من المفيد أن يعود متتبعو السياسة اليومية للتاريخ؛ لتفكيك الرموز التي يوظفها الطائفيون وغيرهم، لاستفزاز مواطني منطقتنا وجرهم لثارات قديمة هدفها التأسيس لهويات حروب أهلية تفكيكية. ومنها، مشروع تسمية الجسر الثالث على البوسفور، جسرَ السلطان سليم الياوز. السلطان الذي ذبح القزلباش، وهم العشائر التركمانية ذات الثقافة الصوفية العلوية حسب السردية المتداولة. فقد سعى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إلى استفزاز شريحة من مواطني شعبه، أي العلويين الترك. أولاً، بتسمية الجسر على اسم شخصية مكروهة في تاريخهم، ومن ثم باتهامهم بالتعاطف مع الرئيس السوري بشار الأسد، كحمية مذهبية. كما تعاطى النظام بمذهبية مع القضية السورية إعلامياً وسياسياً.
والسؤال هنا، ما الذي يستفيده أردوغان وحزبه من معاداة العلويين؟ هل لأن نمط حياتهم «شبه العلماني» عملياً، سيقف حجر عثرة أمام مشروع أسلمة تركيا؟ أو هل لأن العلويين الترك تنتمي غالبيتهم إلى القوميين واليساريين ولن يصوت معظمهم للأحزاب الإسلامية؟
ولمَ يحاول أردوغان وتنظيمات السلفيين والإخوان المسلمين في سوريا، إحياء صورة سفاحي الروافض والغلاة الكفرة، إلى جانب شخصيات استفزازية أخرى، ككتائب يزيد والحجاج؟
ولمَ الإصرار على تصوير الدولة العثمانية، تارة على أنها حامية حمى السنة، وتارة كقاهرة الشيعة والملاحدة.
وفي المقابل، علينا أن ندرك أن هذه المذابح غير المبررة حصلت لأسباب وضمن سياقات لا علاقة لها بأحقاد أردوغان وتنظيمات الإخوان.
فالأسباب الحقيقية للصراع أو المذبحة، يدور بمعظمها حول الأرض، وشرعية فرض الضرائب وإدارة الدولة لا هرطقة الضحايا. أي إن السلطان سليم الياوز، لم يكن معنياً كثيراً بشيعية الضحايا أو علويتهم، في الوقت الذي كانت أهم فرق جيشه تنتمي إلى نفس الخامة المذهبية للضحايا.
فقد انتمى العثمانيون إلى ما يسميه الباحث الفذ كمال الشبيبي التشيّع الشامي! أي إحياء ذكر آل البيت بطرق مختلفة، لعن يزيد وبني أمية، مع البقاء على الفقه السني.
فكما وظفت الصهيونية والكولونيالية التاريخ التوراتي لتقسيمنا لأمم انعزالية فينيقيين، وفرس، وآشوريين ومصريين... إلخ، يسعى الطائفيون إلى إلباس «أسلافهم» من خلفاء وسلاطين هويات أحادية البعد وقائمة على القهر والذبح والإبادة.


