قضايا المشرق | قلوب الأردنيين تتّقد شمالاً من الشام وُلدنا وإلـى الشام نعودتنتاب الأردنيين مشاعر القلق والخوف على سوريا، في ظل الأحاديث عن توجيه ضربة عسكرية من التحالف الغربي لهذا البلد العزيز على قلوبنا، وكيف لا وقد احتضنت سوريا الحركة الشعبية الأردنية طوال تاريخها منذ تأسيس الإمارة بغض النظر عن شكل الحكم وطبيعته. التجأ الوطنيون الأردنيون إلى سوريا في محطات عديدة من تاريخهم بعد فشل ثورة العشائر الأردنية (ثورة العدوان) 1928، فقد التجأوا هرباً من الملاحقة الأمنية وأحكام الإعدام الصادرة بحقهم، كذلك احتضنت سوريا الآلاف من الذين لجأوا إليها بعد الانقلاب الرجعي على حكومة سليمان النابلسي الوطنية عام 1957، التي أدت إلى استبدال النفوذ البريطاني بالأميركي في المنطقة العربية.

كانت سوريا الطبيعية حلماً للأردنيين مثل بقية أهل بلاد الشام منذ مبايعة الملك عبد الله الأول سنة 1921 من زعماء العشائر الأردنية على تحرير الوطن السوري من الفرنسيين وقيام الدولة الوطنية، التي كانوا يعدّون أنفسهم جزءاً أصيلاً في الوطن السوري. لا يزال ضباط وجنود الجيش الأردني الذين اشتركوا في حرب 1973 مع إخوتهم في الجيش العربي السوري في معارك الجولان يتحدثون عن ذكرياتهم بفخر وينقلون افتخارهم إلى الأجيال الجديدة من جنود الجيش العربي الأردني. ويتناقل الأردنيون الحديث بمحبة واحترام عن أسباب طرد أربعة ضباط كبار من الجيش العربي الأسبوع الماضي بسبب معارضتهم للتدخل الأردني ضد سوريا، ويتم تقدير موقفهم هذا شعبياً على أنه الموقف الطبيعي للجيش العربي الأردني في الأحداث التاريخية المفصلية. قد لا تكون آراء الشعب الأردني موحدة في النظرة إلى الأحداث المؤسفة في سوريا إلا أنهم متحدون ضد محاولات ضرب سوريا وتمزيقها ويشعرون بالسخط على آل سعود ولا يجدون تفسيراً لحقدهم على سوريا والسوريين إلا بكونهم أداة أميركية وإسرائيلية في المنطقة وكل حراكهم السياسي خدمة لمصالح أسيادهم حتى لو أدى ذلك إلى تدمير المجتمعات العربية تحت أوهام دينية باطلة وتفسيرات تصبّ في خدمة مصالح أسيادهم. إنني على اقتناع بأنّ الشعب الأردني لن يخذل شقيقه السوري ويشعر اليوم أكثر من أي يوم مضى بأنه أقرب إلى انتصار الوطن السوري الذي يحلم به.
* حركة اليسار الاجتماعي