إن ما يسمى بـ «الجيش الحر» في سوريا، وهو المدعوم من التواقين إلى الاستعمار مجدداً، وكيف يكون حراً؟! ليست مكوناته سوى من مسلحي الإخوان المسلمين والحركات السلفية السورية، بدليل أنه حتى قبل دخول المجموعات التكفيرية لتنظيم القاعدة إلى الأراضي السورية عبر الأراضي التركية كانت شعارات ما يسمى بالجيش الحر: قائدنا الى الأبد سيدنا محمد إلخ... وصولاً إلى تسمية كل نهار جمعة من كل أسبوع بأسماء آيات قرآنية كجمعة إن ينصركم الله فلا غالب لكم، إلخ.
الحق الحق أقول إنّ المؤمنين بالدين وبعجائب السماء والمنضوين في الأحزاب العلمانية في شتى الأقطار العربية مؤمنين كل الإيمان بأن الأنبياء قوادهم الأوائل، لكنهم لا يتلفّظون بشعارات دينية علانية أثناء التظاهرات، لأن الأيديولوجيا العلمانية تفصل الدين وشعاراته عن العمل السياسي والوطني والقومي، وتنبذ التعصب الديني والطائفي والمذهبي.
ولمَن يسأل أين حقوق المعارضة الوطنية في سوريا؟ أقول له إذا كنت تقصد لماذا لا تتسلّم الجبهة التقدمية زمام الحكم أو مقاليده في سوريا، فإن الرئيس الأسد ليس من عشاق الكراسي، لكنه عدل عن هذه الفكرة لأنه كان يعرف بأن القوى التكفيرية في سوريا صاحبة الخلايا النائمة ستطالبه عندئذٍ بالمشاركة الفعلية في الحكم تمهيداً للانقلاب عليه في ما بعد، من دون أن تعمد إلى القيام بنقد ذاتي يزيل من نفسها فتن التكفير السام، ويزيل عن هيكلها أريج التكفير العفن. أما السيد ميشال كيلو وأنصاره القلائل العدد الذين يدّعون بأنهم جزء مهم من المعارضة الوطنية، باعوا وطنيتهم عندما أعلن كيلو عبر حديث تلفزيوني منذ أشهر إبّان التهديد الأميركي بقصف سوريا، بأن النظام سيسقط لحظة سقوط أول صاروخ أميركي على أول بقعة جغرافية سورية، وهو الذي كان ينتظر ذلك على أحرّ من الجمر، لكن محبي الأسد في العالم كُثُر وخصوصاً ذوو القمصان الحمر، جعلوا رهان كيلو على المستعمر الأميركي يخيب. إن التكفير وحده هو المشوّه لتعاليم الدين، وسلاح التكفيري ليس الحوار إنما التهديد والوعيد والقتل، وهو بسلوكه هذا باع مقولة الحساب بعد الموت على يد الله بقشرة بصلة. إن الجماعات التكفيرية في قاموس الطب النفسي تعاني أمراضاً نفسية وعقلية وعلاجها واجب طبي وإنساني. وكم آلمني رؤية بائع كحول على شاشة التلفاز في بلدة سلقين في ريف إدلب يُجلَد أربعين جلدة من قبل تكفيري لفظه بحر الإسلام، تماماً كما آلمني منذ أشهر إعدام بائع للقهوة في حلب الشهباء على يد تكفيري لأنه قال له لو نزل الرسول لا أديّنك ثمن فنجان قهوة بلغ 10 ل. س.
ريمون ميشال هنود