تنورة ماكسي
طالعنا البرنامج النقدي المعدّ من قبل مجموعة الـ«شي إن إن» الذي يعرض على شاشة تلفزيون الجديد منذ نحو أسبوع بأسوأ عشرة أفلام سينمائية لبنانية خلال السنوات القليلة الماضية. وكانت المفاجأة بالنسبة إليّ عندما رأيتُ فيلم «تنورة ماكسي» الذي أخرجه المخرج الفذّ جو بوعيد مدرجاً ضمن عداد الأفلام العشرة السيئة. واأسفاه أن نستمر في لبنان في إطلاق الرصاص على ما بقي من جرأة وإبداع. ماذا فعل لكم جو بوعيد حتى تحقّروا فيلمه في لبنان؟ كل أوروبا وأفريقيا ومحبو السينما فيهما على خطأ وبرنامج الـ«شي إن إن» وحده على صواب؟
أقول ذلك لأني شاهدتُ فيلم «تنورة ماكسي» ثلاث مرات، ولم أرَ فيه أيّ مسّ بالديانة المسيحية الكريمة وبعقيدتها ولا بالكنيسة. الرجل أخبر قصة أبيه الذي كان راهباً يقيم القداديس، وعمد بعد ذلك إلى خلع ثوب الكهنوت والزواج بفتاة أحبّها كانت تأتي لحضور القداس، وثمرة الزواج كانت إنجابهما لجو مخرج هذا الفيلم الرائع. كَثُرت الأحاديث الملفّقة عن مشاهد للممارسة الجنسية العارية أمام مذبح الكنيسة. بأمّ عيني، وثلاث مرات رأيتُ اللاوجود لهذه التلفيقات _ الهلوسات. إلى متى سيستمر اللبنانيون في تحقير بعضهم؟ إلى متى سيستمر التعصّب الديني والطائفي والمذهبي والمناطقي الأخطبوطي حاكماً بأمره في لبنان، ذابحاً بأظفاره السامّة القاتلة؟ في لبنان، يا سادة، لكل حزب وطائفة مؤسساتهما التجارية الخاصة ومطاعمهما ومقاهيهما الخاصة.
المضحك المبكي أن فيلم «تنورة ماكسي» توّجته الجوائز السينمائية في كل أصقاع المعمورة، وفي لبنان ضُيّق على أيدي لبنانيين بالفيلم الضعيف الهشّ الكافر، وضُرب من بيت أبيه. يا للهول «تنورة ماكسي»، الأرض كلها وطنه وفي لبنان غريب.
جو بوعيد ثائر حيّ، وسيأتي اليوم يا أستاذ جو الذي ستكون فيه قيامة الثائرين الشهداء والثائرين الموتى من قبورهم في وطن جبران والريحاني وأحمد فارس الشدياق وعمر فاخوري وعمر الزعني وقبلان مكرزل. فعلاً لا يصح القول في التعصّب إلا جملة واحدة قالها أبو العلاء المعري الذي قطعت أيادي التكفير المتخلّف رأس تمثاله في معرّة النعمان في سوريا:
ولمّا رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً/ تجاهلتُ حتّى ظُنَّ أنّي جاهلُ
فواعجباً يدّعي الفضلَ ناقصٌ/ وواأسفا كم يُظهرُ النقصَ فاضلُ
وأبو العلاء هو الذي قال يوماً:
اثنان أهل الأرض: ذو عقلٍ بلا دينٍ وآخرُ دَيِّنٌ لا عقلَ له.
ريمون ميشال هنود