لا نعرف ما هي دوافع زياد منى للكتابة المتشنّجة حول الأردن، في هذا الوقت بالذات. ولكنّنا نرجّح أن تكون تلك الدوافع نفسيّة؛ فعنصريّته المتورّمة إزاء الشعب الأردني، تضغط على وعيه المأزوم في مواجهة عملية نهوض الحركة الوطنية الأردنية.منذ عام 2010 انخرط الآلاف من أبناء عشائر شرق الأردن في حركة وطنية شعبية ركّزت عناوينها الرئيسية على تأكيد الذاتية الوطنية الأردنية إزاء النظام الهاشمي وإزاء الهيمنة الاقتصادية والسياسية الفلسطينية معاً. ويوافق الوطنيون الأردنيون زياد منى على توصيفه النقدي لذلك النظام، لكن أيّ أردني سيسخر من حديثه عن مظلوميّة فلسطينية في الأردن؛ فالضحية، في الواقع، أصبح جلاداً. ويناضل الوطنيون الأردنيون لتحرير وعي إخوتهم من الفئات الشعبية الفلسطينية من الإقليمية المهووسة التي تصوِّر لهم أنّ الفئات الكمبرادوريّة، في ثوبها المدني أو الإسلامي، تمثّلهم، بسبب أنّ أعضاء النُّخَب الاقتصادية هم فلسطينيو الأصل.
لا نعرف من أين اخترع زياد منى الربط بين نهوض الوطنية الأردنية وشعار الأردن أولاً. الشعار الأخير هو خلاصة التحالف بين النظام الهاشمي والبورجوازية الفلسطينية، ومضمونه الفعلي هو التوطين السياسي، وإقناع اللاجئين والنازحين بأنّ الأردن هو وطنهم النهائي.
الحركة الوطنية الأردنية ترى أن إسرائيل هي العدو الرئيسي للأردن، ليس فقط لأسباب قومية (اغتصاب فلسطين)، ولكن أيضاً لأسباب أردنية، وعلى رأسها قيام إسرائيل ليس فقط بمنع اللاجئين والنازحين من العودة إلى ديارهم، بل وخلق الظروف التي تضغط على المزيد من الفلسطينيين تحت الاحتلال إلى مغادرة وطنهم والهجرة إلى الأردن.
تلحّ الحركة الوطنية الأردنية على عودة جميع اللاجئين والنازحين إلى فلسطين، ولكن، بالأثناء، لا تستغلّ ذلك الشعار لحرمان الفلسطينيين حقوقهم، بل تريد معاملتهم كمواطنين بكافة الحقوق المدنية والإنسانية، وكذلك الحقوق السياسية لمَن يرغب منهم في المشاركة السياسية.
أثبت نهوض الوطنية الأردنية أنّ مفاعيله ليست انفصالية أو انعزالية، بل هو يصبّ في تيار واسع يستشعر ضرورة التوصل إلى صيغة اتحادية لدول المشرق. وفي هذا السياق، يرى الوطنيون الأردنيون أنّ الدفاع عن الجمهورية العربية السورية في مواجهة الغزو الغربي _ الخليجي _ التركي الإرهابي، قضية أردنية.
واقع الحال الأردني يبدّد الأوهام العنصرية التي يختزنها زياد منى إزاء العشائر التي أثبتت قدرتها على الاندراج في حركة وطنية وديموقراطية اجتماعية، وذات أفق قومي.
* الحركة الوطنية الأردنية