الإصلاحات الديوانية: المركزية السلطانية ومسألة الأرض


بعد فتح السلطان العثماني محمد الفاتح للقسطنطينية عام 1453، بدأت الدولة العثمانية تتجه نحو المركزة، فاتخذت سلسلة من الإصلاحات التي ستقوي الدولة في مجال المالية، والضرائب، وتوزيع الأراضي، والأعطيات والجيش. وهذا الأمر عنى ببساطة حدوث تصادم بين السلطة والمجتمع التركماني العشائري في الأناضول، حيث إن القوانين الجديدة ستفكك المشاعيات والإقطاعيات العشائرية. كذلك فإنها ستقطع أعطياتها عن بعض العشائر، تمهيداً لما بدا أنه تفتيت ودمج لها؛ فالاقتصاد الفلاحي هو الأكثر إنتاجاً واستقراراً وطواعية.
ولم يكن هذا الأمر هيناً؛ حيث كانت العشائر التركمانية العلوية الصوفية هنا تعمل كعصبيات مقاتلة أو «كنقابات حربية». ويصعب فرض خطط الدولة عليها؛ لأن لها أعرافها ومصالحها في ما يخص الغنائم والضرائب وملكية الأرض. وهو صراع قديم يمكن تتبع جذوره إلى عصر الفتوحات وخلاف عمر مع الصحابة وشيوخ العشائر العربية على تقسيم الغنائم والأرض كما سنرى.
وفي نفس الوقت، كانت العشائر التركمانية ترى نفسها شريكة للعثمانيين في فتوحاتهم، وترى أنه إما أن توزع الأرض المفتوحة من جهة كإقطاعات أو مشاعيات عليهم، أو أن تبقى الدولة تمولهم بدفعها أعطيات وتستخدمهم في حروبها فتنال نصيباً من الغنائم.
وكان هذا أهم سبب للخلاف بين السلاطين والعشائر في تاريخنا. وسيكون هنا عقائد وفقه وشرائع تدافع عن كل طرف وتبرر له رؤيته للعالم.
فالطرق الصوفية العلوية كانت متفشية بقوة في المجتمع التركي منذ قرون. وبمن فيهم أوساط البيت العثماني نفسه، وجيشهم الإنكشاري البكداشي. لكن هذه الطرق الصوفية العلوية، كانت غير ملائمة لمشاريع البيروقراطية التي تبحث عن بناء دولة قوية، مدعومة بريع ثابت من خراج الأرض لن يستوفى إذا ما وزعت كإقطاع ومشاعات على العشائر.
فالكثير من الطرق الصوفية العلوية كالبابائية ووريثتها البكداشية، أباحت حيازة الأراضي والغنائم عبر الغزو وتوزيع أنفاله على الثوار، سواء كعشائر أو أفراد. ولم تعترف هنا بعض هذه الطرق بقسمة الفقة السلطاني الحنفي، الذي يرى بقاء الأرض بيد الدولة، أي خراجية كما سنبين.
ولذلك كانت البابائية أكثر تعبيراً عن حال المهمشين العشائريين وغيرهم، بعكس طريقة صوفية أخرى معاصرة لها، هي المولوية، التي حضت التركمان على ترك الغزو ومبادلته بتعلم الحرف والاستقرار. ومن الطبيعي أن لا تتآلف العشائر الرعوية المتنقلة أو المحرومة مراعي ومواطن خصبة ومنيعة مع المذهب الحنفي الأصلح للسياسات الإدارية، أو المولوية، بل مع عقيدة تبيح له غزو العالم وتملكه (الشبيبي: ص332 ـ 334، 1982). ومن هنا تصاعد الخلاف بين القزلباش غير المعنيين بكره عمر أو سبّ عائشة، بل بمعارضة فقه قانوني ـ صادف أنه سني ـ يفكك كياناتهم ويضعفها.
وكانت هذه المعضلة قد واجهت الخليفة الثاني عمر بن الخطاب؛ إذ يروي قاضي العباسيين أبو يوسف، أن الوفود العشائرية وبعض الصحابة، قد طالبوا بتوزيع أرض البلاد المفتوحة على المقاتلين والعشائر، لكن عمر رفض ذلك! وأصر على إبقاء أهلها النبط عليها، مقابل الخراج الذي سيذهب لبيت المال، ويوزع بعدها على كامل الأمة.
وسيكون قرار عمر التاريخي هذا ـ مدعوماً من الإمام علي وعثمان وغيرهما ـ الحجة التي ستعتمدها المدرسة الحنفية الكوفية في تنظيم الخراج وملكية الأرض وتوزيع الغنائم (كتاب الخراج لأبو يوسف القاضي).
وبالمقابل، لم يتبنّ العثمانيون المذهب الحنفي أيام السلطان أورخان (1326 – 1362) بالضد من التصوف العلوي كهرطقة أو كفر، بل لتنظيم الدولة وفق أسس قوية، لا توفرها العقائد الصوفية العلوية المفتقرة إلى فقه إدارة وقوانين وضرائب. فاعتبرتها غير صالحة لتثبيت الدول الكبيرة، كما سيكتشف الصفويون لاحقاً. فالمدرسة الحنفية كانت مفضلة لتثبيت الدول الإسلامية في وسط ذي أغلبية ديموغرافية «كتابية» زراعية منتجة. فالرؤية الحنفية تقوم على عقد براغماتي، يركز على بقاء الأرض في يد أهلها مقابل الخراج. وبهذا تضمن السياسة الخراجية الحنفية بقاء الجهاز البيروقراطي غنياً قوياً مقابل العشائر. كذلك تمكن السلطة من احتواء النخب الكتابية السابقة وجمهورها.
وعلينا أن نلاحظ هنا أن أطول الدول الإسلامية عمراً كانت حنفية الإدارة من حيث المبدأ، كالعباسيين والعثمانيين.
والجدير بالذكر أن تاريخ المشرق منذ سقوط بغداد حتى «الفتح العثماني»، هو صراع سياسي إداري فقهي عشائري. فالقرن الـ15 هو القرن السياسي المثير الذي شهد محاولات جسورة من قبل الإداريين الطاجيك (وهي التسمية التي أطلقها الترك العشائريون على الإيرانيين الحضر)، لإعادة فرض القوانين الشرعية الفقهية السنية هنا، بالضد من قوانين الياسا المغولية العشائرية. ويبدو أن المنظومة القانونية الإدارية الياسوية قد أنهكت الزراع وحابت القوى العشائرية التركو ـ مغولية بمنحها الإقطاعات وفرضها قوانين ومكوساً لا حدّ لها ولا نهاية (Subtelny: 2007).
ومن هذه الخلفية التاريخية انطلقت مشاريع «الإصلاح» العثمانية التي تفجرت بسببها ثورة القزلباش.

