أقفل المسالخ البشرية يا معالي الوزير
يحار المرء إذا ما أراد البحث في مشاكل لبنان، وقد يعجز عن تعدادها لكثرتها. فبلدنا الصغير مليء بأزمات لا تنتهي من السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع، إلى مستشفياته التي يفترض أن تكون محاطة بسلسلة إجراءات تطيمينية وتأمينية للشعب الذي أمرضته تلك المشاكل. وتفرض علي جملة من الملاحظات بعد زيارات لعدد من المستشفيات أن أكتب لمعالي وزير الصحة وائل أبو فاعور، شاكياً وضع القطاع الصحي، ولا أجمل جميع المستشفيات منعاً لتشويه السمعة ولإنصاف تلك المستوفية للشروط.
معالي الوزير اعتدناك تشحذ الهمم كشحذ سكين المطبخ وتقطع أوصال الفساد، تدخل إلى منطقة الممنوع مقفلاً مطاعم ومقاهي ومنذراً أخرى إلى أجل مسمى. ووصلت إلى حد إقفال مسالخ حيوانية، لكنك لم تصل بعد إلى إقفال مسالخ بشرية، تسلخ صحة المواطن وتفرم ما في جيبه.
معالي الوزير، لا بأس أن تتقمص دور أيمن زيدان في مسلسل "يوميات مدير عام". إخلع البدلات الـ signe. تساو مع الفقراء. ضع نظارات طبية سميكة واصبغ شعرك بالأبيض كي تبدو كبيراً في السن، كأي متقاعد لا يقبض الا النزر اليسير مما ترك الناهبون الكبار في دولة علي بابا وأكثر من 152 لصاً. بهذا الشكل ستكتشف المستور من أحوال المستشفيات التي يموت المعترون على أبوابها.
معالي الوزير تخطّ الأبواب وتسلل متنكراً إلى داخل تلك المسالخ إذا ما سمحوا لك بالدخول، ستجد الفوضى عارمة وقلة النظافة وعدم التعقيم، وعلى صحة السلامة تناول المدعمات والمضادات ضد البكتيريا والفيروسات التي لا تخجل من إظهار نفسها إلى العلن خاطبة ود المرضى والزائرين. أما رائحة الدهان في غرفة مجاورة لغرف مرضى بالربو وبسرطان الرئة (في أحد المستشفيات الكبرى)، فإن شممتها وتنفست بعدها بشكل طبيعي، فاعلم أنك مرضي الوالدين.
في العموميات لا في التفاصيل، أسأل معاليك عن كيفية وضع طفل ستجرى له عملية جراحية مع طفل آخر مصاب بفيروسات لا يستطيع التنفس من شدة سعاله دون اتخاذ أي معايير وقاية تضمن سلامة الأول. اسأل عن بقايا الأدوية والأوساخ التي تسكن الغرفة ولا تجد من ينقذها من الدعس تحت أقدام الزائرين ونشرها في أماكن أخرى داخل المستشفى.
معالي الوزير: هل يمكنك أن تضرب بعصاك خطوط أصحاب تلك المستشفيات الحمر، وهم إما حزبيون وإما محسوبون على أحزاب وتيارات ومرجعيات سياسية؟
أعرفك مذ كنت ناشطا في الحركات الطلابية في الجامعة اللبنانية، باسم الأعم الأغلب من الشعب نفوض إليك ونوكلك على اختلاف طوائفنا ومشاربنا مهمة فَقْءِ الدملة وتخليصنا من أعراض تحولها إلى ورم قاتل. فهل أنت مستعد للسير أكثر على درب الجلجلة؟ نرجو منك أن تضع حدا لفواتير العلاج التي ما تزال ترتفع يوميا بوتيرة أعلى من المتوقع، ولغش بعض شركات التأمين التي تنهب الجيوب دون إيفاء المواطن حقه.
معالي الوزير من ينجح في وضع حد للمحرمات ويجعل المستحيل واقعا، بإمكانه الاستقواء والمجاهرة بكتابة اسمه في التاريخ بأنه خلص لبنان من سرطانات الدواء والاستشفاء.
عذرا إن رفعت عقيرتي، فإنها شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ وآمُلُ أن تَقَرَّ بحزمكم، وهي نزلت عند من صغوه لنا وميله معنا.

وليد رضا
صحافي لبناني