الحرص المستقبلي على القوة السلفية
يدعي تيار المستقبل أنه يستمد قوته من ولائه للبنان أولاً. لكن المعضلة تكمن في أن اللبنانيين رأوا على شاشات التلفاز كوندوليزا رايس ترأس اجتماعاً موسّعاً لقوى 14 آذار في السفارة الأميركية عام 2006! ورأوا نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن يرأس اجتماعاً لهذه القوى قبل يوم واحد من الانتخابات النيابية عام 2009 في حديقة منزل نائب من هذه القوى في الحازمية! ورأوا وفداً من هذا الفريق يشارك في تكريم جون بولتون في واشنطن! أما المضحك المبكي فهو اتهام فريق الثامن من آذار بالعمالة لإيران وسوريا. من جهتي هذا ليس اتهاماً، وأقول هنيئاً لتبعية هذا الفريق لمحور إيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية والصين وروسيا، الذي يتصدى بشراسة طاهرة لمشروع التوسّع والقضم والنهب والضم والفرز. أقول لأبناء طرابلس وبيروت وصيدا، أنتم في الأساس أبناء جمال عبد الناصر ورشيد كرامي ومعروف سعد، وتصرفات تيار المستقبل، إنْ استمرّت، ستساعد الغرب على طمس معالم انتصارات وبطولات وأمجاد الشهداء والأجداد في بيروت عام 1982 وفي الانتصار على محور بغداد ــ إيزنهاور عام 1958. إن السلوك السياسي لتيار المستقبل خلال العشر سنوات المنصرمة، يُظهر بوضوح كيف تناسى أركانه أهداف مشروع الشرق الأوسط الجديد الساعي إلى إنهاء قيام أي مشروع نهضوي عربي، والساعي إلى إعطاء الكيان الصهيوني الغاصب شرعية الوجود على قاعدة استسلام المقاومين والشرفاء. إن تيار المستقبل مصرّ على إبقاء السلفيين أقوياء في لبنان، وهم الذين لم يعمدوا حتى الآن إلى القيام بنقد ذاتي تمهيداً لتقبّل الأيديولوجيا المقاومة الأخرى، ومشروعهم إنْ استمرّ وتعملق لن يؤدي إلا إلى تقسيم الأوطان العربية المقاومة. أقول لجماهير تيار المستقبل: لنتوقف عن توجيه سهامنا باتجاه المقاومة. تيار المستقبل يرفض فكرة المقاومة، وقد بات كالإنسان الذي لا يريد الزواج وفي الوقت عينه يريد منع غيره من دخول قفصه الذهبي، فضلاً عن تخوينه الجيش الذي أعاد بناءه على أسس وطنية العماد إميل لحود بمساعدة سوريا، وشنه حرب العزلة على المفتي قباني، ورغبته في تحويل السلفيين في لبنان إلى جيش للسنّة! والسلفيون قتلوا عناصر وضباطا من الجيش وأطلقوا اسم الفطائس على جثثهم الطاهرة. يخيفونكم من حتمية قيام ولاية الفقيه في لبنان، لكن يا ليتكم تدرون أن روسيا والصين وسوريا الأسد دول علمانية ترفض قيام أي شكل من أشكال الدولة الدينية في لبنان. حتى الآن السلوك السياسي لتيار المستقبل لا يوحي سوى بأن هذا التيار وداعميه من عرب الخليج المحلقين في الفلك الأميركي، لا يريدون سوى التطبيع مع العدو.
ريمون ميشال هنّود