إدعاش بغنَّة أو إدغام بدعشة
تغيّرت المفاهيم والثقافات، وصلنا إلى الزمن الرديء، زمن الجهل الحضاري الممنهج، زمن صارت فيه العبادة طقوسا وممارسات، ليس للدين منها نصيب. صار الجاهل إماماً والإمام العارف مهدوراً دمه، ولا عجب من أمة تشتتت وذهب ريحها هباءً منثوراً. هذه الأمة التي وجدت لتكون سيدة الأمم بلا منازع، لما بينها من ترابط ووحدة مفاهيم ومبادئ ولغة وغيرها، لكن استطاع أذكياء أعدائها بث التفرقة واللعب على العصبية والمذهبية والطائفية والعرقية والعائلية... لم يترك أعداء هذه الأمة باباً ولا شباكاً ولا فتحة صغيرة ولا خرم إبرة يمكنهم من الدخول إلى بث الفتنة إلا ونفذوا من خلاله. واليوم نعيش نتائج هذه الفتنة التي زرعوها ويقطفون ثمارها بدون تعب أو جهد. فأبناء هذه الأمة يقومون بالمطلوب وأكثر...
عبدالله سلمان




■ ■ ■



معلولا والغرب

هل بدأت تتكشف الصورة الحقيقية لما يحدث في سوريا الآن بعد سيطرة «داعش» و«النصرة» على مدن رئيسية في سوريا، وتطبيقهما ما تعتقدانه «الشريعة الإسلامية» بمنتهى الفظاعة والقسوة مدفوعة بـ«فكر» تكفيري إلغائي وتصنيف «شرعي» لمن هو مسلم من غيره من أبناء الطوائف والمذاهب الأخرى. يثير ذلك، على الأخص، قلق المسيحيين وفي مقدمهم البطريرك لحام الذي يرى أن «الشرق من دون مسيحييه سيفقد هويته تماماً»، وذلك بعد معايشته المصائب التي حلت بهم من قتل وتهجير في العراق والآن في سوريا. يلفت البطريرك إلى أنّ «الفكر التكفيري يطال بالدرجة الأولى المسيحيين (...) بوصفهم الحلقة الضعيفة، كما يطال العلويين والدروز وكل من لا يعتنق فكرهم ورأيهم وشريعتهم». قال مراسل هيئة الاذاعة البريطانية في سوريا، جيريمي بوين، في مقابلة له أمس في لندن، «يعتقد المسيحيون السوريون أن أفضل ضمانة لهم هو بقاء حكم الأسد»، مضيفاً: «هم يخشون من استيلاء المسلمين المتشددين على الحكم والتنكيل بهم». وتابع بوين: «قال لي مواطن من معلولا، التي لا يزال أهلها يتكلمون الآرامية، لغة السيد المسيح: قبل ما يزيد عن ألفي عام أرسلنا إليكم من ينتشلكم من الظلام (في إشارة للسيد المسيح) والآن ترسلون إلينا من هو أسوأ» (في إشارة للتكفيريين)!
أنيس الريحاني