكيان الصهيوني، وسنرى قريباً نصراً من الله وفتحاً قريباً. لو أن الارهابيين الذين تم استيرادهم بأموال خليجية، وتم تصديرهم لإسرائيل لتحررت فلسطين خلال أسبوع، لكن فلسطين أصبحت في خبر كان!
حتى بعض ما يسمى بعلماء الدين لهذه الأمة ينزلون ساحة المعركة (ميدان التحرير) ويدعون إلى قتل هذا الرئيس أو ذاك، وآخرون يكفرون الطوائف الاسلامية الأخرى، ولم نرَ منهم أي تصريح بما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية، والجرائم التي ترتكبها في لبنان وما تقوم به الولايات المتحدة من جرائم في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا! ولم نرَ منهم أيّ استنكار لعملية اغتيال العلامة محمد البوطي.
* محامٍ كويتي