ثورة القزلباش والسورغون

وإثر الإصلاحات المذكورة ثارت العشائر معتبرة أن محمد الفاتح خان الأمانة، وغدر بالعشائر التركمانية التي طالما نصرت فتوحات أجداده، وملته، مشكلة أحد أعمدة القوة العثمانية. ونظراً إلى «خيانة» محمد الفاتح لمصلحة اللوبي الإنكشاري، ذي الأصول العرقية «الأجنبية»، والذي يقف خلفه الفقهاء «الأشرار ذوو الثقافة الديوانية الفارسية والعربية الغريبة». فاستحق محمد الفاتح حسب ما أشيع عنه حينها لقب «عدو الترك»، والمقصود به هنا العشائر التركمانية (Winter: p12, 2010) (الدولة العثمانية المجهولة: ص176)!
وشملت الانتفاضات التركمانية تلك، الأناضول وشمال إيران. أي كل القوى العشائرية التي تضررت من إصلاحات الدولة العثمانية. التي يبدو أنه قد تخللها قطع معونات وأعطيات سلطانية لهذه القوى. وكانت أحد هذه الأسر المتضررة من هذا القطع، أسرة صوفية سنية التوجه بالأساس، وهم الصفويون، الذين كانوا حسب السجلات العثمانية متلقي أعطيات من قبل السلطة العثمانية قبل الإصلاحات ولفترة طويلة (Winter: p13, 2010).
وضمن ظروف التمرد تلك، تأسست حركة ذوي الرؤوس الحمر صوفية عسكرية، المعروفة بالقزلباش بالتركية على يد الصفويين. في البداية، لم تفهم إسطنبول طبيعة التمرد، مصنفةً إياه ضمن التمردات العشائرية المعتادة كما تبين السجلات العثمانية. ولم يكن هناك أي إشارة لكونها حركة مذهبية حتى إعلان الصفويين تبريز عاصمة. ومحرضة بقية الأمة التركمانية التي تنتمي إليها الأسرتان والممتدة من خراسان حتى البلقان على الثورة (Winter: p13, 2010).
ردّ العثمانيون بإغلاق الحدود مع إيران، وبتهجير آلاف العشائر التركمانية من الأناضول إلى قبرص والبلقان، حتى يمنعوهم من الالتحاق بالثورة، فزادت تلك الإجراءات من غضب القوى التركمانية، ما فجر انتفاضة (شاه كولي) عام 1511 التي قمعتها الأستانة (Winter: p13, 2010). وانتهت هذه الثورات، بانتصار العثمانيين على الصفويين بمعركة تشالديران.
وتبع هذه المعركة حملة قمع عثماني للقزلباش، أخذ أشكالاً مختلفة، منها القتل والتهجير. ولكن كلمة سورغون (Sürgün)، وهي العقوبة التي أنزلت بهم، تعني أشياء كثيرة، منها النفي والتهجير أو التصفية. ما يهمنا هنا أن القمع العثماني للقزلباش لم يعمر طويلاً. كذلك فإنه لم يكن بمنهجية وهوس محاكم التفتيش الإسبانية أو المملكة السعودية المعاصرة. فالتكايا الصوفية العلوية ظلت ناشطة بالمئات في الأناضول ومصر والشام والعراق. كذلك، إن المزارات الشيعية في العراق جددت ورممت وبعضها بني من جديد على أيدي العثمانيين (Winter: p13-15, 2010).

