ذاب الثلج ...
احفظوا هذه الأسماء جيداً ولا تنوا عن مكافحة أصحابها بكل ما أوتيتم من حزن وقهر وإحباط.
لا تتحدوا يا عمّال لبنان وموظفيه في سبيل هذه المسألة. ليس اليوم وقت إضاعة الوقت ... فالوحدة كانت دائماً غولكم وعنقاءكم ورابع مستحيلاتكم. تنافروا وتنابذوا كما أنتم دائماً، وليعمل كلّ منكم بمفرده وعلى طريقته ومزاجه، إنما لا تُخطئوا التصويب. هدفكم واضح وسهل لأنه متعدد، فيه من أصحاب الألقاب ومن أصحاب الأعمال ومن القادة والزعماء ومن «زلم» المرحلة وقططها الشرهة.
عدوّكم جمهور قليل ـــ كثير، ولا عجب، فهو مجموعة النصف بالـ ... أربعة ملايين لبناني.
هدفكم المتعدد سهل وغير محصّن لأن المراءاة وقلّة الحياء لا تحمي. لم يعد لكم عذر، فلا تترددوا بعدما ذاب الثلج وبان المرج. لا تصدّقوا الذين يُسمّون أنفسهم «أوادم»، أصحاب الوجوه الصّفر من قلّة الدم، والأيدي الحُمر من كثرة الفرك. لا تُصدّقوا من يتزيّون بالبسملات الشفوية الكثيفة ويصطنعون الكياسة والمودة والتواضع وفعل الخير والغيرة على مصلحة الناس والوطن.
مشروع شربل نحّاس وتوابعه الزلزالية جاءت لتحمل إليكم الخبر اليقين، وتدلّكم بالحرف العريض عمّن هم أصحابكم ومن هم الأعداء، أعداء الأجور والحياة. تصريحاتهم التأليبية من أبراجهم الشفافة فضحت سترهم وكشفت عوراتهم البشعة، سواء منهم الذين أعلنوا عدم رضاهم عن قرار زيادة الأجور كما صدر، أو الذين حذّروا مما سمّوه تداعيات اقتصادية سلبية للقرار، أو الذين قالوا جهاراً نهاراً إنهم ضد مشروع الأجور الذي يتضمن «سلبهم» تلك النسبة الضئيلة ـــــ الضئيلة من أرباحهم العقارية، أو الذين اختاروا عبارة «إنه قرار سياسي» واعتمدوها كلمة سرّ التقطها أشباحهم فراحوا يمعنون في نشر عرض قرار مجلس الوزراء ليكرّوا بالتالي على دُريهمات الفقراء ... وفي هذا الوقت انطلق أصحاب المعامل في بهلوانيّاتهم الشريرة يملأون القصور صراخاً وتهديداً ... تارة بطرد العمّال (باعتبار أنهم يشغّلونهم كرمى لعيون الوطن)، وطوراً بالتظاهر والإضراب حتى العصيان المدني.
تصوّروا! المليارديرية الذين جمعوا ثرواتهم بالعبقرية وبالمبادرة الفردية وبالإحسان للناس والتضحية على جذع الأرزة، يُجبرون على إعلان العصيان المدني، بعد كل ما قدّموه وبذلوه من لحمهم النيّ!
ثمّة عُطلٌ كبير في آلة البلد. عُطلٌ كبير، والعديد من المشاكل التابعة.
ولعل المشكلة الأساس تكمن في ... الثوم.
ذلك أنه مهما غسلت الثوم بماء الورد، فلن تزول رائحته.

محمود بري