علاقة المجتمع التركي بالثقافة الصوفية العلوية

نجح دراويش متصوفة من العراق وإيران في اختراق العالم التركي القبلي، ونشروا نوعاً من الإسلام، تدور عقيدته حول شخصية الإمام علي، مع الإبقاء على شيء من العناصر الشامانية والنسطورية الماقبل إسلامية لدى الترك (فؤاد كوبرولو: 1922). وسيظل من خلال هذا التراث الصوفي للرموز العلوية، مكانة مركزية في الوعي السياسي والثقافي التركي لقرون لاحقة. فإذا كان الإسلام السني قد هيمن على القيادات التركية كسلاطين السلاجقة والعثمانيين لاحقاً، فإن التصوف العلوي تفشى وشاع بقوة بين عامة الترك رعاة وزراعاً وجنوداً. وسيتجلى ذلك بوضوح في الأناضول التي فتحها السلاجقة الترك عام 1071 إثر معركة ملاذكرد.
فبعد هذه المعركة الفاصلة، استوطنت العشائر التركمانية الأناضول. التي تقدر وقتها بـ 200 ـ 300 ألف مهاجر، فاختلطوا بسكانه من الروم والأرمن، المقدرين بـ7 ملايين نسمة، مكونين مجتمعاً إسلامياً مميزاً سيعرف بسلاجقة الروم (فارج وكرباج: 1994 ص183).
وبسبب الفوضى التي عمت الأناضول عقب الفتح السلجوقي لها، خرجت الكثير من العشائر التركمانية خالية الوفاض، وبلا أراضٍ أو ريوع تكفيها شر الفناء، فلجأت إلى التمرد والغزو. وكانت بعض العقائد الصوفية العلوية تعينها على ذلك كالبابائية ووريثتها البكداشية فتبنتها.
وكان «للسيولة» العقائدية التي كان عليها هؤلاء الترك، أن سهلت عليهم «تعايشهم» مع الأغلبية الرومية الأرمنية المسيحية في الأناضول، وذلك بفضل انتشار التصوف العلوي من الإسلام، الذي لم يكن حساساً من رموز المسيحية على مستوى الشعبي واليومي. ولم يكن معنياً بكره الصحابة، بل على العكس. ففي الاحتفالات الطقسية والأدبية لهؤلاء القوم كان حب آل البيت ولعن يزيد وبني أمية هو الأساس، لا الخلافات السنية الشيعية المعروفة.

تشيّع العثمانيين الشامي

وفي المقابل لم تشبه الدولة العثمانية السنية سابقتها الأموية «الجبرية» المعادية لآل البيت، ولا الدولة الوهابية السعودية المعادية التي تكفر كل أهل الأرض عدا حماتهم الغربيين. فعلاقة العثمانيين بالتراث العلوي الصوفي قديمة قدم إسلام الترك كما أسلفنا.
فلم يكن الأمر صدفة، بأن يستفيد العثمانيون العمليون والواقعيون، من التراث العلوي كالبكتاشية، ويعهدوا إلى شيوخها بتربية مماليكهم المسيحيين، أي الفرق الإنكشارية، لو لم تكن أصلاً فكرة الولاء لعلي وحبه متفشية ومقبولة بين الترك. وهذا ما كان عليه الحال بين القبائل التركمانية الأناضولية منها والإيرانية، حيث إن الكثير من هؤلاء كانوا ينخون علياً في ثوراتهم، وحروبهم.
فالرموز العلوية، كسيف ذو الفقار، وأناشيد وأشعار حب أهل البيت كانت حاضرة في صفوف المؤسسة العسكرية العثمانية وفرقها، ومتداولة بقوة بين النخبة الإسطنبولية، من رجال دين وسادة وموظفين عسكر وأدباء. هذا فضلاً عن مئات الطقوس والمزارات الشيعية والعلوية المنتشرة في العراق والأناضول والبلقان، التي كانت تنشط في الأرياف، وبعض المدن من دون أن تكون الدولة العثمانية مهمومة بالقضاء عليها (Winter: p7-8, 2010).
ولم تكن الدولة العثمانية استثناءً في تبنيها أو تسامحها مع هذه الرموز والطقوس العلوية الشيعية. ففيما كان شيعة بلاد الشام يتعرضون للمذابح والتهجير من قبل المماليك في القرن الـ14، كانت الدول التركمانية الكبيرة، منها والصغيرة، تتسامح مع الفرق الشيعية عموماً.
ولم يتخذ العثمانيون من البكتاشية مذهباً «رديفاً» للدولة، ويكاد يكون أساسياً، لأهم فرقهم العسكرية أي الإنكشارية فحسب، بل صار الحاج بكتاش، ذو الأصل الخراساني، بطلاً وطنياً وثقافياً وعسكرياً بين صفوف الترك.
ورعت الدولة العديد من الزوايا البكتاشية العلوية، التي أوقفت لهم أراضي ومصالح في القرنين الـ 14 والـ15، التي ظلت حية لفترة طويلة بعدها (p11 2010 :Winter).
وسيكون للفرق الإنكشارية وهي تقاتل تحت راية ذو الفقار، وأناشيد حماسية تمدح الأئمة الـ12 تتخللها صيحات «حيدر» و«علي» أثناء فتح القسطنطينية، وقمع العشائر القزلباش العلويين ومقاتلة الصفويين، والمماليك وغيرهم. وليس غريباً أن دعاء القدرة «السحري» (نادي علي مظهر العجائب) الشهير لدى الطبقات الشعبية في العراق وتركيا وإيران، يعود الفضل في نشره بين عامة الشيعة، إلى هذه الفرق، حيث كان دعاؤهم الأسمى (الشبيبي: 1982 ص341).
ويعتقد أيضاً أن الجيش العثماني الإنكشاري هو من نشر في كل البلاد الإسلامية رمز سيف ذو الفقار، لا كرمز للبطولة والفداء كما في التراث الصوفي العلوي فحسب، بل كراية للسلطان العثماني نفسه الذي لم يزل عن أعلام العثمانيين إلا بسحق الإنكشارية عام 1826 وإنشاء جيش حديث تبنى رموزاً أكثر حداثية وسلطانية ( p12, 2010 :Winter) (Hathaway: 2003, p171-172).
إن جريمة السورغون وانتصار تشالديران لم يكن انتصاراً سنياً على الشيعة، بقدر ما كان انتصاراً لمنطق الدولة السلطانية (صادف أنها سنية هنا) على العشائرية الصوفية التي صادف أنها (علوية الهوا).
وهو انتصار مأسويّ، ولكنه مهم؛ حيث أنهى أو حد من مرحلة سيادة السياسات العشائرية التي كانت قد سادت الشرق، وهيمنت عليه طويلاً، منذ سقوط الخلافة العباسية عام 1258.
فهل يشكل الكيان الاجتصادي (الاجتماعي - الاقتصادي) للعلويين الترك اليوم و«أنماط إنتاجهم» فرقاً جوهرياً يهدد وحدة البلاد ويمنع تقدمها؟ أم أنه ضمانة من ضمانات عدم الانجرار بمشروع الأسلمة الأردوغاني؟ وهل لحكام بلادنا الاستفادة من طاقات كل أبناء بلادنا وتنوعاتهم الثقافية؟
* كاتب وباحث عراقي

المراجع:
- The politics of households in Ottoman Egypt: the rise of the Qazdaġlis. (Cambridge Studies in Islamic Civilization.) By Jane Hathaway
- The Shiites of Lebanon under Ottoman Rule٬ 1516-1788 (Cambridge Studies in Islamic Civilization) by Stefan Winter
- Islam in Anatolia after the Turkish Invasion: 1922, Mehmet Köprülü
- “Timurids in Transition” by Maria E Subtelny 2007
- كتاب الخراج لأبي يوسف القاضي
- الصلة بين التصوف والتشيع ج2، 1982. كمال الشبيبي
- فيليب فارج ويوسف كرباج (المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي) 1994
- الدولة العثمانية المجهولة بقلم كوندوز وأزتوك 2008